كثيرٌ هم القيادات التي برزت في هذه المرحلة وأتت بهم الصدف، أو الواقع الذي فرضته الحرب، لكن قليل منهم من هو كفؤ لمنصبه ومهامه، وقليل هم من تدرجوا في سلم القيادة فصقلتهم التجارب وصنعت منهم نماذج تجمع بين الخبرة والكفاءة.
العميد محمد صالح الشاعري، قائد الشرطة العسكرية أنموذج لهذه العينة من القيادات القليلة التي فرضتها كفاءتها وخبراتها أولًا وآخرًا.
أعرف الرجل منذ زمن بعيد، وأعرف فيه مدى شهامته وكفاءته، فهو قائد استثنائي، يجمع بين الحنكة العسكرية والمواقف الرجولية التي لا تجتمع في الكثير من غيره، وهو أمر لطالما عرفناه عن العميد الشاعري.
في مراحل سابقة كنت أنظر للرجل، وأقول في نفسي شخص مثله يجب أن يتولى أعلى هرم لقيادة الجيش فالرجل صاحب تجربه فريدة في القيادة وتدرج في مناصب كثيرة في الدفاع والأمن، حتى جاء قرار معالي وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري القاضي بتولي الشاعري قيادة الشرطة العسكرية في الجمهورية، وهو منصب تكليف أعانه الله عليه، فالرشطة العسكرية في وضعها الحالي كوضع البلاد كلها لا تسر صديق، حتى أتى هذا الرجل وحاول لملمة ما يمكن لملمته، ولأنه صاحب تاريخ ناصع فهو يحظى بحب واحترام كل الأطراف في مجلس القيادة، فقد استطاع أن يعيد للشرطة العسكرية ألقها وقيمتها، وعمل منذ الأيام الأولى لإعادة بناء هذا الجهاز العسكري الهام، وفرض وجوده، بالطريقة التي يليق بأهمية الشرطة العسكرية، رغم صعوبة المهمة، إلا أن شخص مثله يستطيع عن جدارة قيادة وتأسيي جديد لها.
إن الحديث عن القائد محمد صالح الشاعري يطول ومهما حاولت الكتابة عنه فالحروف لا تفي لإنصافه، ولعل كل من عرف الرجل يدرك قوة شخصيته، ومقدرته على القيادة والريادة واتخاذ القرار في الأوقات الصعبة والظروف الأصعب، ولا شك لدينا بما يمتلكه الرجل من صفات شخصية قلما تجتمع في غيره، في أنه بقدر المهام التي أسندت له، بل أكثر من هذا، فهو قادر على تولي مهام أصعب وأكبر.
إن أكثر ما يتميز به القائد الشاعري هو حنكته وشجاعته، فضلًا عن تراكم خبراته والكاريزما التي يمتلكها، أضف إلى أنه يمتلك صفات شخصية يفتقدها الكثيرين كالكرم ونزاهة ونظافة اليد فالرجل طيلة مسيرته العسكرية لم تسجل عليه أي مخالفة، ولم يشتكي من نهجه أحد، فلم يعتدي على أحد ولم يستغل منصبه لظلم أحد، بل كان وفيًا لقسمه ومؤسسته العسكرية، ومثلها خير تمثيل، ولا أقول هذا الكلام من باب مصلحة شخصية ولا من باب المجاملة بل من باب المعرفة القريبة من الرجل، ومعرفة مدى شهامته ورجولته.
في الختام أقول أن خير ما نتمناه، أن يتصدر المشهد العسكري والأمني في بلادنا أشخاص بكفاءة ونزاهة ورجولة العميد محمد صالح الشاعري ليعيدوا للمؤسستين العسكرية والأمنية سمعتهما التي أسيء لها من قبل المنتمين لها مؤخرًا والذين جلبتهم الصدفة وظروف الحرب.