عقب حرب العراق، قرر مكتب التحقيقات الفيدرالي أنّ جورج بيرو اللبناني الأمريكي الذي يتحدث العربية، هو الشخص المناسب لاستجواب الرئيس السابق صدام حسين، بعد أن استجوبته وكالة المخابرات المركزية.
تعرّض بيرو لضغوط هائلة ليحصل من صدام على الحقيقة بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية، وعلاقاته المزعومة بالقاعدة، وفق ما أكده لشبكة “سي إن إن” خلال لقاء معها.
وعلى مدى (7) أشهر، تحدث بيرو معه لساعات عديدة في اليوم، مع عدم السماح لأيّ شخص آخر بدخول غرفة الاستجواب. واكتشف خلال الاستجواب أنّه لا توجد أسلحة دمار شامل، وأنّ صدام كان يحتقر أسامة بن لادن زعيم القاعدة.
وبحسب المقابلة، فقد أكدت مناقشات صدام حسين مع بيرو أنّ حرب العراق كانت الخطيئة الأصلية لأمريكا في فجر القرن الـ (21)، حرب خاضتها بافتراضات خاطئة، وصراع أسفر عن مقتل الآلاف من القوات الأمريكية ومئات الآلاف من العراقيين.
كما أضرت الحرب بمكانة أمريكا في العالم، ومصداقية الحكومة الأمريكية بين مواطنيها. حتى التاريخ الرسمي للجيش الأمريكي في العراق خلص إلى أنّ الفائز الحقيقي في حرب العراق لم يكن أمريكا… كانت إيران.
بعد استجواب صدام، صعد بيرو إلى مناصب رفيعة في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتقاعد في تموز (يوليو) كعميل خاص مسؤول عن مكتب ميامي الميداني. وهو الآن يكتب كتاباً عن استجواباته المطولة لصدام.
بيرو الذي يستعدّ لنشر كتاب عن تحقيقاته هذه، كشف أنّه حين قابل صدام لأول مرة، اكتشف الأخير وفي غضون أول (30) ثانية فقط شيئين عنه، حين أخبره أنّ اسمه جورج بيرو، إذ سأله صدام على الفور: “هل أنت لبناني”؟ فأخبره أنّ والديه لبنانيان.
ثم قال له: “أنت مسيحي”، عندها سأله إذا كانت لديه أيّ مشكلة في ذلك، إلا أنّه لم يُبدِ أيّ اعتراض، بل قال له: “أحب اللبنانيين”.
إلى ذلك، كشف بيرو أنّه أمضى في استجواب الرئيس العراقي السابق حوالي (7) أشهر، وأوضح أنّه مع مرور الوقت بات يمضي ساعات طويلة مع صدام تتراوح بين (5 إلى 7) ساعات يومياً.
وتابع بيرو: لقد تحدثنا أنا وهو عن إعدامه الوشيك، لأنّه كان يعلم أنّه سيُدان ويُعدم، وأراد أن يتغلب على صورة أن يتم سحبه من الحفرة أشعث الشعر، كانت محاكمته وإعدامه مهمّين لمحو تلك الفكرة.
وفي 19 آذار (مارس) 2003 أمر الرئيس جورج دبليو بوش بغزو الولايات المتحدة للعراق، وكان بوش وكبار المسؤولين في الإدارة قد أخبروا الأمريكيين مراراً وتكراراً أنّ صدام حسين كان مسلحاً بأسلحة الدمار الشامل، وأنّه متحالف مع القاعدة.
هذه المزاعم أدت إلى اعتقاد معظم الأمريكيين أنّ صدام متورط في هجمات 11 أيلول (سبتمبر) في العام 2001، وبعد عام من أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، قال ثلثا الأمريكيين إنّ الزعيم العراقي ساعد الإرهابيين، وفقاً لاستطلاع مركز بيو للأبحاث، رغم عدم وجود دليل مقنع على ذلك، ولم يكن بحوزته أسلحة الدمار الشامل التي زعم المسؤولون الأمريكيون وجودها.