ليس هناك ما يبعث على الأسف والإستغراب والحزن معاً؛ أكثر من مواقف بعض الذين لا يرون في مواقفهم أية مخاطر تهدد الجنوب وتضعف جبهته الداخلية وتحول دون وحدة الصف الوطني الجنوبي؛ وهم الذين يبذلون قصارى جهودهم لشيطنة غيرهم والطعن في وطنيتهم؛ بل ويرون بأنهم غير مؤهلين لممارسة السياسة؛ ناهيك عن عدم إمتلاكهم لأي قدرات قيادية وفقاً لتقديرهم وقناعاتهم.
لقد أصيب الصف الوطني الجنوبي مع الأسف الشديد بأمثال هؤلاء؛ فهم يرون العيوب والأخطاء كلها عند غيرهم ممن يتقدمون الصفوف ويتصدرون المشهد السياسي العام؛ وفي ميادين وجبهات النضال الوطني المختلفة؛ والحديث هنا عن المجلس الإنتقالي الجنوبي بدرجة رئيسية؛ ومعه وإلى جانبه عدد آخر من الكيانات الوطنية والفعاليات الإجتماعية وبمسمياتها المختلفة؛ وهم الذين يعملون في ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد ويجابهون المخاطر والتحديات بصبر وثبات؛ ويقدمون أغلى التضحيات دفاعا عن قضية الجنوب الوطنية المشروعة والعادلة.
فالأوضاع القائمة اليوم وعلى إمتداد خارطة الجنوب الجغرافية والإجتماعية معروفة للجميع بأنها شائكة ومركبة ومتداخلة إلى درجة مقلقة؛ مما يضاعف من حجم التحديات في طريق الإنتصار للمشروع الوطني الجنوبي؛ وهو ما يجعل من حدوث الأخطاء وأوجه القصور المختلفة أمراً وارداً في عمل وطني عظيم كهذا؛ وعوضا عن مؤازرة هؤلاء والوقوف إلى جانب إخوتهم والتجاوب مع الدعوات المتكررة للملمة الصفوف وتوحيد الرؤى والموقف؛ عبر إثراء مسيرة الحوار الوطني الجنوبي والمشاركة الفعالة فيه وتقديم ما لديهم من أفكار ورؤى بشأن مستقبل الجنوب؛ نجدهم مع الاسف الشديد في موقف الشامت والمشكك في كل شيء؛ أملا في تشويه مواقف غيرهم والنيل من دورهم الوطني الهام في هذه المرحلة المفصلية والخطيرة؛ مهما كانت الملاحظات النقدية الجادة على أدائهم وطرق عملهم والوسائل المتبعة في أنشطتهم المختلفة؛ والتي آن الأوان لتجاوزها بشجاعة وتصحيح وتصويب كل ما شاب الفترة الماضية من سلبيات وأخطاء؛ ووفقا لتقييم جاد ومراجعة موضوعية؛ وعلى أسس وقواعد ومعايير وطنية صارمة.
وعلى رغم كل ما يبذله البعض ضد من يعتقدون بأنهم خصومهم وأعدائهم على ساحة الجنوب الوطنية؛ فإنهم مع الأسف يقفون ومن حيث لا يدرون ربما؛ ضد قضية شعبهم وإرادته الوطنية؛ ولن تمنحهم مواقفهم المؤسفة هذه وزنا يذكر؛ ولا هي السبيل الصحيح والمناسب لزيادة رصيدهم الوطني عند الناس؛ بل ويسيء كل ذلك لهم قبل غيرهم؛ الأمر الذي يجعلنا ندعوهم بإخلاص وطني صادق لمراجعة مواقفهم والتغلب على نوازع الذات وشخصنة الأمور وسوء الظن بالآخر؛ وجعل الحوار وسيلة للتفاهم والتوافق الوطني؛ فالجنوب يحتاج لكل أبنائه اليوم أكثر من أي وقت مضى.