كانت الكويت تعد من أوائل الدول العربية التي اهتمت بالثقافة والتعليم وشجع امرائها الصحافة ودور النشر ومراكز الأبحاث في شتى المجالات، ثم عمدت إلى تعديل دستورها ومنح المواطنين بعض الحيز من الديمقراطية في محاولة من الأسرة الحاكمة إتاحة الفرصة أمام الشعب وإشراكهم في الحكم وصناعة القرار، وهذا أمر يحسب لآل الصباح، لكن..
بما أن التجربة حديثة عند انطلاقها ولم تكن هناك أي خلفية مشاريع سياسية أو ثقافة سياسية شعبية لدى المواطن الكويتي لتأطير نفسه وخوض غمار المنافسة والتجربة الحديثة ما جعل الساحة السياسية متروكة لجماعة الإخوان المسلمين الذين استغلوا هذا الحيز الديمقراطي المتاح، واستفادوا من رغبة الأسرة الحاكمة في التصدي للفكر الليبرالي القومي، فعمدوا على استقطاب أكبر عدد من الكويتيين وادلجتهم والدخول في الانتخابات النيابية ثم تعديل بعض نصوص القوانين بما يتناسب وبرامجهم السياسية بالإضافة إلى استغلال تواجدهم في قبة البرلمان مجلس الأمة وانتزاع مناصب حساسة في الحكومة والحصول على امتيازات في التجارة والدبلوماسية وغيرها..
تأسست حركة الإخوان المسلمين في الكويت في نهايات الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي، وجاءت بدايتها على شكل تأسيس عمل دعوي رسمي مفتوح تمثّل في “جمعية الإرشاد الإسلامي” في العام 1952م، واعلنت فتح باب العضوية للجميع، ومن خلال هذه الجمعية بداء نشاط الحركة التي ركزت على استقطاب الشباب بدرجة رئيسية.
وكانت البداية عندما التقى عبدالعزيز العلي المطوع، مع مؤسس “الإخوان المسلمين” الإمام حسن البنا في مكة المكرمة، وبعدها شرع العلي في تأسيس أولى بذور الإخوان في الكويت، وكان المطوع أبرز المؤسسين لإخوان الكويت.
ارتبط المطوع بعلاقات واسعة مع إخوان مصر ومع حسن البنا بالذات، بحسب شهادة الإخوان المسلمين أنفسهم، وبحسب شقيقه الأصغر عبدالله المطوع، في “مذكراته التي نشرت في جريدة “الحركة’، 26 ديسمبر 2005م”، إذ يقول: “كان أخي الأكبر المرحوم عبدالعزيز المطوع على صلة بالحركات الإسلامية والعمل الإسلامي، حيث كانت صلته بالإخوان المسلمين تحديداً ومكتب الإرشاد في مصر آنذاك قوية ووطيدة، وكانت مطبوعات الإخوان تصل إلى الكويت، ولما كان أخي عبدالعزيز له صلة بهذا العمل الإسلامي المنظم وهو عمل جماعة الإخوان المسلمين، فقد تأثرت بهذا التوجه، وكنا نسير وفق آليات مستفيدين من مناهج الإخوان المسلمين في التربية والتوجيه التي مردها إلى الكتاب والسنة، ووجدنا في تجمع الإخوان المسلمين آنذاك نموذجا يحتذى مما جعلنا نتبنى اطروحاتهم الطيبة ومسيرتهم الخيرة”.
لكن خلافات شديدة برزت داخل الحركة التي انقسم قادتها إلى فريقين، الفريق الأول فيها عبد العزيز العلي ومحمد سليم، والفريق الثاني محمد العدساني وعبد العزيز سالم (اسمه الحقيقي نجيب جويفل).
وجاء الخلاف حول طبيعة العلاقة مع الأسرة الحاكمة، بالإضافة إلى تأثر البعض بأحداث الصدام بين حركة الإخوان المسلمين في مصر مع الزعيم جمال عبد الناصر.
واول نقطة خلاف حول اعتراض العدساني وأتباعه على طريقة ادارة الحركة من قبل عبدالعزيز العلي الذي اتهموه باختزال القرارات المهمة بيد مجموعة صغيرة تابعة له وتهميش البقية من أعضاء الجمعية واستبعادهم من اي مشاركة في اتخاذ القرارات.
وبعد سنوات من الخلافات والتمزق وضعف الحركة سعت بعض الشخصيات الإخوانية إلى إعادة ترتيب نفسها، وعمدوا إلى تأسيس “جمعية الإصلاح الاجتماعي” عام 1963م تحت مبررات مواجهة انتشار فكر العلمانيين الذي كانوا يطلقونه على انصار “حركة القوميين العرب” بالذات الناصريين وذلك عندما لاحظوا النشاط الكبير للقوميين العرب في أوساط المجتمع الكويتي..
قاد الحملة الإسلاموية عبدالله العلي المطوع الذي كان يمثل أبرز الشخصيات الإخوانية من حيث الأموال الطائلة التي يمتلكها وعلاقته الوطيدة مع الأسرة الحاكمة، وهذا ساعد في محاربة نشاط وفكر القوميين العرب.
وتحت مبرر أن القوميين العرب يحملون فكر سياسي منفتح يتعارض مع أنظمة الحكم الملكية استطاع إخوان الكويت إقناع أمراء الكويت بوجوب تقليص ومحاربة نشاط القوميين العرب فعمل امير الكويت آنذاك على دعم جماعة الإخوان المسلمين، بقوة واستطاع الإخوان تمرير سياستهم ومنهجهم بانتزاع قرارات رسمية للحد من كثير من الظواهر التي يعارضونها مثل محاربة الانفتاح ومنع بيع الكحول ومن ثم تأسيس بيت التمويل الكويتي الذي جرى تأسيسه بمرسوم أميري.
استمرت التفاهمات بين الاخوان المسلمين والنظام الحاكم ليفرضوا على الاخير سن عدد من القوانين وإقرارها في مجلس الأمة بما يتواكب والتوجه الديني والمذهبي لفكر الإخوان وكان ذلك في العام 1981م بعد حديثهم عن وجود تزوير في نتائج الانتخابات عام 1967 وكل مجلس الأمة بموجب قرار غير دستوري عام 1976م، واستغلوا مثل هذه الأمور والتغاضي عنها مقابل تكثيف نشاطهم بين أوساط المجتمع الكويتي وأصبحت منابر المساجد والجامعات والمدارس حكرا عليهم دون غيرهم.
وكان الإخوان المسلمين دخلوا مجلس الأمة في عام 1985 – دخول البرلمان بثلاثة ممثلين، قبل بروز الخلاف بين المجلس والحكومة على إثر أزمة المناخ، ليتم حل المجلس يوم 3 يوليو 1986م، وتعطيل بعض مواد الدستور لتدخل الكويت في أزمة سياسية بعد الأزمة الاقتصادية.
وجاءت تحركات نواب مجلس 1985 لإعادة الحياة النيابية والعمل بدستور 1962، والتي تصاعدت عامي 1989 و1990 فيما عُرف بتجمعات “دواوين الإثنين”، والتي كان عمودها 26 نائبًا في مجلس 1985.
وظهرت اصوات مدنية معارضة لسياسة الحكومة وايدها الإخوان المسلمين، خصوصاً بعد رفض الحكومة لمطالب المعارضة وهنا انبرت الحركة إلى التصعيد ضد الحكومة من خلال دعوة المواطنين للتوقيع على عريضة شعبية تكفل بالقيام بها مجلس طلابي جامعي يتبع للإخوان المسلمين
وهنا ظهر الخلاف بين الحكومة وحركة الإخوان المسلمين حيث اتهمتهم الحكومة بممارسة النفاق السياسي باتباع سياسة مزدوجة من خلال المشاركة مع المعارضة ودعمها سياسياً، ومحاولة استمرار علاقتهم بالسلطة لحماية مصالحهم.
في نهايات فترة الغزو العراقي، عمل الإخوان على تأسيس أول واجهة سياسية لهم مستغلين بذلك قبول الشارع والأسرة الحاكمة لهم، وأُعلنت “الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)” التي مثّلت الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الكويت، وجاءت هذه التسمية لتؤكد على التزام الإخوان المسلمين بالنظام الدستوري والعمل على أسلمته.
توالت الحركات السياسية في الإعلان عن أنفسها على إثر إعلان حدس لتفرض واقعاً جديداً في الحياة السياسية أكثر جرأة.
قضايا الإسلاميين في مجلس الأمة بعد التحرير
جاءت قضية تعديل المادة الثانية من الدستور والمعنية بالهوية الدينية للدولة على رأس أولويات الإسلاميين خلال فترات شغلهم مقاعدهم في مجلس الأمة؛ حيث تطالب الأغلبية الإسلامية بأن تكون الشريعة الإسلامية هى “المصدر الوحيد” للتشريع، بدلاً من النص الذي يعتبرها “المصدر الرئيسي”. وازداد الاهتمام بهذه القضية في مجلس 1992؛ حيث طرح الموضوع من جديد من قبل حدس والتكتلات الإسلامية الأخرى، فتقدم تسعة وثلاثون نائبًا في يوليو/تموز 1994 باقتراح مماثل لتعديل المادة الثانية من الدستور؛ فقام الأمير بردِّ القانون كما حدث في المرات السابقة، لتكون تلك المحاولة آخر محاولة جادة لتعديل المادة الثانية من الدستور، والتي أعقبتها محاولات أخرى لكنها اتسمت بعدم الجدية لمعرفة الإسلاميين بعدم اقتناع الأسرة الحاكمة بأهمية تعديل المادة الثانية من الدستور.
مع ذلك فقد حرص الأمير الشيخ جابر الصباح على إرضاء الإسلاميين من خلال فسح المجال لإدخال العديد من التشريعات الإسلامية في القوانين كما حدث في مجلس 1981، كما قام بإنشاء “اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية”، والتي يقع على عاتقها تقديم دراسات متعلقة بالقوانين للعمل على أسلمتها.
وهكذا تم احتواء قضية تعديل المادة الثانية من الدستور والتي أخذت جهدًا كبيرًا من الإسلاميين الذين وإن لم ينجحوا في تعديل المادة الثانية فإنهم نجحوا في أسلمة العديد من القوانين لتتوافق والشريعة الإسلامية.
أما القضية الثانية التي أخذت الكثير من الوقت والجهد فكانت قضية الاختلاط بين الجنسين في جامعة الكويت؛ حيث استطاع الإسلاميون بعد سنوات طويلة من الصراع أن يُلزموا إدارة جامعة الكويت، والمحسوبة على التيار العلماني، بقانون تم إقراره في مجلس الأمة بعد تنسيق إسلامي-حكومي، وجاء طرح قضية منع الاختلاط في الجامعة بعد اقتناع الإسلاميين بعدم قدرتهم على كسب معركة تعديل المادة الثانية من الدستور وسعيهم لتعديل القوانين الأخرى باتجاه أكثر إسلامية.
تعمق الخلاف بين حدس والحكومة والنزول للشارع
بدأ الخلاف بين الحكومة وحدس يزداد مع حملة “نَبِّيها خمس” التي ضمت مختلف التيارات السياسية وبرزت فيها ولأول مرة مجاميع شبابية بدأت الحراك السياسي، وطالبت “نَبِّيها خمس” بتغيير الدوائر الانتخابية من 25 إلى 5 دوائر على خلفية تفشي المال السياسي في شراء الأصوات للوصول للبرلمان ونجحت في ذلك سنة 2007.
كما جاءت حادثة إلغاء عقد “كي – داو” مع شركة الداو كيميكال من قبل رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح في ديسمبر/كانون الأول 2008 لتقطع ثقة الإخوان المسلمين بالحكومة؛ حيث أصبح وزير النفط محمد العليم (أمين عام حدس حاليًا) كبش فداء الحكومة لحمايتها من التصعيد النيابي والإعلامي من قبل التكتل الشعبي (8). وازداد الاحتقان الشعبي خلال هذه السنوات مع تصاعد الخلاف بين أقطاب الحكم وبالذات بين الشيخ ناصر المحمد الصباح (رئيس الوزراء) والشيخ أحمد الفهد الصباح (نائب رئيس الوزراء)؛ الأمر الذي أدى لاستقالة الأخير، وتحركت القوى الشبابية والسياسية لإسقاط حكومة ناصر المحمد السابعة من خلال النزول للشارع بأعداد غير مسبوقة في تاريخ الكويت وبشكل يومي في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 بعد قضية “الإيداعات المليونية”، والتي اتُهم فيها ناصر المحمد برشوة عدد من النواب، وبالفعل تم تقديم استقالة ناصر المحمد، وحلّ مجلس الأمة، واستمر وجود حدس في صفوف وقيادة المعارضة في مجلس 2012 والذي عُرف باسم “مجلس الأغلبية”، لكنه لم يستمر لأكثر من أربعة أشهر.
كما قاطعت المعارضة، ومنها حدس، انتخابات 2012 الثانية وانتخابات 2013 على خلفية تدخل السلطة الحاكمة بالحياة السياسية، ورفعت المعارضة مطالبها لتغيير النهج السياسي الحكومي وإيجاد نظام سياسي توافقي جديد تتقلص فيه سلطة الأسرة الحاكمة لصالح الشعب، إلا أن المعارضة لتنوعها الفكري والسياسي والاجتماعي (إخوان مسلمين، مجموعة من السلفيين، إسلاميين مستقلين، تكتل شعبي، يساريين، عددًا من الليبراليين، عددًا من المجاميع الشبابية) لم تستطع تحديد خطوات الإصلاح السياسي على الرغم من اتفاق البعض منهم على ما عُرف باسم “مشروع الإصلاح السياسي الوطني” والذي يسعى إلى “إقامة نظام ديمقراطي برلماني كامل”.
وكشف المفكر الإسلامي ثروت الخرباوي (قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين) المزيد من أسرار ما أسماه في كتاب له بعنوان “المعبد الإخواني” إذ يقول “في دولة الكويت خصوصاً، الإخوان المسلمين لهم تاريخهم وحركاتهم وقوتهم واختراقاتهم لمؤسسات الدولة، وتوجد وثائق حقيقية وسرية تثبت تخطيطهم ضد الدولة.
ووصف الخرباوي “إخوان الكويت” بأنهم الأخطر خليجياً، كونهم من أسسوا الحركات الإخوانية في بلدان الخليج.
وقال إنه يعرف شيوخ “الإخوان” الذين ذهبوا إلى الكويت وأسهموا في إنشاء ثلاث حركات التنظيم، الأول للكويتيين، والثاني للمصريين المقيمين في الكويت، والثالث مختلط لكل الجنسيات.
وأشار إلى أنه بعد ما سمي بـ “ثورات الربيع العربي” ضد الدول الرئاسية، كان المستهدف الممالك والإمارات، ووفق ما تم الاستقرار عليه في التنظيم الدولي، كانت الكويت هي المستهدفة أولاً، ومن ثم الأردن والمغرب، مع العمل على إعادة بناء التنظيم في الإمارات بعد تعرضه لضربات قوية.
واعتبر الخرباوي أن الكويت هي مقر البنك المركزي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وسجل شهادته على واقعة تدلل على استمرار دعم “إخوان الكويت” ماليا للتنظيم في مصر بطريقة بوليسية خلال فترة الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت، وتعرض للواقعة بالتفصيل، واستذكر تحذيرا أبلغه الرئيس المصري السابق حسني مبارك لأمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه من “إخوان الكويت” تحديدا بواسطة الراحل الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وبحضور زكريا عزمي رئيس ديوان مبارك، حيث قال له: “لا تأمن لهم يا صاحب السمو”.
وقال الخرباوي إن “إخوان الكويت” شكلوا حكومة موازية تكون جاهزة في الوقت المناسب بعد إثارة حالات غضب في الشارع، كما سبق وفعلوا لكنهم فشلوا، وسيعيدون الكرة، مؤكداً أن من لم يحمل السلاح في يوم من الأيام فسيحمله في وقت آخر… هذا منهج الإخوان.
واعتبر أن فكرة انفصال “إخوان الكويت” عن التنظيم الدولي غير صحيحة، وخرافية ولم ولن تحدث، مشيرا إلى أن هناك آلافا من الجماعة في العالم دخلوا إلى الكويت وتم تشغيلهم، في مؤسسات وهيئات خيرية وبترولية وفي وزارة الأوقاف”.(1)
ومن ملامح تحول دولة الكويت من دولة حداثية إلى دولة متطرفة تحكمها نخبة جماعة الإخوان المسلمين المتطرفة، يظهر من خلال فرض وزارة الداخلية الكويتية تغييرات على سباق ماراثون يقام سنويا، منذ 28 عاما، بطلبها إلى المنظمين منع الاختلاط بين الجنسين في السباق، وإلغاء الفقرات الغنائية والاستعراضات التي ترافقه.
وجاءت تعليمات وزارة الداخلية الكويتية إلى المنظمين بعد طلب من “لجنة الظواهر السلبية” البرلمانية، التي تعكف على فرض منهجها المتشدد وآراءها على الكويتيين، وعلى تقاليدهم الاجتماعية المعتدلة.
والسبب ان الأسرة الحاكمة، آل صباح، تعاني من غياب قيادة موحّدة، أدى إلى اندلاع صراع الأجنحة داخل الأسرة، إذ يحاول كل جناح لاقتناص منصب أمير البلاد، وبحسب الدستور هذا المنصب يتولاه ولي العهد تلقائيا عند وفاة الأمير. لكن بؤرة الصراع تكمن حول اختيار ولي العهد الذي يتم اختياره بمشاركة “مجلس الأمة”، وهو ما يعطي حركات إسلامية متطرفة، مثل الإخوان المسلمين (الحركة الدستورية الإسلامية” (حدس)) – فرصة الدخول في الصراع بين أجنحة أسرة أل صباح الحاكمة والمنقسمة على بعضها البعض.
تاريخيا، الغالبية في الكويت ناصرية، أي من مناصري رئيس مصر الراحل جمال عبدالناصر وتياره القومي العربي العلماني. القومية العربية في الكويت دفعتها للعب دور طليعي في مناصرة الفلسطينيين وقضيتهم، فياسر عرفات كان مقيما في الكويت، وقام مع مقيمين آخرين، وبدعم كويتي مالي سخي، بتشكيل حركة فتح، التي سيطرت فيما بعد على “منظمة التحرير الفلسطينية”.
وهكذا استمر الكويتيون تقديم الدعم للرئيس ياسر عرفات والفلسطينيين حتى تم اجتياح الكويت من قبل الرئيس صدام حسين عام 1990، فأيد عرفات والفلسطينيين صدام، وهو ما أدى إلى تدهور علاقة الكويتيين بهم، وبعد استعادة اراضي الكويت قام الكويتيين بطرد الفلسطينيين المقيمين هناك، وانسحبت الكويت من محور “جبهة الرفض”، أي الانظمة العربية التي كانت ترفض أي تطبيع مع إسرائيل.
تحاول الكويت منذ تسعينيات القرن الماضي التزام الحيادية في المواقف الخارجية.
ومع ظهور خلافات داخل الأسرة الحاكمة حول من سيخلف الأمير الراحل صباح الأحمد، شرع الإخوان شن هجومهم ضد نظام الحكم، وتحالفوا مع قبائل وناشطين مستقلين للإطاحة بالأسرة واستبدالها بجمهورية إسلامية.
لكن الأمير عمل على مواجهتهم وملاحقة بعض رموزهم وعدّل القانون الانتخابي لمنع قيام خلافات انتخابية.
وقام الأمير صباح بتغيير سياسته المعتدلة تجاه القضية الفلسطينية، بالدفاع عنها في المحافل الدولية.
خلف صباح الأحمد شقيقه نوّاف، وصار الحكم فعليا في أيدي ولي عهده مشعل، الذي يبدو أنه ارتأى أن يواصل الشعبوية في موضوع إسرائيل وفلسطين، لكنه عمل على عكس سياسات الأمير صباح المتبقية، فأعاد المنفيين، واستبدل حلفاء الحكم بتحالف مع المعارضة، على أمل أن ينجح ذلك في شراء المعارضين من الاخوان المسلمين. وعمل على الغاء الحفلات الموسيقية، وفصل الجنسين في الأماكن العامة، والتشجيع على إقامة “شرطة أمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.
وهكذا وجدت الكويت نفسها تغرق في قبضة الاسلاميين المتشددين، وهو ما أقلق الإعلام الكويتي، فتصدرت الصحف عناوين تشي بامتعاض الكويتيين من الاتجاه الذي تمضي فيه البلاد.
إذ أصبحت الكويت تمارس سياسة الاتكاء على الإخوان للتغلب على المنافسين.
وحسب بحث نشره موقع قناة “الحرة” الالكتروني يقول الباحث انه قد ينجح ولي العهد الكويتي مشعل الأحمد في استغلال الإسلاميين للتغلب على الأجنحة المنافسة له، لكنه رهان محفوف بالمخاطر، اذ قد يقوى عود المتشددين الإسلاميين إلى درجة تسمح لهم بالقضاء، لا على أجنحة في أسرة آل صباح فحسب، بل على الحكم بأكمله(2)..
وبالرغم من عدم وجود قانون خاص في الكويت ينظم صورة تأسيس ونشاط الأحزاب والتنظيمات السياسية وكذلك الدستور الكويتي تحاشى فتح المجال لتأسيس الأحزاب والمنظمات السياسية بشكل رسمي ولم يمنحها الحرية لانشائها (3).
وحاول المشرع الكويتي تقنين مسألة إنشاء الجمعيات والنقابات في الكويت (4).
لكن الحكومة الكويتية تساهلت الأمر ولم تشدد تجاه وجود بعض الأنشطة السياسية ما شجع إلى ظهور التكتلات والتيارات.
وكان ابرز النشاط السياسي يتمحور حول بروز التكتلات والتيارات الليبرالية والعلمانية ويقابلها التكتلات والمكونات الدينية السياسية..
بالنسبة للأحزاب والتكتلات الليبرالية والعلمانية، مثل المنبر الديمقراطي والتجمع الشعبي الليبرالي والتجمع الوطني الديمقراطي، والتجمع الشعبي الناصري، وغيرها
أما أبرز التيارات الاسلامية التي ظهرت، منها مثل، جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في الحركة الدستورية وجمعية الإصلاح الاجتماعي، بالإضافة إلى ظهور التيار السلفي الذي يتكون من الحركة السلفية العلمية والتجمع السلفي الذي يدعم جمعية إحياء التراث. وكذلك الإئتلاف الإسلامي الوطني، وهو كيان يمثل الشيعة.
1- حوار مع المفكر الإسلامي ثروت الخرباوي – صحيفة “الراي” الكويتية – الجزء الثاني من الحوار