الحديث عن المناضل العميد عبدالله مهدي سعيد في محافظة الضالع، ليس حديثًا عن منصبٍ أو موقعٍ قيادي، بل عن تجربة وطنية متجذّرة، ورمزٍ نادر جمع بين قوة الموقف ونظافة اليد، بين الصدق في القول والوفاء بالفعل، وبين المسؤولية كتكليف لا كتشريف.
هذا الرجل لم يكن رقمًا في قائمة المسؤولين، بل كان حالة استثنائية في زمنٍ استثنائي. قائدٌ لم يأتِ إلى موقعه بحثًا عن جاهٍ أو نفوذ، بل جاء محمولًا على أكتاف الثقة الشعبية، والشرعية الأخلاقية التي لا تُمنح إلا لمن أثبتوا أنفسهم في ميادين التضحية والعمل.
عبدالله مهدي سعيد هو ذاك القائد الذي خبرته الجبهات، واحتضنته الخنادق، وسجّلت له ساحات الضالع أروع ملاحم الصمود. رجلٌ لا تُعرّفه المناصب بل يُعرّفها، ولا تصنعه الكراسي بل يصنع لها الهيبة والمعنى.
في أحلك الظروف، حين تخلّى كثيرون، بقي القائد عبدالله مهدي سعيد ثابتًا كالطود، لا يساوم على مبادئه، ولا يتراجع عن مواقفه. حمل الضالع في قلبه لا في ملفٍّ على طاولة الاجتماعات، وجعل من المواطن أولويته القصوى، فكان يسمع قبل أن يُطلب، ويتفاعل قبل أن يُنادَى، ويعمل بصمتٍ كأن الإنجاز واجب لا يستحق التصفيق.
لقد أصبح المناضل العميد عبدالله مهدي سعيد جزءًا لا يتجزأ من نسيج الضالع، من تاريخها النضالي، ومن حاضرها المؤسسي، ومن تطلعات أبنائها نحو مستقبل أفضل. بصماته محفورة في كل شارع، وكل مرفق، وكل قصة نضال حقيقي. هو عنوان للثبات والصدق والإخلاص في زمن المتغيرات والتقلبات.
وإننا، إذ نكتب عن هذا القائد، فإنما نكرّم الحضور القوي، والتأثير الحيّ، والقيادة التي تُحتذى، لا تُختزل في عبارات، ولا تُقاس بموقع. لأن القامات الكبيرة لا تحتاج إلى مقدمات، ولا تُعرّف إلا من خلال أعمالها، وتاريخها، ومكانتها في قلوب الناس.
ولهذا، فإن الوفاء لتاريخ المناضل العميد عبدالله مهدي سعيد، ونهجه ومسيرته النظيفة، يفرض علينا جميعًا أن نتمسك بالمبادئ التي أرساها، وأن نحمي الإرث الذي بناه بعرقه، وأن نواصل السير على ذات النهج بثقة وشرف، حتى تبقى الضالع شامخةً، وفيةً لأبنائها المخلصين، وعصيةً على كل محاولات التقليل من رموزها الوطنيين.
ومن هذا المنطلق، فإننا نرفع صوتنا بدعوة صادقة إلى القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة بالقائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وكل القوى الوطنية المخلصة، أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في الحفاظ على هذه القامة الوطنية الكبيرة، العميد عبدالله مهدي سعيد، والوقوف إلى جانبه ودعمه بكل السبل، لأنه لم يكن يومًا مجرد قائد إداري أو عسكري، بل كان – وما يزال – خير من يمثل الضالع سياسيًا وعسكريًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
إن الضالع لم تُعرف يومًا إلا برجالها الأشداء المخلصين، وعبدالله مهدي سعيد واحد من أبرز هؤلاء الرجال الذين وحّدوا بين البندقية والموقف، بين الولاء للأرض والانتماء للقضية، وجعلوا من العمل الوطني رسالة حياة لا مناسبة ظرفية.
إن الوفاء لهذا القائد ليس مجرد خيار، بل ضرورة وطنية تفرضها الوقائع، والتجربة، وما يشهده له به العدو قبل الصديق. فليكن الصوت واحدًا، والموقف موحدًا، بأن من ضحى وثبت ونجح… يجب أن يُدعَم ويستمر