يأتي العاشر من مارس مُقبلا ً بذكرى فاجعة ٌ لا تُرتق ، وحُزنا ً لا يلتئم وجُرحا ً لا يَندمل ، فاجعة الفواجع حينما أقبل الموت حاملا ً فرسه وسيفه ليأخذ َ أبا هارون العميد فضل الطيار من أرضا كان فيها حاميا ً وساهرا ً وشجاعا ً ، وصدق والله صاحب الخبز في روايته ثمة آحزان لا تُبكي ، حيث ُ كان الحزن أكبر ُ من تصريفه عبر الدموع ! وحتى وإن بكيناه فلم نبكيه كما يستحق .. !
عام ٌ مضى بغياب العميد الطيار فضل النقيب الذي غيبه الموت عنا مُبكرا ً حينما صعد حافلة الشهادة متوجها ً إلى الأعلى مُفارقا ً هذه الدنيا وما عليها ، لكننا ما نسيناه بُرهه ، وأبدا لن نسمح للحزن أن يُفارقنا دقيقة ، قلوبنا تكاد تنفجر منذ اعلانك الرحيل في صباح العاشر من مارس قبل دورة كاملة للآيام إلى اليوم ،، أبا هارون ثمة خسارات وقعت بنا من بعدك لَعمري ، ثمة خسارات لو أردنا أن نبكيها كما يليق بها لأبكيناها دما ً لا دموعا ً ! ثمة نيران في الصدر لا تُطفئها بحار العالم فكيف بدمعه ، ثمة خيبات لا شيء قادرا أن يعيد الثقة إلينا من بعدك ، وثمة انكسارات لا تستطيع الدنيا برمتها عن ترميمها .
في ذكرى استشهادك أبا هارون ، نستذكر بطولاتك ونستذكر البعض من إخلاصك ووفائك لوطنك ، نستذكر ذلك الرجل الذي حطم أغلال العدو منذو الوهلة الأولى ، وكان صاحب الصافرة الأولى في كل المعارك السابقة حتى موته قبل عام ، وأعلن أن لا حياة إلا الحرية ، فكان أول المتمردين عن الموت وحياة الذلة والخنوع ، لقد قارعت الإحتلال وصنوفه بصوتك وأقدامك ، ولم تكن مجرد قائدا ً فقط ، ولا ملهما ً في الحرب فقط ، كلا ،، بل كنت مقاتلا ً تتقدم الجيوش وتخترق الصفوف لتصل بفرسك ورمحك إلى خط الموت وآماكن اللهب .
عام مضى على رحيل رجل المبادئ أبا هارون ، عام بآيامه ولياليه السود كانت بأمس الحاجة لتسرج لها من سراجك ، وتوقد لها من ضوئك ، ولَكمْ نحنُ و الوطن بحاجة إلى من يَنقذه بقليل فكر وتدبر وإرادة ، ولكن رحل صاحب المبادئ والإرادات و الأفكار ، وإن ّ أعظم الخسارات أن تخسر رجلا ً بحجم العميد الطيار … في هذه الذكرى الأولى من استشهاد العميد فضل النقب ، وداعا أبا هارون وداعا ً ،،، الخلود لروحك ،،،اليوم سنُعاهدك الوفاء لما سرت ، وسنظل على دربك سائرون ،،، على هذا أبداً لن نحيد … !