اشارت مجلة “لوبوان” الفرنسية، الى إن “إعلان مجموعة “بريكس” المُفترض عن إنشاء عملة مشتركة، قد يؤدي إلى اختلالات متعددة في السندات”. وأوضحت أن “العالم يعلم الآن أنه خلال قمة “بريكس” المقبلة، التي ستعقد في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا في الفترة ما بين 22 و24 آب الجاري، ستعلن الدول الأعضاء في المجموعة عن إنشاء عملة مشتركة، والتي من المفترض أن تكون مدعومة بالذهب”.
واوضحت بان “دول “بريكس” (البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب إفريقيا) تمثل نحو 40% من سكان العالم، و25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وقد تجاوز حجمها الاقتصادي قبل كل شيء حجم مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى هذا العام. لذلك، بطبيعة الحال، فإن الظهور الوشيك لعملة مشتركة يوفر مادة لتحليل مرحلة جديدة من ظاهرة “إزالة الدولرة” التي حظيت بدعاية كبيرة”.
ولفتت المجلة الفرنسية الى انه “في البداية، من المرجح أن تؤدي هذه المرحلة إلى اختلالات متعددة في السندات أكثر من تهديد الدولار في وضعه كعملة احتياطية مرجعية”. مشيرة إلى أن الصين التي يبلغ إجمالي ناتجها المحلي أكثر من 17 ترليون دولار، تمتلك حاليا عملة لا تُذكر مكانتها بين العملات الاحتياطية الدولية. في الواقع، يمثل اليوان 2% فقط من أصول احتياطي العملات الأجنبية العالمية، مقارنة بحوالي 20% لليورو، و60% للدولار”. وتابعت “كونك قوة تجارية فذلك لا يكفي لجعل عملتك مرجعية بين العملات الدولية، على الرغم من أن التفوق في الصادرات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالطاقة أو المواد الخام، أكثر من الخدمات، يفضل بالضرورة الهيمنة النقدية لدولة أو كتلة”.
وذكرت بانه “لأول مرة في تاريخ النظام النقدي الدولي الحديث الناتج بشكل رئيسي عن توقيع اتفاقيات “بريتون وودز”، منحت السعودية نفسها حرية نقل النفط من خلال تحرير نفسها من العملة الأميركية. وعلى الرغم من حقيقة ذلك أيضا، انخفضت حصة الدولار الأميركي في احتياطيات البنك المركزي في عام 2021 من 70% إلى 59%، وما يزال أمام الدولار سنوات عديدة من التفوق”.
واردفت إن “التمويل العالمي يدخل فترة من الانتكاسات غير المسبوقة، وأن بعض التغييرات، التي أصبحت ممكنة بواسطة الأدوات الرقمية، ستؤدي إلى زيادة مراحل عدم الاستقرار النقدي وجعلها أكثر انتظاما. فشراء الديون السيادية الأميركية من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتيسير الكمي الهائل الذي تم تشغيله في السنوات الأخيرة من قبل البنك المركزي الأوروبي، والإصدار المستقبلي لليورو الرقمي، والمكان المتنامي للعملات المشفرة في الاستثمارات العالمية، يمثل عددا من العناصر التي تقود منطقيا للابتعاد عن وفرة التمويل، بحكم أنها تسبب مواقف لا يمكن السيطرة عليها. ويتعين أن تكون أجهزة الإنتاج، وكذلك الأصول الحقيقية (بشكل أساسي تلك التي تعتمد قيمتها على النفعية الأساسية، على سبيل المثال العقارات) يجب أن تكون مدعومة بشكل منهجي بعملات ذات مصداقية. وبهذا المعنى، ولأسباب مختلفة تسمح له بالحفاظ على مصداقيته، سيظل الدولار عملة مرجعية دولية”.
واعتبرت بإنه “من المحتمل أن يؤدي ظهور عملة “بريكس” إلى تقليل الممارسة التي أصبحت ميكانيكية، لتحويل العنوان الذي يعد مفيدا للغاية للدول الغربية”. وتابعت: “اقتصاداتنا هي منظمات قائمة على نظام السندات. لعدة عقود، العديد من البلدان التي نمد أنفسنا منها بالطاقة أو المواد الخام، تحصل، مع جزء من كمية العملة التي نصدرها لهم في المقابل، على السندات الحكومية التي نصدرها. هذا هو أحد الأسباب التي تجعل قدرا كبيرا من الديون الخارجية لفرنسا محتجزا من قبل المقرضين الصينيين. بهذا المعنى، فإن عملة البريكس ستزعج نظام السندات العالمي، فمع وجود عملة مشتركة، سيكون هناك القليل من الأسباب الواضحة لبلدان مثل الهند وروسيا لإنشاء تبادل السندات المعتاد فيما بينها، على غرار تلك التي كانت لدى فرنسا حتى الآن مع روسيا. ومن المحتمل أيضا أن يؤدي ظهور هذه العملة الموحدة في السوق، إلى زيادة إقبال المستثمرين الغربيين على شراء السندات الحكومية للدول الأعضاء في منظمة بريكس”.
وتابعت قائلة: “لذا، قبل “إزالة الدولرة” عالمياً، علينا قبل كل شيء أن نتوقع أن هذه العملة الجديدة ستسهم في نقل البلدان التي تقرض، وتلك التي تصدر الديون إلى سوق السندات. أدى إدخال اليورو كعملة مشتركة إلى زيادة استحواذ المستثمرين الأجانب على السندات الصادرة عن البلدان الأعضاء في منطقة اليورو، وذلك ببساطة لأن شراء سندات الدين الحكومية المقومة بعملة تستخدمها مجموعة من الدول القوية يهدف إلى أن يكون مطمئنا. وبالتالي، ستحفز عملة بريكس سوق السندات للعديد من القوى الكبرى التي يمكن وصفها بأنها ناشئة”.