في ضوء المقابلة التي أجرتها BBC عربي مع عمرو بن حبريش، يمكن ملاحظة أن الخطاب ركّز على تصوير المشهد في حضرموت على أنه “غزو قبلي” قادم من محافظات جنوبية أخرى الأمر الذي يتجاهل التعقيدات السياسية والأمنية التي تحكم الملف.
إن توصيف القوات الرسمية بأنها “غير قانونية”، يعكس محاولة لحصر الصراع في إطار قبلي، رغم أن واقع حضرموت أوسع من أن يُختزل في هذا المفهوم حضرموت اليوم ليست ساحة نزاع قبلي، بل جزء من معادلة وطنية تتقاطع فيها مشاريع متباينة، وكل قراءة تتجاوز هذه الحقيقة تساهم في تضليل الرأي العام وتشويه جوهر القضية.
الحديث عن “قوات غازية” من خارج حضرموت هو توصيف مجافٍ للواقع.
فالقوات التي دخلت إلى حضرموت — كما يزعم بن حبريش — ليست مجرد مجاميع قبلية، بل قوات جنوبية نظامية من مختلف محافظات الجنوب، جاءت لمساندة إخوتها في النخبة الحضرمية ودعم المنظومة الأمنية والعسكرية ضمن إطار وطني جنوبي واحد.
هذه القوات التي دخلت حضرموت شاركت وقدّمت التضحيات منذ سنوات في مختلف جبهات الجنوب كافة دفاعًا عن الأرض والهوية والموارد، ولم تكن يومًا قوة دخيلة أو طامعة، بل جزء أصيل من نسيج الجنوب الواحد الذي لا يُقسَّم جغرافيًا أو قبليًا.
إن تصوير الأمر من قبل بن حبريش كصراع قبلي بين “أبناء حضرموت” و“قبائل من الضالع ويافع”، هو محاولة لتشويه الحقائق وإثارة حساسيات لا تخدم استقرار حضرموت ولا مستقبلها.
حضرموت ركن أساسي في مشروع الجنوب الراسخ، وحمايتها هي مسؤولية كل الجنوبيين دون استثناء، والواجب الوطني لا يقتصر على محافظة بعينها.
لذلك، فإن أي محاولة لوضع خطوط فاصلة بين أبناء الجنوب، أو نزع الصفة القانونية عن قواته، لن تغيّر من حقيقة وحدة المصير والهدف.
ووصف عمرو بن حبريش”، في مقابلة مع قناة بي بي سي القوات التي دفع بها “المجلس الانتقالي الجنوبي”، من محافظات أخرى انها جاءت بهدف السيطرة على حقول النفط، وهي “قبائل” وغير قانونية ولا تحمل أي صفة، مشيراً إلى أن حضرموت” تتعرض للغزو.
وأضاف “بن حبريش”، أن حضرموت تعرضت لمظلومية، خلال الفترات السابقة والحالية، مشيراً إلى أن المحافظة تتعرض حالياً للغزو من قبائل المحافظات الأخرى، خصوصاً من “الضالع ويافع”.
وأشار إلى أن تلك القبائل التي دفع بها “الانتقالي” سيطرت على مصب النفط في الضبة ومناطق من الساحل، وتهدد القوات الحضرمية المتواجدة هناك، واستبدالها بألوية من خارج المحافظة.
وبشأن قواته التي سيطرت على الشركات النفطية، أوضح “بن حبريش”، أنهم قاموا بخطوة استباقية، للحفاظ عليها من الحشود العسكرية القادمة من خارج المحافظة، الذي قال إنها قوات “غير قانونية” وتتلقى دعماً مباشراً من الإمارات لصالح المجلس الانتقالي الجنوبي.
وعن سؤال تبعية حلف قبائل حضرموت للحوثيين أو إيران، نفى “بن حبريش” ذلك، مشيراً إلى أنها مزاعم وغير صحيحة، وقال: “نحن عرب ومسلمون، وقضيتنا ندافع عنها منذ أجيال، ولا علاقة لها بأي طرف خارجي”.
وأفاد، بأن ما يقوم به الحلف هو دفاع عن النفس بما هو متاح من إمكانات محدودة، داعياً المجتمع الدولي والدول الإقليمية إلى دعم استقرار حضرموت. وقال إن العلاقة مع السعودية تاريخية وأخوية، معبّراً عن ثقته بأنها لن تتخلى عن حضرموت.
واتهم المجلس الانتقالي، بأنه يسعى إلى السيطرة على موارد النفط في حضرموت وفرض مشروعه السياسي بالقوة، رغم عدم قبوله داخل المجتمع الحضرمي، مشيراً إلى أن أبناء حضرموت لهم مطلب الحكم الذاتي كخيار موحد بعد سنوات من المظلومية.
وأوضح أن الإمارات تدعم مشروع “الانتقالي” بالسلاح والمدرعات، مؤكداً أن الحلف رحّب بدور أبوظبي في بداية تدخل التحالف، لكنه لم يتوقع أن تدعم أي قوة ضد أبناء حضرموت.
وقال: “لسنا في خلاف مع التحالف العربي، لكننا لن نقبل بأي قوة عسكرية تُفرض على أرضنا، ولسنا جهة تسعى للسيطرة على المنشآت النفطية”.
والسبت، توعدت قيادة المنطقة العسكرية الثانية التابعة للجيش اليمني بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن)، حلف قبائل حضرموت، بعد اقتحام قوات حماية حضرموت التابعة له لشركة بترومسيلة النفطية، معتبرةً هذا التصرف “أمراً خطيراً لا يمكن السكوت عنه”.
وأكدت قيادة المنطقة العسكرية، في بيان أنها ستتخذ كافة الإجراءات بما يضمن سلامة وأمن ممتلكات الشعب ومكاسبه، وسيتم الضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه الإضرار بها.
وقالت إن ما أقدمت عليه من وصفتهم بـ”المجاميع المسلحة الخارجة عن القانون” التابعة لـ”عمرو بن حبريش” بالاعتداء على بعض المواقع التابعة لقوات حماية الشركات، واقتحام شركة بترومسيلة، يعد تصعيداً خطيراً واستهدافاً لواحدة من أهم مقدرات الشعب، ويؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني.
وفي وقت سابق السبت، أعلن حلف قبائل حضرموت عن انتشار وحدات من قوات حماية حضرموت في منشآت حقول نفط المسيلة لتأمين المنشآت وتعزيز الإجراءات الأمنية بهدف حماية الثروات الوطنية من أي اعتداءات أو تدخلات خارجية.
وأوضح حلف قبائل حضرموت في بيان مقتضب أن هذه الخطوة تأتي تحت إشراف الدولة الشرعية، بهدف تعزيز الأمن والدفاع عن الثروات الوطنية من أي اعتداء، باعتبارها ثروة شعب، مؤكداً أن الأمور تحت السيطرة وأن أعمال الشركات مستمرة بطبيعتها.
وتأتي هذه التحركات بعد أيام بن حبريش عن تفويض كامل لقوات حماية حضرموت للتحرك العاجل والفوري لردع أي قوات قادمة من خارج المحافظة، وبدء “المقاومة بكل الطرق والوسائل” للدفاع عن حضرموت وثرواتها.