في ذكرى أليمة تُحييها الذاكرة الجنوبية كل عام، يُستذكر اليوم جريمة الاغتيال السياسي البشعة التي راح ضحيتها عددٌ من أبرز الدبلوماسيين والقيادات الجنوبية، بينهم وزير الخارجية آنذاك محمد صالح عولقي، إثر تفجير طائرتهم في ٣٠ أبريل ١٩٧٣م أثناء رحلتهم بين عتق ومطار الغرفة.
بحسب ما يرويه المحلل السياسي د. حسين لقور في مقال له على منصته الإلكترونية، فإن هذه الجريمة لم تكن سوى حلقة في سلسلة تصفيات جسدية طالت عشرات الكوادر الجنوبية اللامعة التي عارضت سياسة “اليمننة” ومشاريع التبعية التي قادها المتمركسون وأنصار عبد الفتاح إسماعيل، الذين استخدموا العنف والاغتيال وسيلةً للوصول إلى السلطة وإسكات الأصوات الوطنية.
ويشير لقور إلى أن هذه الحقبة شهدت حملة ممنهجة لتصفية المثقفين والقيادات المؤثرة، سواء عبر الاغتيال المباشر، أو الاعتقال التعسفي، أو النفي القسري، بهدف إفراغ الجنوب من كفاءاته وضمان سيطرة “المناضلين الجدد” – كما يُسَمّون أنفسهم – وهم في الحقيقة “جهلة دمويون” تسلقوا على نضال الشعب بدماء الأبرياء.
وتكشف التحليلات أن اختيار طائرة الدبلوماسيين لتنفيذ الجريمة لم يكن عبثياً، بل لأنها جمعت نخبة من الوزراء والدبلوماسيين العائدين من مؤتمر رسمي في عدن، تحت ذريعة “جولة ميدانية” لتفقد أوضاع المحافظات الشرقية.
هذا التكتيك – كما تؤكد مصادر د. لقور – جعل العملية “أكثر فاعلية” من حيث تصفية أكبر عدد من المعارضين دفعة واحدة.
بعد أكثر من خمسة عقود، لا تزال هذه الجريمة جرحاً مفتوحاً في ضمير الجنوب، وشاهداً على حقبة سوداء من تاريخه، حيث سُفكت دماء الأبرياء باسم الثورة والوطنية الزائفة. اليوم، يُطالب الكثيرون بإعادة فتح الملفات وكشف كل المتورطين، لأن العدالة – وإن تأخرت – تبقى حقاً لا يسقط بالتقادم.