يجب علينا كصحفيين ومثقفين في البلد أن نقوم بواجب الأحزاب الساقطة ورؤسائها ومسؤولينا التائهين، لقد أثبت هؤلاء أنهم ليسوا رجال دولة ولن يكونوا كذلك، وإنهم ليسوا إلا باحثين عن مصالح شخصية لهم وأسرهم وأتباعهم بعيداً عن تغليب مصالح الوطن، وإخراجه لبرّ الأمان، بالإضافة إلى عملنا على تشخيص مشكلة الوطن ومحاولة تقديم الحلول لهذه الأزمات، والتي تبدو جزءا منها هذه التشكيلات السياسية المتصدرة للمشهد حالياً، ومن ضمنها مجلسنا الرئاسي “الديكوري”، إذ لا توجد له أي أهمية ولا أدنى فاعلية على الأرض، بالدليل أنه كان مغيّبا تماما عن المحادثات التي جرت مع الحوثي، وكان وجوده مثل قلّته، وهذا من ضمن ما يجعل المجلس حملا ثقيلاً على الشعب، ولم يعد هذا الأمر خافيا على أحد، لدرجة أضحى معها الشعب يقول: إن هذا المجلس الرئاسي والحكومة ووزراؤها، لن يستطيعوا حل حتى مشكلة أرضية متنازع عليها، فكيف سيحلون نزاع البلد الملغوم بهم، وهم من أفقدوه أهمّيته وسطوته وكبرياءه، فرجالات الدولة أصبحوا كما لو أنهم مشروع أو جيب استثماري بيد رجل أعمال مبتدئ وهم في هامش وذيل قائمة مشاريعه؟!!
في الدول من حولنا، باتوا يختصرون كثيراً من المناصب ودمج الوزارات ونحن في اليمن، قمنا بخطوة جيدة في البداية بضغط من التحالف لدمج بعض الوزارات وتشكيل “حكومة حرب مصغرة”، للتخفيف من نفقاتها وإطفاء حرائق فسادها، لكن كان يقودها الأرنب الغبي والفاسد معين، الذي خيب آمال الجميع، ولم يكن مؤهلا حتى للإمساك بإدارة بمنصب مدير عام في مؤسسة أقل من عادية، فكيف به يمسك ببلد بمنصبه، ولكن لأنه يجيد “التأمين” جيدا وراء الأئمة ولشخصيته المطموسة، ولعدم فاعليته، وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لديه شخصية هو وإعلامييه لدحر المواطنين والبسطاء عن لقائه، مع عجزه عن حل أبسط مشكلة، لا ولديه فريق إعلامي تافه يقولون إن تصريحات هذا الكائن ولقاءاته سيادية، ثم لا يجيدون إلا التصرف بـ”البروتوكولات”، تبّا للبروكولات التي أتتنا بعاهات لحكم هذا البلد، لقد بتنا نتحسّر على فساد بن دغر وإعلامييه، مقارنة بصحفيي ومرافقي هذا الكائن اللزج، لم نعد نتحفظ في قول شيء بعد الآن، لقد سقطت البلد كلها في براثن مثل هؤلاء السقط..!
وبعد هذا كله، خبقناها بتشكيل المجلس الرئاسي، الذي لا يهش ولا ينش، وبدلا من رئيس واحد، خبقناها بثمانية، وبدأت حرب أخرى، هي حرب الأكتاف وزحام السباق على الكراسي، وكأننا في فصل دراسي في الابتدائية يتسابق بعضنا للجلوس بالصف الأول، وهكذا بدأ سقوط الرئاسي مبكراً، وكلما حاول أحد أن يثور أسكتوه بمصالح ومكاسب لأتباعه فاستصغرت الدولة عبرها، وأنهت ما بقي من ثقة لدى المواطنين بها وبمجالسها..
كنا في مصيبة حكومة معين الذي لم يعن أحداً، بل راح يتعامل بهذه البلد كما لو أنها شركة تتبع والده، فراح يوزع المكاسب ويعقد الصفقات مع أرباب الأموال والأعمال، ليحصل على نسبة معينة بعد كل صفقة، من الذي سيسهل رسوها عليهم، فنهبت الودائع وبيعت آبار النفط ومناجم الذهب، “هو إيه البلد دي ملهاش كبير والا إيه” متل مبيقول إخوانا المصريين في أفلام عادل إمام، لن يظهر بهذه الطريقة معين إلا كشخص متواطئ، وبعد أن كان الرجل يعد الرجل الثاني بعد رئيس الجمهورية، أتى تشكيل الرئاسي ورفّع محافظين ومسؤولين بطريقة عجيبة وغريبة ومدهشة، وكان #معين_بروتوكول يلطّمهم ويركلهم في مؤخراتهم، كما لو أنهم مجرد بكتيريا وطفيليات، وبقدرة قادر أصبح صغار الأمس كبار اليوم، في مشهد يقول: “لا أمان للسلطة في هذا البلد المجنون”.
فمن مرؤوسين تحته، إلى رؤساء عليه، ولا مشكلة لدى هذا الطفل المسكين منعدم الشخصية والقرار، المهم أن يبقى بمنصبه، ومستعد لأن يقول لأي طحلب قادم بسيدي الرئيس وإذا اقتضى الأمر ربما سيعبده بحكم سيرته المبتذلة، وبالطبع المسألة ليست كبرا، إنما نحن نحاول ان نوصف لكم مشهد متعاظم لظاهرة #النطاطين_في_البلد، فمن شخص لا يملك شيئاً ولا أدنى إمكانيات لقائد يقود المسيرة المضفّرة، لا ومصدّقين أنفسهم، لقد أصبحت البلاد مهزلة وملطشة، وأرجوحة طالعين نازلين، ليس للمؤهلين دخل بها ممن لا ظهر دولي أو قبلي أو مناطقي له، وكما لو أنهم لا يحكمون اليمن، بل يحكمون دولة “الموزنبيق”، وكله عبر الواي فاي الفضائي..!
الحكومة ورئيسها ووزراؤها تحولوا جميعاً بعد تشكيل الرئاسي، إلى أشبه بمنتوجات هائل سعيد من بساكت أبو بلد او أبو ولد، وطرزانات مزورة وتحولوا إلى ناشطي مجتمع مدني، فترى اجتماعات الناشط معين ووزراءه وعقده ورش العمل بطريقة منظمات المجتمع المدني، بدون أي جدوى ولا أي صلاحيات، وليس لها وجود على الأرض، ولا تحدث تأثيراً، وبتنا نشاهد لخبطة وتقاطعات أصابتنا بخيبة أمل كبيرة، في أننا سنخرج من عنق الزجاجة بأمثال هؤلاء، لقد حلت بالبلد عشوائية لا مثيل لها، ستجد التقاطع والجري واللهث على من يفرض إرادته على الآخرين واضحاً جداً، فترى أعضاء المجلس الرئاسي ينافسون المحافظين والوزراء في أعمالهم، ويقومون بأعمال ليست أعمالهم، وما هي أصلا أعمالهم من يعرف فليخبرنا؟!، كل ذلك فقط ليقولوا نحن هنا نحن موجودون، والوزير يأخذ عمل مدراء العموم، ومن لقي صاحبه حنجلّه، وأصبحت المناصب هذه “مهنة من لا مهنة له”، كأنهم مليشيات برتب عالية، لا نقول ذلك إلا من باب خشيتنا أن نعود مجدداً لسيناريو حميدتي والبرهان في السودان، لقد تعبنا منكم ولم تتعبوا منا..
ثم مباشرة أدخلنا الرئاسي في دوامة أخرى، وهي تعيين مدراء برتبة وزراء وبإشراف الرئيس العليمي وتوقيعه، يبدو أنه تحول إلى وظيفة توزيع المرق بين أعضائه لمراضاتهم، وكل واحد يركز المسؤوليات في شخص واحد، مثل العصفورة التي توزع الدود على فراخها الجائعة لتسكت صراخهم، وكأننا نشاهد وثائقيات “ناشيونال جيوغرافيك”، لمشاهد في غابات سيبيريا، وهو وضع صعب ومعقّد فعلا، وكأنه لا يكفينا هذا الكم من الموظفين في الدولة من محافظين ووكلاء وسفراء وقنصليات ورؤساء وأم الجن والصبيان، وكلهم وهميون، ولا حول ولا قوة لهم..!
أما لقاءات الأخوة أعضاء المجلس الرئاسي، فهذه حكاية أخرى نتجرعها في كل يوم، لا ندري هل يحتاج الشعب ليأكل من لقاءات الاخوة الأعضاء مع السفراء، أقسم أن الأمر صار مقرفًا ومؤذيا للآدمي اليمني، حتى لقاءاتهم بالسفراء أصبحت مثل عملتنا المنهارة، لا قيمة أو أهمية لها، لقاءات لم يعد لها أدنى فائدة، وما “كثُر مذُر”، وكل يوم يطلع لنا نائب يلتقي السفير االبيزنطي والسفير الفرنسي والوزير الشكلنشي، كأننا بنتفرج في مسلسل خارج التغطية على تلفزيون السعيدة، محّد عارف إيش المطلوب وما الذي يفعلونه أو يريدون إيصاله، ونحنا لا نريد أن يكون مجلسنا أيضاً هو الآخر خارج التغطية، وما ينقصنا إلا يعملوا لنا إعلانات عن عودة المجلس الرئاسي وأعضائه المرتقبة، قريباً في الأسواق، يكذبوا علينا.
وإذا كانوا على الغرف العزاب في الرياض، نقول لهم مرحبا بكم بين أهلكم وناسكم غرفكم في عدن بالحفظ والصون، على قولة العليمي، المهم لقاءات السفراء باتت تثير السخط ويظهر الأخوة كما لو أنهم ناقصون، ومش والفين يصوروا كل ساعة مع واحد، حكومة معين تحولت لحكومة الناشطين، فما يصير يتحول المجلس الرئاسي إلى مجلس “التيك توك” بمقاطعهم المرهقة للأبصار، لا وعاد بعضهم مفنّع ومطسّع على قولة محافظنا في الضالع علي مقبل لوكيله لشؤون التعليم، أهم شيء الفصّاعة، وكأنهم سيبلغون الجبال طولا، أو سيخرقون الأرض من ثقل أوزانهم ومكانتهم بين شعبهم، وهات لك يا كلام شوارعي فارغ من ناشطي الفيسبوك، كأننا في “زريبة تيوس” ونلعب لعبة المناطحة، بحق الله وحق الشعب عليكم، عودوا لزرائبكم واحترموا أنفسكم ومن تمثلونهم، يكفي هذا اليمني غربة وعذابا وتحكما بأقداره، لتغتربوا أنتم، عودوا للعمل على الأرض فالشعب لن يأكل سفراء..!