في ظل وطنٍ مُثقَل بجراح الفساد الذي ينهش مؤسساته كما ينهش السوس جذع الشجرة، ظهرت شخصيات قليلة تُشبه شعاع الشمس المتسلل عبر غيوم كثيفة،د.صلاح الشوبجي ، مدير مديرية البريقة، واحدٌ من هؤلاء النادرين الذين ما زالوا يُمسكون بجذور النزاهة رغم أمواج الانهيار المتلاطمة من حولهم،في واقعٍ أفرز مجتمعين متباينين، الأول ينوء تحت وطأة الجوع والفقر، حيث تنطفئ أحلام الكبار قبل أن تُزهر، والأطفال ينامون على وعودٍ جوفاء،والثاني يغرق في وحل الترف والبذخ، مُتخمًا بما سُلب من حقوق الغير، يظهر صلاح كصخرة ثابتة وسط نهرٍ جارف.
رغم الإغراءات، ورغم الضغوط التي تُمارَس عليه ليُشارك في لعبة الفساد، اختار أن يكون شاهدًا على النزاهة في زمن عزَّ فيه الشرفاء،برز كمناضل حديث، ليس في ساحات المعارك العسكرية، بل في معركة القيم والأخلاق، مُدافعًا عن كرامة المواطن البسيط ومُحاربًا آفاتٍ ابتلعت الكثير ممن سبقوه.
البريقة ، المديرية التي يُديرها، تبدو كاستثناءٍ نادر وسط خريطة الفساد، وكأنها منطقة مُحصنة بقيم الرجل الذي يقف على رأس إدارتها، وجود شخصيات كنموذج صلاح الشوبجي يُعيد إلى الأذهان أن الوطن، رغم معاناته، لم يخلُ بعد من رجالٍ يُدركون أن المناصب مسؤولية، وليست غنيمة،ومع تفاقم الفجوة بين الفقراء والأغنياء، ومع تفشي الظلم حتى كاد يُصبح قاعدةً لا استثناء، تظل قصص النزاهة كقصة هذا الرجل بمثابة تذكيرٍ بأن التغيير يبدأ دائمًا بمن يرفضون الانصياع للفساد مهما بلغت مغرياته.