الصدارة سكاي / خاص
مايحصل في شرق وشمال شرق سوريا ليس بمعزل عن صراع الاقطاب الدولية،من سوريا ظهر صراع الاقطاب ومن سوريا يتم تحديد ملامحها،امريكا تريد ان تفتح جبهة استنزاف جديدة لروسيا ولحلفائها في سوريا،ولها اهداف خاصة في القطر السوري واهداف عامة في المنطقة بشكل عام ،ومن هنا يأتي الانتشار العسكري الامريكي الواسع والكثيف في المنطقة وتعزيزه بقوات اضافية،فقد انتشر داخل اراضي العراق مايقارب مئة وخمسين الف جندي امريكي ،متواجدين داخل عشرين قاعدة عسكرية منتشرة في كل انحاء العراق من الجنوب الى الشمال،ليظهر ماكان مخفياً على الرأي العام في العراق وخارجه والذي كان يعتقد ان امريكا قد انسحبت من العراق ولم يتبقى لها الا قوات رمزية وخبراء في الجوانب العسكرية وفقاً لحاجة الجانب العراقي،مصدر في وزارة الدفاع الامريكية قال: ان هذا الانتشار العسكري الامريكي في كل ارجاء العراق ليس له علاقة بالاوضاع الداخلية في العراق،كما تم تعزيز التواجد الامريكي في قواعدها الثلاثة في سوريا بما بقارب ثلاثة الف جندي،وتم تعزيز قوات الاسطول الخامس في البحرين بثلاثة الف جندي من رجال المارينز ،وتم نشر ثلاثة الف وخمسمائة جندي في سواحل البحر الاحمر،ابتدائاً من جزيرة الشيخ السعيد وفي جزيرةميون وخليج عدن وبحر العرب حتى سواحل سقطرى،بالاضافة لبضع مئات في محافظة حضرموت،وبالاضافة لانتشار عسكري بريطاني في محافظة المهرة وفرنسي في محافظة شبوة،كل هذه التعزيزات والانتشار العسكري الامريكي – الغربي هدفة السيطرة على مصادر الطاقة وعلى اهم الممرات المائية والجزر القريبة منها،في عملية تسابق بين الاقطاب الدولية الكبرى للسيطرة على اهم مصادر الطاقة وعلى اهم الممرات المائية والمضائق والجزر التي تتحكم في نقلها الى اوروبا وجنوب شرق اسيا،ومايحصل ايضاً في شمال غرب افريقيا ووسطها من حركات انقلابية وحشود عسكرية والتهديد بالتدخل العسكري في بعض تلك الدول يدخل في اطار هذا الاستقطابات الدولية الكبرى ،ومحاولة كل طرف اثبات وجوده في اهم المواقع الاستراتيجية العالمية،قبل ان يتم تقاسم المصالح ورسم الخطوط الحمراء بين الاقطاب الدولية الفاعلة.
ان جوهر الصراع بين امريكا وبعض الدول الغربية وبين روسيا،هو من يتحكم بمصادر تمويل اوروبا بالطاقة والخامات المعدنية النفيسة،وهذا هو السبب الرئيسي لاندلاع حرب اوكراينا،فأمريكا تريد فرض سطوتها على اهم مصادر الطاقة التي تحتاج لها اوروبا كبديل عن مصادر الطاقة الروسية ،بعد ان اوجدت الحرب حالة من العداء بين روسيا وبقية الدول الاوروبية،لكن الهجوم الاوكرايني الاخير رغم الدعم القوي من امريكا ودول اوروبا الغربية،الا انه لم يحقق الاهداف المرجوة لامريكا والعديد من الدول الغربية ،وهذا مااوجد حالة من التململ داخل العديد من الدول الاوروبية،والتي بدأت تدرك بعدم جدوى استمرار الدعم لاوكراينا،لكن الولايات المتحدة الامريكية تضغط على الجميع بهدف اطالة امد هذه الحرب واقناع اوروبا بالاستغناء الكلي عن مصادر الطاقة الروسية،واغلاق كل حنفيات شبكات الانابيب الروسية الخمسة ،ابتدئاً بالسيل الشمال(2,1) مروراً بخطي يامال ودروچبا حتى خطي السيل الجنوبي من البحر الاسود الى اسطنبول،والذي من المفترض ان يستمر العمل فيه جنوب بلغاريا والاتحاد اليوغسلافي السابق حتى يصل الى ايطاليا.
والهدف الامريكي من اطالت الصراع بين روسيا واوكراينا هي منح فرصة اكبر للولايات المتحدة الامريكية للسيطرة على اهم مصادر الطاقة في الشرق الاوسط وشمال ووسط افريقيا حتى القرن الافريقي.
اما الاهداف الخاصة لامريكا في شرق وشمال شرق سوريا وفي المناطق المجاوره لها من الجانب العراقي،فهو اقامة منطقة عازلة من قاعدة التنف جنوباً وحتى الحدود مع تركيا شمالاً،بهدف تأمين السيطرة الامريكية على حقول النفط والغاز في شمال شرق سوريا وربطها مع المناطق النفطية الكردية في العراق وفصل الامتداد الجغرافي الجيوسياسي الممتد من طهران شرقاً وحتى بيروت على ساحل شرق المتوسط،كهدف امريكي -اسرائيلي مشترك وهو تأمين اسرائيل من هذا العمق الجيواستراتيجي ،ويجب عمل حزام او حاجز امني يجعل القوات الامريكية تتحكم في الحدود بين العراق وسوريا والاردن ،ومن هنا تم زيادة التصعيد شمال شرق سوريا وشمال العراق لتحقيق هذا الهدف،ويبدوا ان امريكا ادركت انها لن تحقق ذلك الا بالتعاون مع تركيا،والتي يعتبر خلافها الرئيسي مع امريكا هو الدعم لقوات سوريا الديمقراطية الكردية،،قسد،، والتي اشتعلت الحرب بينها وبين العشائر العربية في شرق الفرات،ويبدوا ان امريكا في طريقها للتخلي عن قوات،،قسد،، ارضائاً لتركيا والسماح ،،للجيش الوطني السوري،، الموالي لتركيا بالانتشار في الاجزاء الشمالية في منبج والمناطق المجاورة لها،وقد حاول ،،الجيش الوطني السوري ،، التقدم في منطقة منبج ،الا ان المقاتلات الروسية شنت عدة غارات جوية عنيفة واوفقت هذا التقدم،الذي يعتبر مخالفاً لتفاهمات سوتشي بين الرئيسين الروسي والتركي ،ومن هنا تأتي اهمية القمة الروسية- التركية التي تنعقد اليوم بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب اردوجان والتي سيكون اول ملفات هذه القمة هو الوضع في شرق وشمال شرق سوريا،وملفها الثاني تجديد اتفاق تصدير الحبوب الاوكراينية والسعي التركي للاستمرار الوساطة بين روسيا وتركيا،بالاضافة الى التعاون الثنائي بين البلدين.
القيادة التركية تشعر بإرتياح شديد لتعاونها مع روسيا وتحقيقها لمصالح كبيرة من هذه السياسية البرجماتية التي انتهجها العثمانيون الجدد بقيادة الرئيس اردوجان وتوظيفها بشكل جيد في تحقيق الكثير من المصالح لخدمة النظام التركي،واليوم تشعر القيادة التركية بإرتياح اكبر ،كون اهم ثلاث دول في المنطقة ،مصر والسعودية وايران اصبحت في مجموعة (BRICS) الى جانب الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب افريقيا،وهذا يجعل امريكا وبعض دول اوروبا الغربية تتعامل مع تركيا بأريحية اكثر وتمنحها ادواراً هامة في المنطقة،فهي الحليف الاقوى في المنطقة الذي بعتمد عليه.
فهل يلعب العثمانيون الجدد في تركيا دور سياسة الخداع مع روسيا وتوظيفها لمصالحهم ومصالح الدول الغربية،ام ان روسيا هي من وظفت تركيا في خدمة اجندتها في منطقة بلاد الشام وشرق المتوسط حتى شمال افريقيا؟!
ام ان المصالح فرضت نفسها على الطرفين وكل طرف يوظف الطرف الاخر وفقاً لخطط مدروسة وممنهجة ويعرف كل طرف الى اين يخطو الخطوة التالية؟!!!
بقيً ان نشير ان تركيا عضو فاعل في حلف الناتو وتربطها اتفاقيات وقيود عديدة لاتستطيع ان تتحرك بمفردها دون موافقة اهم الدول في حلف الناتو،والقيادة الروسية تعي وتدرك ذلك تماماً
الوضع الملفت للنظر هو غياب الدور العربي الفاعل في كل هذه الاستقطابات الجارية في المنطقة،واصبح الدور التركي والايراني هو الابرز والقادم بقوة في كل قضايا المنطقة.