الصدارة سكاي / د. أمين العلياني
من المستفيد فيما يجري من تقويض الأمن وتمزيق الهوية الجنوبية في محافظات الجنوب المحررة في مرحلة حساسة وفاصلة من خلال تشكيل كيانات تظهر بطوابع قبلية أو تحالفات جهوية، تظهر في أحقية مطالبها تحقيق مشاريع حقوقية وتبطن تحتها نوايا سياسية ممولة من أجندات حزبية شمالية ماليًا ومساندات خارجية تشريعيًّا، بهدف التمزيق والإعاقة للوحدة الجنوبية واستحقاقاتها السياسية، في الوقت الذي يجب أن يظهر هذا الوعي والدعم لتشكيلات وكيانات بطوابعها القبلية والحزبية والدينية في مواجهة العدو الحوثي المشترك، لكي تعمل على توحيد الجهود والسير بها نحو صنعاء، بمساندة ودعم ماليًا ولوجستيًا وتشريعيًا من التحالفات الدولية والإقليمية والأطراف الشمالية نفسها، لأن ما يتراءى اليوم في تشكيلات بمختلف التوجهات التي لا تخدم الجهود في سبيل تحرير صنعاء بقدر ما يؤشر على تمزيق وحدة الهوية الجنوبية في محافظاته المحررة، وهذه التناقضات بالتأكيد مؤشر واضح أن المستفيد الأول منها الحوثي المدعوم والمسنود إيرانيًا والمتخادم أخوانيًّا.
والمتأمل في مسار الجهود الأمريكية المتناسقة مع التوجهات الإقليمية في تحرير صنعاء وتقليم أظافر الحوثي يقابله بصورة واضحة تمويل وتصدير ومساندة وتخطيط لنشر الفوضى في محافظات الجنوب من خلال تشكيل كيانات ومكونات ذات طوابع هوياتية من نخب سياسية حزبية معلنة الولاء لمشاريع شمالية تعلن ظاهريًّا بمطالب حقوقية، لكن هدفها تمزيق الجنوب، بالوقت الذي يجب أن يتشكل هذا الوعي، ويدار في مسار تمزيق حواضن الحوثي القبلية الكبيرة التي هي أساس عميق وكبير لحواضن قوى الشرعية اليمنية الشمالية التي صارت خط الدفاع الأول للمشروع الحوثي إذا قورنت بقلة الحوثيين المؤمنين بفكرة الأحقية بالحكم بالاستحقاق الإلهي بالولاية التي تدعمها إيران*
ولكي يعرف القارئ الكريم في الجنوب المتحالف مع القوى اليمنية الشمالية بوعي أو دون وعي أو حتى الذين يزعمون أنهم بما يقومون به من تمويلات هدفها تمزيق المشروع الجنوبي سواء أكان يمنيًّا شماليًّا أم عربيًا أم إقليميًّا أم ودليًّا ام أحزاب ام مؤسسات وتنظيمات ام مناصرات إعلامية لا يقدر أن يغير قناعات الناس من هويتها الجامعة بعد أن مورس بحق الجنوب الضم والالحاق والتهميش والنهب والسلب والنهب والتعذيب والقتل والتفجيرات لمحددات اعتبارية اهمها اللغة والثقافة والمدينة والتجانس والولاء والهوية والانتماء والتاريخ والتراث والسيادة والمكونات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والروابط الإجتماعية والقدرة على حماية المكتسبات والحدود والممرات الدولية والمواقع الاستراتيجية وتوحيد الاصطفاف الوطني الجامع.
ومن باب التعريف أحب أن أضع القارئ من أن الجنوب دولة بحدودها وهويتها وسيادتها الذي يجسدها مشروع نضال ونظام فيدرالي رسمت حدوده دماء زكية لقوافل من الشهداء على مختلف المستويات منها:
– السياق التاريخي: من الوحدة إلى الاحتلال:
بعد وحدة 1990 بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب) والجمهورية العربية اليمنية (الشمال)، سرعان ما انهارت الشراكة بانقلاب الشمال العسكري في حرب 1994، ظالمة تحت مبررات أيديولوجية استباحت الأرض والإنسان معًا وقُصِفَت خلالها عدن بالطيران ومدن الجنوب بالمدافع ، وسيطرت قوات الاحتلال الشمالي على موارد الجنوب، وحُوصرت هويته السياسية والاقتصادية.
وبهذا لم تكن الحرب التي شنتها ضد “الانفصاليين” كما زُعِم، بل كانت احتلالّا مكتمل الأركان لنهب ثروات الجنوب، من النفط في حضرموت وشبوة وتهريبه إلى الموانئ وتشييد به البنية التحتية في محافظاتهم وتكوين بنوك خاصة بهم.
– المقاومة الجنوبية: من المسلح إلى السلمي:
– قدم المحتل اليمني كثيرًا من سياسات الاحتواء، لكن الغالبية الكبرى من الجنوبيين رفضوا سياسة الاحتواء الشمالي عبر:
1.المقاومة المسلحة: حركات مثل “موج” و”حتم” في مطلع الألفية.
2.الحراك السلمي: منذ 2007، تحوّل النضال إلى احتجاجات مليونية بقيادة “مكونات الحراك الجنوبي”، الذي طالب بالاستقلال أو فيدرالية عادلة، لكن صنعاء قابلت المطالب بالقمع، وصفتها بـ”الخيانة” العظمى بل وبعضهم وصف الخروج عليها أنه خروج من ركن من أركان الدين .
3.المجلس الانتقالي الجنوبي (2017): الذي تشكل بتفويض شعبي فوض به الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي ليصبح كيانًا سياسيًّا معترفًا به إقليميًا ودليًّا ،حتى مثّل تطورًا نوعيًا في التنظيم، خاصة بعد تحرير عدن من الحوثيين بدعم من التحالف العربي.
أدوات إعاقة المشروع الجنوبي:
1. تمويل أحزاب شمالية لكتل جنوبية مؤطرة تحت فكر أيديولوجي وتأطيرات حزبية ومنافع برجماتية مثل المؤتمر الشعبي العام (سابقًا) والإصلاح الذي يمول شخصيات جنوبية لخلق انقسام، وتظهر هذه الدعوات من خلال مصطلحات سياسية تسيء للمجلس الانتقالي الجنوبي ورموزه كـ”الانتقالي الاشتراكي” أو “المجلس الجنوبي العفاشي.
– خطاب “الوحدة المقدسة”
يُستخدم هذا المصطلح بهز خلق منافذ للتشويه بالجنوبيين كـ”انفصاليين”، بينما يُغض الطرف عن انقلاب الحوثيين المدعوم إيرانيًا أو اخفاء تخادم الإخوان المسلمين مع الحوثيين.









