قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن أهالي ضحايا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران اليمنية شمال اليمن، وجدوا مقبرة جماعية تضم رفات 16 جثة لأشخاص يعتقد أن جماعة الحوثي اختطفتهم قبل أكثر من 13 عاما، داعية المجتمع الدولي وفي مقدمتها الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية، تتسم بالخبرة والكفاءة والاستقلالية للتحقيق في جريمة ما أصبح يعرف بـ مقبرة كهف “آل عمار” في محافظة عمران، ومساندة أي جهود لكشف الحقيقة كاملة لهذه الجريمة، ودعم حق عائلات الضحايا في الحصول على معلومات دقيقة، وصولًا إلى تحقيق العدالة.
وبينت المنظمة في بيان صدر عنها يوم الجمعة، أنه وفقًا لمصادر حقوقية محلية ونشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، فقد تم العثور على 16 جثة لأشخاص اختطفتهم جماعة الحوثي قبل أكثر من 13 عاما في مديرية حرف سفيان بعمران، حيث أكدت الناشطة الحقوقية اليمنية، أمة الرحمن المطري، عبر حسابها على تويتر أن الأهالي عثروا على رفات 16 شخصا وهم مربوطو الأيدي في كهف مبني على بوابته بالحجارة والطين، في منطقة حرف سفيان، بعد 13 عاماً من الجريمة.
وشددت “سام” على أن ما قامت به جماعة الحوثي يعد جريمة حرب مكتملة الأركان، وتشكل سابقة خطيرة، تعبر عن وحشية مرتكبيها، لافتةً إلى أن جماعة الحوثي تتحمل المسؤولية الكاملة، بحسب المعطيات الواردة في هذا البيان وفي مقدمتها شهادة الأهالي، وإفادة سكان المنطقة، حيث دأبت طوال فترة الصراع على التفنن في انتهاك حقوق اليمنيين والاعتداء عليهم بكافة الأشكال من جرائم اختطاف وإخفاء قسري وقطع الطرق وقصف المدنيين وتهديد الآمنين، وصولًا إلى حرمان عائلات بأكملها من معرفة مصائر أبنائهم و إيهامهم بأنهم على قيد الحياة وابتزازهم من أجل الحصول على أموال ومنافع أخرى.
قالت المحامية هدى الصراري رئيس مؤسسة دفاع للحقوق والحريات ” تبين لاحقا الكشف عن مقبرة جماعية في محافظة عمران عثر فيها عن رفات 16 ضحية كانوا قد اختفوا منذ 2010 في أحد كهوف منطقة حرف سفيان، هذه الجريمة تؤكد مدى شناعة جرائم الإخفاء والقتل خارج إطار القانون الذي مارسته جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها وربما هناك عشرات المقابر الجماعية لضحايا آخرين لم تكتشف بعد. تقودنا هذه الجريمة الإنسانية إلى ضرورة إجراء تحقيق شامل من قبل المجتمع الدولي وضرورة إنشاء لجنة معنية بالتحقيق في جرائم حقوق الإنسان في اليمن لتعدد منهجياتها وأشكالها مارستها أغلب أطراف الصراع ونتيجة ضعف الآليات الوطنية وعدم استقلاليتها وضعف الأطر القانونية سينفذ الجناة من المساءلة كما أفلتوا من جرائم سابقة عوضا عن أن اليمن تفتقر لمتخصصين في علم الأنثروبولوجيا الشرعية للكشف عن ظروف وملابسات الجرائم التي تأخذ هذا الطابع الجنائي وتوثيقها بطرق مهنية ومنهجية سليمة لإتاحة المجال مستقبلا لذوي الضحايا لمسائلة الجناة وجبر ضررهم “
خلفية الجريمة
تعود بداية الجريمة إلى 7 مايو/أيار 2010، إبَّان قتال جماعة الحوثي للحكومة الشرعية والقبائل الموالية لها، في ما يعرف بـ “الحرب السادسة” في منطقة حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران المجاورة للعاصمة صنعاء شمالا، والتي تبعد عنها ٢٠ كيلو متر، إذ وبعد توقيع الصلح بين الدولة اليمنية ومليشيا الحوثي، قامت مليشيا الحوثي باستغلال هذا الصلح، وهاجمت قرى ومناطق القبائل المقاتلة مع الدولة بينما كان الضحايا منشغلين بتجارتهم، حيث بدأت عندما أرسل القيادي الحوثي المدعو حسين خاطر سروح والملقب بـ “أبو حيدر” -والذي كان القائد العسكري للمليشيات الحوثية في حرف سفيان- مجموعة من ميلشياته لاختطاف ثلاثة مدنيين (صالح صالح دجران، عابد محمد جميلة، يحيى شوع جميلة)، من الطريق العام، أثناء رجوعهم من بيت بن عزيز، وطلبت المليشيات من هؤلاء الشباب تسليم أنفسهم ولكن رد الشباب قائلين: لن نسلم أنفسنا ونحن في صلح قائم.
وعندما أبلغت هذه المليشيات قائدهم المدعو “أبو حيدر” برفض الشباب تسليم أنفسهم، خرج مع قواته، وعندما وصل المدعو أبو حيدر تلفظ بكلمات بذيئة ومسيئة لأعراض هؤلاء الثلاثة الشباب، وأمر بالقبض عليهم بقوة السلاح، ما أدى إلى الاشتباك الناري، سقط على إثره هؤلاء الثلاثة الشباب شهداء، وفي المقابل قتل القيادي الحوثي أبو حيدر وستة من مرافقيه فيما فر بقية أفراده.
عندها جمعت مليشيا الحوثي قوة مسلحة كبير بقيادة أبو علي الحاكم و يوسف المداني ، وهاجموا منطقة درب زيد وقتلوا عددا من أبناء المنطقة من رجال ونساء وفجروا تسعة بيوت وأحرقوا المزارع وأخذوا تسعة عشر أسيرا من شباب المنطقة ومن ضمنهم سالم صالح جميلة (معاق ) عامر جميلة (مريض نفسي)، وقد تم إطلاق سراحهما في ٢٠١١، وأخفوا البقية وعددهم سبعة عشر، والذين عُثر على جثثهم في كهف آل عمار هذا العام ٢٠٢٣.
نهب وتدمير
رافق جريمة الاختطاف والإخفاء القسري ، عملية انتقام من قبل جماعة الحوثي ضد الضحايا واسرهم ، تمثل في نهب ممتلكاتهم و تفجير بيوتهم ، يقول احد أقارب الضحايا لمنظمة سام كان لدينا تجارة عبارة عن بقالة للمواد الغذائية، ومحل لبيع القمح والدقيق ومحل لبيع المبيدات وطاحون ومحطة وقود بترول وديزل وبيوت ومزارع، وكنا نعمل على تجارتنا في منطقتنا عندما هجمت مليشيا الحوثي على منطقة درب وفجروا تسعة من بيوتنا، وكان النساء في البيوت فدخلوها وجروهن من أرجلهن وبعدها فجروا البيوت ونهبوا السيارات وأحرقوا المزارع، ولو في لجنة سوف تكشف حجم الخسارة والنهب التي مارسها الحوثي ضدنا، إضافة إلى حرماننا من التكسب طوال فترة ثلاث عشرة سنة.
ويفيد ” ص ، خ” لسام ( نهبو سيارة والدي وبندقيته وأمواله وجنبيته وسيارات عمي وبندقيته وجنبيته وأمواله وأسلحة وجنابي المرافقين لعمي ، واحضروا شاحنة كبيرة وحملوها بما استطاعوا من المنهوبات وذهبت الي صعدة)
مطالبات مستمرة وتجاهل واغتيالات
لم تتوقف محاولات أهالي المنطقة وأقرباء الضحايا في معرفة مصير الضحايا ، وبعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر / أيلول ٢٠١٤، تردد أهالي الضحايا علي قيادات جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء أو صعدة أملا في الكشف عن مصير أبناءهم المخفيين قسرا، منذ ذلك التاريخ وأهالي الضحايا يترددون علي قيادات جماعة الحوثي للكشف عن مصير أبناءهم، ونفذوا العديد من الاعتصامات، ولم يجدوا سوى المماطلة والتسويف، وبعد ضغوط شديدة من القبائل المتضامنة مع أهالي الضحايا، اضطرت جماعة الحوثي إلى الاعتراف بحقيقة قتل الضحايا الـ ١٦ والكشف عن مكان دفنهم.
يقول أحد أقرباء الضحايا “طالب بن عزيز الدولة بالقيام بواجبها وحماية المواطنين ولكن الدولة لم تستجب لأن الدولة كانت ملزمة بالصلح القطري واللجنة القطرية فنشبت الحرب بين المليشيات وبن عزيز حرب سابعة خاضها وحده هو وقلة قليلة من سفيان بسبب الاعتداء على منطقة درب زيد واستمرت الحرب لمدة شهرين وحشد الحوثي كل قواته على بن عزيز دون تدخل الدولة أو مساندة منها لبن عزيز حتى سقطت سفيان وجرح بن عزيز واستشهد أكثر من ٢٥٠ شهيدا من المقاومين ضد المليشيات الحوثية، واحتل الحوثي المنطقة وفجر منازل بن عزيز والمقاومين معه، وظل بن عزيز وأهل الأسرى يطابون بالإفراج عن أسراهم عبر الوساطة القطرية وعبر الحوار الوطني، ولكن كانت مليشيات الحوثي تتنصل بالاعتراف بوجودهم ضمن الأسرى لديهم أو أن له علاقه بهم. وفي مؤتمر الحور ضغطت رابطة أبناء محافظة صعدة وحرف سفيان على الفريق الحوثي بتسليم الأسرى وقاموا بتسليم واحد فقط من السبعة عشر أسيرا المحتجزين لديهم، وهو حميد هادي شيبان.
قمع واغتيالات
لإخفاء الجريمة ، عمدت جماعة الحوثي الى أساليب التخويف، والاغتيالات لكل من طالب بالكشف عن مصير الضحايا ، بحسب إفادة أقارب الضحايا “استمرت جماعة ا لحوثي في ترهيب وقمع الأهالي الذين يطالبون بالكشف عن مكان المخفيين قسرا، وبعد اجتياحهم صنعاء في سبتمبر ٢٠١٤ قتلوا الشيخ محسن شبكي داخل بيته في صنعاء نتيجة مطالبته بالإفراج عن والده وعمه، وكذلك اغتيال الشيخ محمد جميلة في شارع التلفزيون فوق سيارته وكانوا يهددون ويقمعون أي واحد يتكلم بخصوص الأسرى وفي ٢٠١٧، ضغط آل معقل عن طريق قياديين حوثين منهم، فسلم لهم جثة الشيخ محسن معقل، بعد ذلك صعد أهالي الضحايا أقارب المختطفين من أبناء منطقة درب زيد بالذهاب إلى صعدة واعتصموا فوق قبر بدر الدين الحوثي، فقامت مليشيات الحوثي بقمعهم وإرغامهم برفع خيام الاعتصام وتهديدهم بعدم المطالبة بهم.
وفي ٢٠٢٣ وبعد عمليات تبادل الأسرى والذي شملت قيادات عسكرية وسياسية كبيرة ومقاتلين من جميع الأطراف المناهضة للمليشيات الحوثية، فدعا أهل درب زيد قبيلة سفيان بالمنع والإخاء أن يحضروا معهم، ويطالبوا بالإفراج عن أبنائهم من سجون مليشيات الحوثي، والمختطفين من عام ٢٠١٠، فلبت سفيان الداعي وذهبوا إلى صعدة وخيموا لمدة خمسة أيام حتى أقبل عليهم محمد علي الحوثي وطلب منهم أن يرفعوا خيامهم ولهم وعد منه أن يوصل مطلبهم لسيده الحوثي، وبعد أسبوعين دعوهم إلى صنعاء وقابلهم يوسف المداني وأخبرهم أنه قد تم تصفيتهم وأنه سوف يتم تعويض أسرهم وطلب فتح صفحة جديدة، وقال لهم: كلنا قد أوجع الثاني ونحن كنا في تلك الأيام نتعامل مع أي واحد يقف ضدنا بحزم وتنكيل، ولولا التنكيل بكل من قام ضدنا لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
كهف آل عمار
يقع كهف آل عمار في منطقة مذاب التابعة لمحافظة صعدة علي بعد ٢٠ كيلو متر من حرف سفيان، في منطقة نائية عن السكان، والكهف عبارة عن فتحة كبيرة أشبه بالسجن فيه غرفة كبيرة، ويبدو أنهم اخفوا الضحايا فيه قبل قتلهم ، يقول احد الشهود الذين راسلتهم سام ” يبدو أن جماعة الحوثي قبل قتلهم ربطوهم بصورة جماعية، ثم هدموا الكهف عليهم لأجل إخفاء معالم الجريمة، يقول احد المطلعين علي القضية ” تسرب لنا خبر الجثث التي في الكهف من أحد قيادات جماعة الحوثي قبل ذهاب قياداتهم للحج ، كان الكهف مغلق بالحجارة، وعندما فتحوه وجدوا مجموعة من الجثث والجماجم، فتفاجأ الأهالي من بشاعة ما شاهدوا. لقد كان الضحايا أياديهم مكبلة للخلف بثيابهم التي كانت عليهم بحسب إفادة بعض الأهالي، ورفض أهالي الضحايا أخذ الجثث وتركوها في مكانها مطالبين بتشكيل لجنة، ومتوعدين بالانتقام لذويهم .
الضحايا
تأكد الضحايا بعد فتح الكهف أن هذه الجثث تعود للمخفيين قسرا، الشيخ صالح بن ناصر خموسي ٥٠ عاما و صالح محسن صالح جميلة ٥٦ عاما ، هادي صالح جميلة ٣٦ عاما وحميد علي دجران ٢٤ عاما ، وأمين صالح غالب دجران ٢١ عاما ، وقايد صالح دجران ٢٥ عاما ، و بكيل هادي علي لكي ٤٠ عاما ، وهادي أحمد حمود الموج ٣٠ عاما ، وحميد هادي شيبان ١٩ عاما ، وعبدالله هادي شيبان ٢١ عاما ، ومحمد هادي شيبان ٢٧ عاما ، وباقي بن باقي ضاوي ٣٥ عاما ، وقايد قادر علي منجد ويحيى هادي مهفل ٢٦ عاما ، وغيلان صالح غيلان ٢٦ عاما ، يحي هادي مهفل ٢٦ عاما ، حميد علي دجران ٢٤ عاما ، محسن هادي معقل. ٦١ عاما . وبالتدقيق في الأسماء سنجد أن هناك ضحايا ينتمون الي اسرة واحدة ، كأسرة ” جميلة ” و ” شيبان” و بيت ” مكهفل ” ما يجعل الألم كبير ، حيث إفادة أحد أبناء المنطقة أن الضحايا هم بالنهاية أقارب ويعودون الي اسرة واحده في المنطقة.
الناجي الوحيد
أفاد قريب أحد الضحايا لمنظمة سام : “استمرت القبائل التي ينتمي إليها الضحايا في مطالبة جماعة الحوثي بالكشف عن مصيرهم، بما في ذلك الأمهات الضحايا اللاتي ذهبن إلى مكتب جماعة الحوثي وقطعن شعرهن دون جدوى، وفي المقابل كانت جماعة الحوثي تماطل أهاليهم، دون أي استجابة من جماعة الحوثي، وفي 2018 كشفت جماعة الحوثي عن مصير الشيخ محسن هادي فقط، وتبين للجميع أنه قتل بعد ظهور جثته، فتحركت قبيلته للضغط على جماعة الحوثي لمعرفة مصير بقية المخفيين قسرا، فقامت جماعة الحوثي وأطلقت ولد الشيخ الطفل “حميد هادي شيبان” (13 عاما) الذي كان معتقلا في مكان آخر عن مكان اعتقال أبيه، وكان هو الناجي الوحيد من المجزرة لكنه لم ينجُ من تبعات ما لاقاه، فهو يعتبر الآن شبه مريض نفسي. ويضيف أقرباء الضحايا: بعد ذلك تجمعت قبائل الضحايا وذهبوا للاعتصام أمام مكتب الحوثي، فاستقبلهم محمد علي وطلب مهلة شهر، وبعد الشهر استدعاهم القيادي يوسف الفيشي قبل عشرين يوما من انكشاف الجريمة وأبلغهم بأن المختفين قد لقوا حتفهم، وبأن من قتلوهم قد قتلوا وعرض تعويضات، لكن الأهالي رفضوا وطالبوا بجثث وأسلحة ذويهم”.
شهادات أخرى
تعد هذه القضية من القضايا المعروفة لدي أبناء المنطقة ، وظلت حاضرة في كثير من المناسبات العامة ، كمؤتمر الحوار الوطني ، ثم في جولة المفاوضات ، إلا إن جماعة الحوثي استمرت في التضليل ، انكار معرفتها بهم ، أحد أبناء المنطقة “في الحرب السادسة بتاريخ 2019 قام المتمردون باختطاف والدي الشيخ حسن هادي معقل وسجنه ونهب سيارته وبندقيته وفلوسه بدون أي سبب، وبعد الحرب السادسة تابعنا في قضيته وأرسلنا وساطة إلى القيادات الحوثية ومنهم المدعو أبو طالب والمدعو أبو زيد المداني، فاخبرونا أنهم قد قتلوا، فطالبنا بجثثهم فردوا علينا إنهم في مقبره جماعية.
ح ع يقول لسام “إن الشيخ محسن هادي معقل تحرك من مديرية حرف سفيان بموكب من عدة سيارات بعد الحرب السادسة لمساعدة صغير عزيز، فاعترضته جماعة الحوثي في الطريق، ووضعوا له أكثر من كمين فتعطلت السيارات وأحرقت وفي آخر نقطة لم يبقَ إلا الشيخ محسن معقل واثنان من مرافقيه فاختفوا بعدها لا نعلم عن مصيرهم وطالبنا فيهم بوساطات قبلية وفي الحوار الوطني ولكن للأسف لم يعطونا أي خبر عنهم، وفي ٢٠١٦ سلموا جثة الشيخ محسن هادي معقل وواحد من مرافقيه اسمه باقي ضاوي والمرافق الثاني قالو لنا إنه مع الاسرى الذي قبروهم في كهف آل عمار ، وبالفعل كانت جثته في الكهف بعد تسليم البقية الـ ١٦.
القانون الدولي
قال “المعتصم الكيلاني”، المختص في القانون الجنائي الدولي، ومدير بوابة المحاسبة في مؤسسة المجلس العربي في تعقيبه على حادثة اكتشاف الجثث إن “الإخفاء القسري يعتبر جريمة ضد الإنسانية حسب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الذي مورس من قبل الحوثيين بحق المختطفين، كما أن القتل خارج إطار القانون يعتبر جريمة حرب حسب القاعدة 156 في القانون الدولي الإنساني العرفي”.
كما أكد “الكيلاني” على أن “عدم الدفن اللائق لهم وإخفاء جثثهم عن أهاليهم أيضا تعتبر إهانة للكرامة الإنسانية التي تصنف على أنها جريمة ضد الإنسانية، مشيرا إلى أن كل تلك الانتهاكات الموصوفة في الجريمة التي ارتكبها الحوثيون والممتدة منذ اختطاف وحجز هؤلاء الأشخاص قي العام 2010 إلى اليوم – أي بعد 13 عاما – تعتبر من الجرائم الدولية التي يعاقب عليها القانون الدولي والتي تؤكدها القاعدة العرفية التي نصت على أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وبالتالي مهما طال الزمن لا بد من محاسبة الجناة ومرتكبي تلك الجرائم”.
المسؤولية الجنائية
من خلال المعطيات التي جمعتها منظمة سام في جريمة المقبرة الجماعية في كهف “ال عمار” في وادي مذاهب، التي ارتكبت بحق ١٦ من أبناء منطقة للعمشة في حرف سفيان، تين أن القياديين أبا علي الحاكم عبد الله يحيى الحاكم المعروف ب أبو علي الحاكم هو إحدى أبرز القيادات الميدانية لجماعة الحوثي في عام ٢٠١٠، ويوسف المداني هما من قادا الحملة ضد منطقة العمشة ، والقيام بأعمال قتل واختطاف لعشرات من المدنيين بمن فيهم ضحايا كهف “ال عمار”، بتاريخ (٢٩ مايو عام ٢٠١٠) وإخفاءهم طوال هذه الفترة وقتلهم ودفنهم في مقبرة جماعية فيما يعرف كهف “ال عمار”، هذه الجريمة تعد “جريمة مقصودة” بعمل القيادات الحوثية الكبيرة، وإن المسؤولية الجنائية عن هذه الجريمة، تتجاوز القيادات الميدانية إلى كبار القيادات الحوثية ، وفي مقدمتهم “محمد علي الحوثي” الذي يرأس ما يسمى باللجان الثورية، التي تشكلت بموجب ما سماه الحوثيون الإعلان الدستوري لانقلاب عام ٢٠١٤، والذي منح اللجان الثورية صلاحيات واسعة لقيادة اليمن بحكم سلطة الأمر الواقع، “ويوسف الفيضي، الملقب بأبي مالك، كان عضوا في المجلس السياسي الأعلى للحوثيين ، وقيادي بارز في المليشيات الحوية، وعمل قائد في اللجنة الثورية عام 2013، قاد عملية تهجير السلفيين من إدماج في صعدة، ٢٠١٣، يعده البعض ممثلا خاصا لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
العدالة مطلب الجميع
واعتبرت سام أن حفظ أدلة جريمة المقابر الجماعية هو جزء أساسي للوصول إلى العدالة، مؤكدة أن أي تجاهل لمطالب تحقيق العدالة وعدم محاسبة المتورطين في الجريمة يُعدّ استهتارا بأرواح الأبرياء ومشاعر ذويهم، مشددة على ضرورة إنزال أشد العقوبات على هكذا سلوك متوحش، وتعويض أهالي عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحقهم بسبب الاخفاء القسري لذويهم ،ونهب ممتلكاتهم .
وأضافت سام أن عائلات الضحايا تستحق أن تتعرف على ما لاقاه ذووهم على يد جماعة الحوثي، مطالبة الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق تتضمن- إلى جانب المحققين- خبراء في الطب الشرعي لتوفير الدعم الفني، وتحديد هوية الجثث.
واختتمت المنظمة بيانها بتوجيه نداء إلى كافة مكونات المجتمع الدولي والأجهزة القضائية لا سيما المحكمة الجنائية الدولية بضرورة فتح تحقيق عاجل ومحايد تجاه ممارسات جماعة الحوثي خصوصا مقبرة الجثث التي تم اكتشافها حديثا، مؤكدة على أن هذه الجريمة تستوجب المساءلة الجنائية الدولية لكافة الأفراد والمسؤولين الضالعين فيها.