في زمنٍ تتزاحم فيه الأحداث وتتعدد فيه المواقف، تبقى المواقف الصادقة وحدها التي تكتب أسماء الرجال في ذاكرة الوطن، وتصنع المجد من رحم المعاناة. وفي الوطن الجنوبي حيث ميادين التضحية والفداء، تتجسد البطولة في صورة القائدٍ الاستثنائي ابو قاسم الذي جمع بين صلابة الميدان وإنسانية القيادة وصدق الانتماء، ليصبح رمزًا وطنيًا يُحتذى به في زمنٍ تاهت فيه الموازين وبرز فيه معدن الرجال الأصيل.
منذ توليه قيادة اللواء الأول صاعقة، أعاد هذا القائد رسم مفهوم القيادة بمعناها النبيل؛ فكانت القيادة عنده مسؤولية قبل أن تكون رتبة، ورسالة قبل أن تكون سلطة.قائدٌ لم يعرف يومًا لغة البُعد عن الميدان، بل عاش تفاصيله لحظةً بلحظة، مؤمنًا أن النصر الحقيقي لا يُصنع بالعدة والعتاد فقط، بل بالإيمان بالقضية وروح التضحية التي تسكن قلوب الأبطال.ويشهد له رفاق السلاح بأنه قائدٌ من طرازٍ مختلف، يجمع بين الحزم والتواضع، والقوة والرحمة يرى في كل جنديٍ ابنًا له، وفي كل شهيدٍ وسامًا يعلو به الوطن.وفي كل موقفٍ مفصلي، نجده في مقدمة الصفوف، يقود رجاله بثقةٍ واقتدار، مجسدًا القائد الذي لا يوجّه من بعيد، بل يتقدم بخطى ثابتة
لم تقتصر مسيرة القائد الصولاني على ميادين العزة والكرامة بل امتدت لتشمل ميادين الوفاء والعطاء الإنساني.ففي لفتةٍ تعبّر عن أصالة القائد ووفائه، بادر مؤخرًا العميد عبدالكريم الصولاني إلى تكريم أسر شهداء اللواء الأول صاعقة بالتزامن مع الذكرى الـ 62 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، في احتفاليةٍ حملت رسائل إنسانية ووطنية عميقة.
كانت المبادرة ترجمة صادقة لمعاني الوفاء والعرفان لمن قدّموا أرواحهم فداءً للوطن، ورسالة لكل من يحمل راية النضال بأن تضحيات الشهداء ستبقى حاضرة في الوجدان ما دام في الجنوب رجال أوفياء.
بهذه الروح القيادية، تحوّل اللواء الأول صاعقة إلى نموذجٍ يُحتذى في الانضباط والتنظيم والجاهزية القتالية، حتى أصبح من أبرز التشكيلات التي يُعتمد عليها في الدفاع عن الجنوب وصون سيادته.وفي ظل إدارته الحكيمة، تمازجت روح المقاتل مع فكر القائد، وتحوّل اللواء إلى مدرسة في الولاء والالتزام والانتماء.ويجمع من عرفه عن قرب أنه قبل أن يكون قائدًا عسكريًا، فهو إنسان نقيّ القلب صادق الانتماء، بسيط في تعامله، كبير في مواقفه.لا يسعى وراء الأضواء، ولا يتحدث عن إنجازاته، بل يجعل من العمل الميداني والنجاح الجماعي طريقًا لترجمة إخلاصه للوطن.قريب من الناس، محب لجنوده، حريص على تماسك وحدته العسكرية وتلاحم صفوفها، مؤمن بأن الجيش ليس مجرد مؤسسة، بل روح وطنٍ حيّ لا يموت.
إن مسيرة هذا القائد تمثل لوحةً من العطاء الوطني والإنساني المتكامل، فيها البطولة وفيها التواضع، فيها القوة وفيها الرحمة.لقد اختصر في سيرته معنى أن تكون قائدًا حقيقيًا؛ قائدًا يصنع النصر بصمته، ويزرع الوفاء في قلوب رجاله، ويكتب التاريخ بعرق الميدان لا بحبر التصريحات.
وفي زمنٍ يبحث فيه الوطن عن رموزه الحقيقية، يظل هذا القائد واحدًا من أولئك الذين صاغوا ملامح المجد بصمت، ورسموا وجه الجنوب بالعزّة والكرامة فهو شاهدٌ على أن الوفاء لا يُقال بل يُمارس، وأن حب الوطن لا يُرفع شعارًا بل يُترجم تضحيةً في الميدان وعملًا صادقًا على الأرض.