الصدارة سكاي: متابعات
عرفت مدينة عدن تاريخا ثقافيا وتجاريا مزدهرا، واشتهرت بالفن العدني الموسيقي، وبالشعراء والأدباء الذين مروا بها، ومنهم الشاعر الفرنسي آرثر رامبو (1854-1891) الذي ترك شعره أثرا على المدارس الأدبية الرمزية والسريالية بشكل خاص، واستلهم الكتاب اللاحقون له بعض موضوعاته، والأهم استوحوا استخدامه المبتكر للغة، خاصة في عمله الأدبي “فصل في الجحيم”، الذي يعد أحد مقدمات الأدب الحداثي المتمرد على تقليدية الموضوعات والشكل.
وإلى جانب سيرته كشاعر، فقد عاش حياة قصيرة مضطربة، وقاد عام 1886 قافلة تجارية عبر بلاد الحبشة المعروفة الآن بإثيوبيا، ورغم أن عمره كان 32 عامًا فقط، فإن اللون الرمادي كسا شعره الأشقر وأصبحت ملامحه مألوفة في المنطقة بعد سنوات من الفقر والمعاناة وسوء التغذية، في حين ظلت عيناه الزرقاوان كما هما دليلا على فرنسيته المختفية خلف الثياب الرثة.
وبينما كان النقاد الأدبيون في باريس يشيدون بشاعر فرنسا العظيم “الراحل آرثر رامبو”، معتقدين أنه توفي في سن مبكرة بطريقة غامضة بعد أن ترك شعرا بديعاً، كان “رامبو” في الجانب الآخر من العالم يقطع أفريقيا مع القافلة الصحراوية لتجارة البن والأسلحة.
ويرى مارتن سوريل، الأستاذ بجامعة إكستر البريطانية، بأن “رامبو” كان ولا يزال مؤثراً، ليس في الدوائر الأدبية والفنية فحسب، ولكن أيضا في المجالات السياسية أيضًا، بعد أن ألهم “الثورات المناهضة للعقلانية” (الفوضوية) في أميركا وإيطاليا وروسيا وألمانيا، وألهم العديد من الموسيقيين الكبار مثل جيم موريسون وبوب ديلان ولويس ألبرتو سبينيتا، كما ذكر في كتابه “آرثر رامبو: قصائد مجمعة” الصادر عن مطبعة جامعة أكسفورد (2009).











