يستعد الشرق الأوسط لعام 2025 وسط تحولات جذرية في المشهد الجيوسياسي، حيث تؤثر الحروب الإقليمية والتغيرات السياسية الكبرى على استقرار المنطقة. وفقًا لتحليل نشره “صندوق مارشال الألماني” (GMF)، فإن التوترات بين إسرائيل وإيران، وتصاعد الصراع في غزة ولبنان، وسقوط نظام الأسد في سوريا، كلها عوامل تعيد تشكيل الأعمدة الجيوسياسية للمنطقة، مما يفرض تحديات غير مسبوقة على القوى الدولية والإقليمية.
التحدي الإيراني والضغوط الأمريكية
تُشكل إيران التحدي الأبرز للسياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة، حيث تعود واشنطن إلى سياسة “الضغط الأقصى” لمحاولة كبح الطموحات النووية لطهران. في المقابل، يبقى رد إيران غير متوقع، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات تصعيد اقتصادي وعسكري قد تمتد تداعياتها إلى المنطقة بأكملها.
سوريا بعد الأسد: فراغ السلطة وتداعياته
مع رحيل الأسد، تلوح في الأفق مرحلة انتقالية غير واضحة المعالم. الولايات المتحدة، التي أوضح رئيسها الجديد مرارًا عدم رغبته في الانخراط في سوريا، قد تترك عبء إعادة الإعمار على عاتق أوروبا والخليج وتركيا. بينما تسعى أوروبا لتأمين عودة اللاجئين، تخشى أنقرة من تصاعد التهديدات الإرهابية أو تفاقم الفوضى في الشمال السوري.
مستقبل غزة وإسرائيل والنظام الإقليمي
في ظل استمرار التصعيد في غزة وتوجه الحكومة الإسرائيلية نحو استبعاد أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين، يبدو أن جهود الإدارة الأمريكية لتعزيز اتفاقيات التطبيع تواجه عقبات كبيرة. فبينما تسعى واشنطن لتوسيع نطاق اتفاقيات أبراهام، يبقى غياب حل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عاملًا معقدًا يُعرقل جهود إحلال الاستقرار.
الصين وروسيا: تعزيز النفوذ في ظل الفراغ السياسي
مع انشغال الولايات المتحدة بملفاتها الداخلية والتزاماتها العالمية الأخرى، قد تجد روسيا والصين فرصًا لتعزيز نفوذهما في الشرق الأوسط، سواء من خلال التعاون العسكري والاقتصادي أو من خلال تعطيل الأولويات الأمريكية في المنطقة.
ما الذي يحمله 2025 للشرق الأوسط؟
بحسب التحليل، فإن الشرق الأوسط يمنح الإدارة الأمريكية الجديدة فرصة لإحداث تحول استراتيجي، لكنه يحمل أيضًا مخاطر زعزعة الاستقرار. فبينما قد تؤدي توسيع اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية والتوصل إلى تفاهمات مع إيران إلى تعزيز دور واشنطن، فإن ذلك يتطلب قيادة حازمة وقدرة على مواجهة التعقيدات الإقليمية، خاصة في ظل تزايد الضغوط من إسرائيل وحلفاء واشنطن المحافظين.
في النهاية، يبقى الشرق الأوسط في 2025 عند مفترق طرق، حيث سيتحدد مستقبل المنطقة بناءً على توازن القوى، والتحركات الدبلوماسية، ومدى قدرة الأطراف الفاعلة على التعامل مع الأزمات الناشئة.