في أول مقابلة إعلامية له، مُذ عاد من المنفى قبل شهرين عقب غياب قسري استمر قرابة ثلاثة عقود، وفي أول حوار نجريه في مؤسسة الصدارة سكاي الإعلامية مع شخصية سياسية يجيبنا الدكتور عبده النقيب عن استفساراتنا بكل شفافية.. فمن هو الدكتور عبده النقيب؟ سياسي جنوبي كان من أوائل المناصرين لقضية شعب الجنوب، ومن اوائل من أشعلوا جذوة التمرد بوجه نظام علي صالح بعد اجتياح الجنوب، غادر الوطن قسرًا بعد حرب صيف عام 1994م كغيره من السياسيين الجنوبيين الذين وضعت أسماؤهم في أولويات الملاحقة من قبل النظام اليمني آنذاك، واستقر في المملكة المتحدة. وهناك أسس مع رفاقه حزب التجمع الديموقراطي الجنوبي، كأول مكون سياسي يدعو صراحة لاستعادة دولة الجنوب، وكان بمثابة جناح سياسي رديف للحركات المسلحة في الداخل كحتم وموج، كما كان بمثابة الصوت السياسي الأوحد في الخارج المساند للتحركات والحركات السياسية الجنوبية التي انطلقت لاحقًا في الداخل، ورغم أن الحزب مرَّ بالعديد من الانقسامات، أضعفت عمله التنظيمي وحضوره السياسي، برأي مراقبين، لكنه ظل يحافظ على وجوده كأحد أبرز الأحزاب الجنوبية المناهضة لاحتلال الجنوب.
برز اسم عبده النقيب مبكرًا كواحد من أهم السياسيين الجنوبيين المعارضين في الخارج، واستضافته قنوات عربية وعالمية للاستفسار عن قضية الجنوب، وكان أول من بشر بخروج الرئيس الجنوبي الأسبق علي سالم البيض عن صمته في منفاه، بعد انطلاقة الحراك السلمي الجنوبي، والعودة لمزاولة نشاطه السياسي.
مؤخرًا عاد الدكتور عبده النقيب إلى أرض الوطن، بعد غياب قسري استمر قرابة ثلاثة عقود، للخوض في مشاورات الحوار الوطني الجنوبي، ليتم تعيينه بعد ذلك مساعد الأمين العام للمجلس الانتقالي الجنوبي.
– دكتور عبده النقيب: أهلًا وسهلًا بك وعيدك مبارك وسعيدون باستضافتك..
أهلا ومرحبا مهندس عبدالله الحسام وعيد سعيد مؤخرا .. بل وعيد تحرير مجيد.. اود ان انوه اني لست دكتور بل انا مازلت احضر رسالة الدكتوراه في جامعة تكساس في الولايات المتحدة وأسأل الله أن يعينني فقد ظل حلم البحث العلمي يراودني منذ استكمال دارسة الماجستير في جامعة صوفيا ولكني قررت ان اتفرغ للعمل السياسي وغادرت مقاعد الدارسة الجامعية العليا في بريطانيا مرتين لانشغالي التام في العمل السياسي ولقناعتي بواجبي نحو وطني واهلي في الجنوب كأولوية على أي شيء آخر وقد كرست من عمري ربع قرن لهذا الغرض. انوي القيام بدراسة نقدية لتاريخ الثورة كجزء من عمل نضالي اراه هام وضروري بدلا من ان يكتبه زبانية نظام الاحتلال اليمني فمأساتنا الجنوبية تكمن أولا وأخيرا في وقوعنا في دائرة التشويه والمسخ لوعينا الوطني الجنوبي.
– أولًا نود أن تعبر لنا عن شعورك بعد أن وطأت قدماك أرض الوطن بعد غياب قسري استمر قرابة ثلاثة عقود؟
أولا اشكر مؤسسة الصدارة سكاي الإعلامية.. هذ المؤسسة الفتية التي دشنت عملها مؤخرا بجهود مجموعة من الشباب الذي الفنا وجودهم الفاعل في المواقع الإعلامية الجنوبية ونتوقع لهذه المؤسسة مستقبل واعد. بالعودة الى سؤالكم، انا عندما وطأت قدماي ارض مطار عدن الحبيبة برفقة رئيس تاج ونائس الرئيس اللذان قاسماني متاعب الغربة والنضال لعقود في المملكة المتحدة، كان في استقبالنا عدد من قادة تاج المناضلين وأصدقاء وزملاء عملي قبل ثلاثة عقود تعرفت على ملامح بعضهم بصعوبة. فكانت حرارة الاستقبال ودفئ المشاعر أكثر من ان توصف. كنت أعيش لحظة حلم لم أستطع الاندماج مع الواقع حينها وانا اشاهد زملائي يديرون المطار ويحملون حقائبنا وجوازات سفرنا دون وجود أثر لعناصر الاحتلال اليمني. في الحقيقة كانت لحظة سعيدة ازاحت عني هم ثلاثة عقود من الزمن وذكريات وألم تجرعناه من المعاملة الهمجية لنظام الاحتلال اليمني البغيض. كان للقائي بوالدتي أسال الله ان يمن عليها بالصحة وطول العمر واقاربي واصدقائي وزملائي ورفاق الدرب الذي قابلتهم في مختلف المؤسسات أثر كبير في نفسي خفف عني حرارة الجو والشمس اللافحة وأثار العبث والدمار الذي خلفه الغزاة الهمج خلال وجودهم لعقدين من الزمان وتلمست نسمات البحر العليلة في عدن والمكلا ونفحات الامل الواعدة لبلد يزحزح من على كاهله أعباء السنين ويتحفز للانطلاقة نحو الغد المشرق والمزدهر بدون أدني شك.
– من الذي كان يتمنى الأستاذ عبده النقيب أن يكون في مقدمة مستقبليه في مطار عدن من رفاق دربه الذين كان على تواصل معهم لكن الموت غيبه إما شهيدًا أو فقيدًا بعد عودتك لأول مرة إلى عدن؟
كنت أتمنى أن التقي بالفقيد جمال مطلق والمهندس عبدالله الضالعي وامين صالح، احمد بلفقيه وناصر العولقي وأحمد القمع ومحسن طوأره وكثيرين من رفاق الدرب الطويل الذين غادروا الحياة والذي عشنا معا مرحلة بناء الثورة والنضال الوطني الشاق لعقود لحظة بلحظة.
– هل دار في خلد عبده النقيب منذ ما بعد عام أربعة وتسعين إلى ما قبل 2015 أن يعود إلى أرض الوطن فتستقبله رايات الجنوب في مطار عدن الدولي المحمي بقوات جنوبية؟
كنت على يقين بزوال نظام الاحتلال اليمني رغم كل عوامل القوة التي يتميز بها فقد كان شديد الرسوخ لعلاقته بالشركات والعصابات الدولية التي تحكم في أكثر من دولة عظمى وكانت كل دول المنطقة تخشاه لهذه الارتباطات الخطيرة فقد كان بؤرة شر دولية تمارس كل اشكال الجريمة من تهريب المخدرات والأسلحة والخمور والآثار وتجارة البشر وتزوير العملات والوثائق بمختلف أنواعها واندماج التنظيمات الإرهابية الدولية في نسيج هذا النظام.. لقد تقاسم رموز هذه النظام (العصابة) ثروات الوطن مع العصابات الدولية واستباحوا السيادة وكانوا يحضون بدعم دولي واقليمي منقطع النظير سد بأوجهنا كل المنافذ.. لكننا استغلينا وجودنا في البلدان الاوربية والأمريكية والمجال الديمقراطي للتحرك وكان لوسائل التواصل الاجتماعي التي كانت مازالت في بداية تشكلها أثر كبير حيث افسحت لنا مجال واسع للتواصل مع الجنوبيين في الداخل والخارج واسمعنا صوتنا لكل العالم.. كنت على يقين بقدوم يوم التحرير والانعتاق لكني كنت اظنه بعيدا وربما لأجيال قادمة لا تعرفنا.
– أتذكر جيدًا أنني في العام 2012 تقريبًا وجهت لك سؤالًا عن توقيت عودتك إلى أرض الوطن فأجبتني “عند رحيل الاحتلال قريبًا بإذن الله”! هل ترى أن الاحتلال قد انتهى وما تبقى سوى خطوات لإعلان الدولة؟
نظام الاحتلال تفكك دون رجعة وادخل اليمن (الجمهورية العربية اليمنية) في نفق مظلم لن يخرجوا منه بكل اسف لعقود كثيرة وربما لمائة عام قادم فالمجتمع في الجمهورية العربية اليمنية تم تدمير قيمه ولا توجد أي مقومات للثورة ضد الوضع القائم فقد تم تهجين المجتمع هناك على مدى قرون طويلة من قبل الاحباش والفرس والأتراك بكل اسف فعودة الامامة بهذه القوة ورضوخ المجتمع كليا بل واحتضانه لها يؤكد هذه الحقيقة. على العكس تماما فالمجتمع في الجنوب العربي يأبى الضيم والظلم.. مجتمع مقاوم بامتياز وقد خبّرتنا بريطانيا العظمى ونظام الاحتلال اليمني كليهما على حد سواء فمجتمع بهذه الحيوية لا مجال لاستعباده من قبل أي كان. رغم أن كل ما يبدو سيئا الآن وهو وضع مفتعل ومؤقت لكن لا حل ولا مجال سوى بتجاوز هذا الوضع واستعادة وبناء الدولة الجنوبية فقد صار الخيار امرا واقع دون غيره.
– ما الذي دفعكم للعودة إلى أرض الوطن والدخول في حوار مباشر مع المجلس الانتقالي الجنوبي، ومن ثم صرتم من قيادته، وقد كنتم – كما اظن – أحد أبرز المختلفين معه طوال السنوات الماضية وصرتم الآن من قيادة المجلس وفقًا لقرارات هيكلة المجلس؟
لست على خلاف مع زملائي في المجلس الانتقالي فمعظمهم ممن عملنا وهم سويا.. ناصرت المجلس الانتقالي لحظة تأسيسه وكنا قد قطعنا اشواطا كبيرة في الخارج لم يتم استغلالها من قبل الانتقالي فقط مؤخرا بدا بالتحرك خارجيا في الاتجاه المطلوب. كان لي رأي حول كثير من المسائل حول طريقة العمل التي يدار بها الانتقالي لكني كنت دوما على استعداد للوقوف مع الانتقالي حتى وان كانت لي ملاحظات فهو بكل سلبياته يحمل همنا جميعا. استوعب الصعوبات الجمة التي تواجه عمل الانتقالي فلست مثاليا اطلب المستحيل لكن هنالك خطوات أساسية وضرورية كان يجب ان تتم دون ابطاء وهي الحوار الجنوبي الواسع والذهاب نحو مؤتمر وطني جنوبي حتى تتم المشاركة الجنوبية الواسعة والتوافق الجنوبي العريض ويتحمل الكل المسؤولية فذلك يحصن الثورة من الداخل ويحميها ويقويها في مواجهة المؤامرات الداخلية والخارجية.. فالتاريخ علمنا ان الخطر دائما يأتي على أي ثورة او دولة من داخلها. حانت اللحظة بانطلاق الحوار الوطني الجنوبي الذي اداره المجلس الانتقالي رغم مآخذي الكثيرة عليه والذي توج باللقاء التشاوري الجنوبي الواسع والذي يعد بمثابة مؤتمر وطني فهذا ماكنت احلم به وندعو له مذ 2006م وقد عدت أساسا للمشاركة فيه.. وجدث صدر رحبا من قبل أخواني في قيادة المجلس الانتقالي وفي مقدمتهم الرئيس والقائد اللواء عيدروس الزبيدي وقبولي بالمشاركة في قيادة المجلس الانتقالي فهي لقناعتي بأنه تقع علينا جميعا مهمة تحمل المسئولية ولا أحد غيرنا يأتي من خارج الجنوب وان هناك عناصر وطنية شريفة لديها الحماس والوطنية والكفاءة وسنشكل جنبا الى جنوب رافد كبير للتغيير وإخراج الجنوب من هذا الوضع الغير مقبول تماما. لقد توج اللقاء التشاوري بإقرار الميثاق الوطني وبتوافق جنوبي عريض وهو أمر بالغ الأهمية شاركت فيه بعد أن انتظرت هذه اللحظة لسنوات طويلة.
-ما هو تقييمكم لما قد تم إنجازه في الجنوب وبالذات في السنوات الماضية عسكريًا وأمنيًا ومؤسسيًا من قبل المجلس الانتقالي على طريق استعادة الدولة؟
لابد ان ما قطعه الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي في مشواره النضالي نحو عملية استعادة وبناء الدولة الجنوبية المستقلة طويل واساسي.. هناك امر بالغ الأهمية ربما لا يدركه الكثيرون وهو عملية بلورة وتأسيس الوعي الوطني الجنوبي. كانت هزيمتنا في 1994م ليست نتيجة لضعفنا عسكريا او ماديا بل أساسا لوجود تشوش في وعينا الوطني.. كانت الثورة التي حاولوا تقزيمها بإطلاق اسم الحراك الجنوبي عليها قد أدركت أهمية بناء الوعي الوطني الجنوبي أولا وقبل كل شيء وهذا ما كرسنا كل اقلامنا واصواتنا لنبش تاريخنا المدفون ونفض الغبار الذي علق به ولأشيء كان قادرا على توحيد الجنوب من أقصاه الى أقصاه سوى المشروع الوطني الجنوبي، مشروع الجنوب العربي بغض النظر عن التسمية المهم هو ايماننا بتاريخنا وهويتنا الجنوبية المستقلة.. لقد سببت لنا الايديولوجية القومجية صدوع وشروخ عميقة في مجتمعنا الجنوبي تمكن الأعداء التسلل من خلالها الى داخلنا واشعال الفتن والحروب فيما بيننا وتنفيذ استراتيجيهم القديمة المتجددة والتي تكمن في الاستيلاء على أراضي الجنوب وثرواته واستعباد وتشريد اهله. تمكن المشروع الوطني الجنوبي من تضميد الجراح ولملمة شتات المجتمع الجنوبي وتتويج ذلك بتحقيق النصر العسكري المؤزر بأقل الإمكانيات. هناك نجاحات كبيرة تحققت بقيادة المجلس الانتقالي في المجالات العسكرية والأمنية والإعلامية والثقافية وتلك أعمدة أساسية نقف عليها اليوم لاستكمال تحقيق اهدافنا في استعادة وبناء الدولة الجنوبية المستقلة.
– وأنت أحد أبرز مؤسسي حزب التجمع الديموقراطي الجنوبي (تاج) هل لازلت تعتقد أن الحزب لايزال محافظًا على ذات الزخم الذي كان عليه قبل العام 2009 على ما أتذكر عند حدوث اول انشقاق في الحزب؟
لم تعد الأحزاب السياسية بإجمال ذات ألق فقد انقضى عصر الأيدولوجيات وهذا ما يجب ان ننظر له في سياستنا العامة.. التجمع الديمقراطي الجنوبي ليس حزبا عقائديا بل تجمع وطني فضفاض يضم في اطاره عناصر متنوعة وكثيرة وهذا جعله حزبا جماهيريا واسعا.. لم نهتم كثيرا في العمل التنظيمي لان ذلك يغرقنا في تفاصيل وصراعات عاشتها الأحزاب القومية واليسارية وأدت الى حصرها في اطر ضيقة رغم المبادئ والقيم الثورية العادلة التي كانت تبشر بها.. اسسنا في عملنا السياسي الوطني تجربة شعبية جديدة استوحينا ذلك من ثورات شرق اوروبا وسبقنا الربيع العربي بسبع سنوات على الأقل عند تأسيس تاج في 2003م. لم يكن بوسع أي حزب تقليدي مواجهة نظام الاحتلال اليمني الراسخ والقوي الذي يملك المال والنفوذ والسيطرة حتى على المعارضة. لم يعد ممكنا مثلا القيام بانقلاب عبر اختراق القوات المسلحة او عبر الوسائل القديمة المعروفة فلذا تبنينا استراتيجية تثوير الشارع والثورة الشعبية المستمرة لتدمير النظام اقتصاديا وزعزعة اركانه والدفع بقوّات الاحتلال واجهزته السياسية والأمنية للمواجهة مع الجماهير. كنا ندرك انه نظام الاحتلال مصاب بالعمى نتيجة القوة والغطرسة والغرور فيمكن جره لهذه الحلبة القاتلة، فما ان ينزلق للمواجهة مع الجماهير حتى تبدأ مرحلة النهاية فالجماهير هي الوحيدة القادرة على التغيير وهي الوحيدة الغير قابلة للهزيمة وهذا مأتم فعلا وبنجاح باهر. لن أنسى التأكيد ان المعركة مستمرة الآن والجماهير هي القادرة على هزيمة القوى المعادية داخليا وخارجيا ولذا لا يجب ان نترك هذا السلاح الفعال الذي هزم أعتى الأنظمة العسكرية والأمنية كما جرى في تونس ومصر على سبيل المثال. تاج ليس حزبا تقليديا بل مشروع وطني وقد نحج في تأسيس هذا المشروع الذي أصبح اجندة للشارع الجنوبي بمختلف مكوناته. تاج خاض المعركة السياسية والإعلامية بجدارة مع المفارز المتقدمة للاحتلال المتمثلة باللقاء المشترك وازحناه من الساحة السياسية الجنوبية بنجاح. لا شك انهم استهدفوا تاج وجندوا له كل الوسائل الأمنية والعسكرية والمالية والإعلامية وحاولوا تمزيقه لكن بنائه الفضاض افشلهم في اختراقه لأنهم فشلوا في إدراك استراتيجية تاج وواجهوه بطرق تقليدية فاشلة وغبية الى درجة انهم اقتنعوا بأننا مدعومين بريطانيا. كان كل الشارع يردد شعارات تاج فاختلطت على الاحتلال واجهزته الأمنية والسياسية الأمور فلم يدركوا اين يتواجد فعليا اعضاء تاج وصاروا في مواجهة شعب بأكمله. ليسوا الافراد ذات أهمية في عمل تاج بل المبادئ والاهداف والبرنامج السياسي فالجنوب كله كان يصدح بمشروع الجنوب العربي من داخل وخارج تاج وقد تحقق برنامجنا بنجاح لم يسبق له أي حزب.
– ما هي قراءتكم كمجلس انتقالي للتحركات السعودية الأخيرة في حضرموت ورعايتها المعلنة لتأسيس المجلس الوطني الحضرمي؟
أكدنا مرار وفي أكثر من مناسبة وعلى لسان عدد من قادة المجلس الانتقالي والرموز الجنوبية المختلفة ان الجنوب هو البوابة التي تحمي الجزيرة العربية كلها ولا نشك في ان مصلحة المملكة العربية السعودية ودول الجوار بما في ذلك اليمن الشقيق هو وجود دولة جنوبية موحدة ومزدهرة قوية تحقق الامن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وتخلق مجال للتعاون الاقتصادي والأمني والعسكري الذي بدوره ينعكس على التنمية ويحقق الازدهار لجميع شعوب المنطقة. المملكة العربية السعودية لديها مشروعها الاقتصادي المتمثل في عشرين ثلاثين وهي بأمس الحاجة لوجود استقرار أمنى وعلاقات تكامل وتعاون مع كل دول الجوار يوفر عليها النزيف المالي التي تلتهمه بؤر التوتر والحروب والاضطرابات في المنطقة. لقد تمكنتا المملكة ودولة الامارات العربية المتحدة من اجتثاث التنظيمات التكفيرية والارهابية التي صنعتها جماعة الاخوان المسلمين بتخطيط وتوجيه استعماري معروف الهدف منه تمزيق أوصال الأمة العربية وتكمين دول الغرب من الهيمنة السياسية ونهب ثروات الأمة وهذا يجرنا الى الحديث عن الدور السيء لهذه الجماعة في محاولة العبث بالوحدة الوطنية الجنوبية غير مدركين بأن حضرموت هي الجنوب بامتدادها التاريخي والديني والثقافي فجنوب اليوم لم يعد كما كان بالأمس.. جنوب اليوم قائم على الشراكة والتوافق والتكامل والتعاون وهذا هو طريقنا حتى وان لم يتم انجاز هذه الأهداف اليوم فإنها ستظل سياسة وتفكير استراتيجيين تؤسسان لدولة الجنوب الفيدرالية القادمة وقد قالت حضرموت كلمتها في يوم الأرض واسمعتها لمن بأذنه صمم ولا قول لنا بعد ذلك فقد قطعت جهيزة قول كل خطيب
– هل المجلس الانتقالي على استعداد للانخراط في حوار جِدَّي مع هذا المجلس بغض النظر عن أطروحاته ونظرته للحل السياسي؟
المجلس الانتقالي منفتح للحوار مع كل جنوبي حتى وان روج لأي أهدف.. لقد أكد اللقاء التشاوري الجنوبي الذي انعقد في مطلع مايو المنصرم على أهمية مواصلة الحوار مع الجنوبيين الذين لم ينخرطوا في المجلس او لم يشاركوا في اللقاء التشاوري فلا سبيل لبناء جنوب مزدهر وموحد الا بالتوافق والشراكة والحوار. هناك ثوابت وطنية يجب التمسك بها وهذا امر مسلم به في كل المجتمعات الحضارية وتتمثل في احترام الراي الأخر والحق في المشاركة في السلطة والثروة والقرار عبر الوسائل الديمقراطية وعدم الاضرار بالسيادة والمصالح الوطنية فتلك خطوط حمراء.. لم يعد في خطاب وقاموس المجلس الانتقالي شعارات التخوين فالأيدي ممدودة لكل من يريد المشاركة في الجنوب الفيدرالي الذي يحترم خصوصيات كل محافظة جنوبية وحقها في إدارة شؤونها وكما تعودنا كانت حضرموت دائما قلب الجنوب النابض وحاضنته التاريخية على مدى قرون طويلة وستبقى كذلك فالأمر ليس طارئ كما يظن البعض.
– قبل أسابيع دشن المجلس الانتقالي الجنوبي معركة سياسية وإعلامية للإطاحة بحكومة معين عبدالملكباعتبارها فاشلة ويرأسها فاسد كما ورد في تصريحات قيادات المجلس لماذا توقفت هذه المعركة فجأة؟
ليس الامر مجرد أن معين عبدالملك فساده يزكم الانوف بل يجب ان يدار الجنوب بشخصيات وطنية جنوبية.. من الضروري تشكيل إدارة جنوبية مستقلة تمثل الجنوب في هذه المرحلة الانتقالية واي شراكة تفرضها علينا ظروف المرحلة يجب ان تكون شراكة سياسية بعيدة عن أي تأثير على مصالح وخدمات الناس في الجنوب ومؤسساته. الحقيقة ان المجلس الرئاسي ليس له أي مهام ووجود رئيس وزراء دخيل على الجنوب يكن حقدا لأهله ويمثل مصالح بقايا عصابات الاحتلال اليمني امر غير سوي.. لا أدرى في ماذا الجنوب شريك مع ما تسمى بالشرعية. الشرعية لا تمثل أحد وليس لها أي وجود سوى في دهاليز جماعة الاخوان المسلمين الإرهابية ومن خلفها التنظيم الإرهابي الدولي للجماعة، فالحوثي قد حسم امره ولم يعد أحد يتحدث عن استعادة ما تسمى بالشرعية او إزاحة الانقلاب.. فما هو الهدف من وجود شراكة مع رشاد العليمي او سلطان البركاني او الفاسد معين او غيرهم من المتسولين والمتجولين في المطارات فليس لهم وجود فعلي على الأرض أصلا ولا يمثلوا أحد في اليمن فما بالك بالجنوب العربي. يجب بدء الحملة الشعبية في التمكين من المؤسسات ووضع حد لهذا العبث الغير المبرر فالمعركة وجودية أولا وأخيرا.
– في الآونة الأخيرة رأينا رئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي ومعه مستشاروه ووزراء الحكومة يمارسون مهامهم من حضرموت؟ هل هذا كان ردًا على المطالبة بإقالة رئيس الحكومة من وجهة نظرك الشخصية؟
لا شك انهم محتفظين بآخر اوراقهم وهي الوجود العسكري لنظام الاحتلال اليمني البائد في حضرموت ومحاولة العبث بحضرموت هي أخر أسلحتهم وقد تم اسكاتهم بالهبّة الشعبية التي عمّت حضرموت في يوم الأرض ويوم الرد الجنوبي على كل الطامعين بثروات الجنوب واراضي الجنوب. لقد اكدت هذه الهبّة الشعبية على حضور المجلس الانتقالي ونجاحه في الحوار ونجاح رموز حضرموت في المجلس الانتقالي وتحركاتهم الأخيرة التي جرت بعد اللقاء التشاوري الجنوبي وسيستمر الانتقالي في تحشيد وتنظيم الزخم الشعبي الذي هو كفيل بتطهير حضرموت من رشاد وقواته العسكرية ومن يدعمهم أي كان.
– لا يخفى وجود حراك دولي لإيجاد حل شامل لأزمة حرب اليمن. ما موقع الجنوب من كل ما يجري دكتور عبده؟
لم يعد خافيا بأن الوحدة اليمنية صارت في ذمة التاريخ ولم يعد حتى التفكير فيها يراود أحد بل هي مأساة يجب ان لا تتكرر.. لقد حسمت المسألة شماليا من قبل الحوثي قبل ان تحسم جنوبيا.. ان جماعة الحوثي تدرك انها لا تستطيع ان تحكم سوى في مناطق نفوذها وحاضنتها في الهضبة الشمالية واي خروج لها جنوبا ستكون نهايتها. وهي لن تتخلى عن السلطة مهما كان الامر وستظل في صراع دائم مع اليمن الأسفل الشافعي في تهامة وتعز وإب ومارب والبيضاء بالذات. تقطن هذه الجماعة منطقة قبلية ذات كثافة سكانية وموارد شحيحة وتعيش على استعباد اهل اليمن الاسفل وسلب قوتهم. المجتمع الدولي يراقب الوضع بحذر شديد وقد سمعنا تصريحات كثيرة من أطراف دولية تؤكد ان العودة الى وضع ما قبل 2015 صار غير ممكنا ولايمكن التفكير به وقد مثل اللقاء التشاوري الجنوبي نقطة تحول بالغة الأهمية في هذا الصدد عززت القناعات لدى المراقبين الدوليين بأن الامر قد حسم لهذا استنفرت جماعة الاخوان المسلمين وحشدت قواها لمحاولة خلط الأوراق في الجنوب لعلها تفلح في وقف تدفق الزخم الشعبي الجنوبي ولكنها آخر المحاولات قبل افول نجم ما تسمى بالشرعية من المسرح السياسي والى الابد فالحوار القادم يجب ان يكون مع ممثلي اليمن الحقيقين الموجودين في صنعاء حول مستقبل العلاقة بين الدولتين فقط.
– إذا ما تقرر فتح حوار بين الأطراف اليمنية، هل سيقبل المجلس الانتقالي الجنوبي الذهاب للتفاوض ضمن وفد الشرعية (مجلس القيادة)؟
سيرتكب الانتقالي خطأً جسيما أذا استمر في التعاطي مع ما تسمى بالشرعية كشريك في السلطة على الجنوب كما هو الآن.. إذا كانت دول التحالف تحاور الحوثيين على قضايا واتفاقات آخري ليس من بينها شيء اسمه استعادة الشرعية فهذا يعني ببساطة ان دور ما تسمى بالشرعية قد انتهى. يجب ان يدار الجنوب جنوبيا واي حوار حول مستقبل الجنوب يجب ان يخوضه المجلس الانتقالي فقط. فماهي الفائدة من وجود ما تسمى بالشرعية إذا كان لم يعد لدى التحالف او أحد آخر أي تفكير باستعادة ما تسمى بالشرعية. يجب ان يبقى رشاد ومعين وغيرهم بعيدين عن أي مصالح متعلقة بالجنوب وإذا كان لديهم قضية متعلقة بوطنهم فهم معنيين بذلك وهي المجال الوحيد الذي يجب أن يمارسوا فيه نشاطهم. لقد استضافهم الجنوبيون على امل أن يفعلوا شيء متعلق بإزاحة الحوثيين من السلطة لكنهم كرسوا كل جهودهم للعبث بالجنوب فيجب ان نقول لهم اليوم لقد انتهت فترة الضيافة فليذهبوا للإقامة في المخا او في مارب.
كلمة أخيرة تودون قولها؟…
رغم كل الآلام والمآسي ورغم المعاناة فإننا ننتظر انطلاقة جنوبية تعانق المستقبل وتبني دولة مستقرة ومزدهرة تعيد للمواطن كرامته وحقه المهدور فلا سبيل لنا سوى بمواجهة مشكلتنا ولنكف عن البكاء على اللبن المسفوح ولنبدأ برص صفوفنا والانفتاح على كل جنوبي لبناء شراكة حقيقية فالوطن يعج بالثروات والخيرات التي ستعم الكل ولننظر لتجارب شعوب كثيرة كيف تغلبت على محنها ولم تنجح سوى عبر السبيل الديمقراطي والتوافق المجتمعي الحضاري.
– في نهاية هذا الحوار نتقدم بجزيل الشكر لإتاحتك لنا هذه الفرصة وسعة صدرك في الإجابة عما تم طرحه.