مجموعة (BRICS) هي تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة تأسيسه في عام 2006م،بعد سلسلة من الاجتماعات حول تأسيس التكتل،وعقد اجتماعه الاول في عام2008م باليابان على هامش اجتماع قمة الثمانية G8 حيث كان مكون من اربع دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين،وسمي انذاك ،،بريك،، (BRIC)الى ان انظمت اليه دولة جنوب افريقيا في ديسمبر2010م واصبح يسمى ,, بريكس,,(BRICS) وهي الاحرف الاولى لاسماء الدول باللغة الانجليزية ،ومن حينها وهذا التكتل الاقتصادي العالمي يعقد اجتماعاته الدورية كل عام،واخر قمة لهذا التكتل كانت القمة ال,,15،، التي عقدت في جنوب افريقيا في شهر اغسطس الماضي ،وبحضور (67)دولة تم استدعائها لحضور القمة منها(53)دولة افريقية،وقد اعلن في هذه القمة عن قبول ست دول اخرى كأعضاء كاملي العضوية في هذا التكتل الاقتصادي ابتدائاً من يناير2024م وهذه الدول هي ،(مصر ,ايران ,المملكة العربية السعودية, الامارات العربية المتحدة،اثيوببا والارجنتين) ليصبح هذا التكتل يظم احدى عشر دولة ،ومن المتوقع ان تنظم الى هذا التكتل الاقتصادي في اجتماع القمة القادمة ،كلاً من : الجزائر وفنزويلا واندونيسيا.
وتمتلك مجموعة البريكس(BRICS) عوامل قوة كثيرة جداً تستطيع من خلالها مواجهة الهيمنة الامريكية على العالم اهمها:
*1- الكثافة السكانية لدول المجموعة حيث اصبحت تمثل مايقارب 42%من سكان العالم،حيث يبلغ عدد سكان دول التكتل (3,6)ثلاثة مليار وستمائة مليون من اصل ثمانية مليار ،عدد سكان العالم،وهذه الكتلة البشرية الضخمة ستكون عامل من عوامل النمو السريع لهذه الدول،اذا ماجرى توظيفها بشكل جيد وفقاً لتنمية بشرية لها خططها وبرامجها
*2-اجمالي الناتج المحلي(25,9)تريليون دولار خلال عام 2022م ،بنسبة (25,6%)من الناتج الاجمالي العالمي البالغ (101)تريليون دولار .
*3-سيطرة دول المجموعة على كمية ضخمة من مصادر الطاقة والخامات المعدنية النفيسه والخامات التي تدخل في اهم الصناعات المدنية والعسكرية وفي مقدمتها صناعة الطائرات وتقنية المعلومات وصناعة الرقائق واشباه الموصلات بمختلف انواعها ،وتوفر هذه الخامات مع مصادر الطاقة مع توفر اليد العاملة التقنية والرخيصة يجعل من النمو الاقتصادي بمختلف المجالات ينمو بنسب عالية ومظطردة من عام الى اخر.
*4-التبادل التجاري بين دول المجموعة وبين حلفائهم يكون بالعملات المحلية لهذه الدول،وبالثلاث العملات الرئيسية للدول الكبرى في مجموعة (BRICS) اليوان الصيني والروبل الروسي والروبية الهندية،وهذا يسهل ويعزز التبادل التجاري بين هذه البلدان وحلفائهما ،ووينهي اعتمادها البيني على الدولار الامريكي ،ويوم امس اعلنت وزارة الخارجية الروسية عن انتهاء التعامل بالدولار بشكل كامل بينها وبين جمهورية الصين الشعبية واصبحت جميع التبادلات التجارية بالعملة المحلية للبلدين.
*5-انشاء بنك التنمية الحديث برأسمال كبير،مع فتح حسابات بالعملات المحلية لدول المجموعة ،يمنح دول المجموعة وحلفائها تسهيلات بنكية كبيرة في مجال الاستثمار والاقتراض بفوائد ميسرة،وهذا يجعل دول المجموعة تتحرر بشكل كبير من هيمنة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي،خصوصاً بعد ايجاد
قنوات بديلةلنقل الاموال بين البنوك المحلية لهذه الدول،بدلاً عن نظام ،،سويفت،، الذي يتحكم فيه النظام المصرفي الغربي.
*6-الامتداد الجغرافي الجيوسياسي المتصل بين اكبر واهم الدول المجموعة( الصين وروسيا والهند ) وجيرانهم وحلفائهم في مجموعة شنجهاي الامنية التي تأسست في عام 2003م وتظم الى جانب الصين وروسيا والهند وايران دول اسيا الوسطى ( كازخستان ،اوزبكستان ،طاجكستان ،تركمانستان وقرقيزستان ) والتي تحتوي هي الاخرى على مخزون هائل من مصادر الطاقة من نفط وغاز ومواد خام للعديد من المعادن الثمينة والعناصر الكيميائية المشعة مثل اليورانيوم وغيرها ،وهذا يزيد دول المجموعة قوة وسيطرة على اهم مصادر الطاقة في العالم ،وترتبط دول اسيا الوسطى مع روسيا الاتحادية وبيلاروسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي ،بالاضافة لبعض الدول المطلة على بحر قزوين او ماتعرف بدول القوقاز الاورواسية بمعاهدة( الامن الجماعي)،هذا الترابط الجيوسياسي والامتداد الجغرافي الواسع يعزز من التعاون الاقتصادي بين دول المجموعة والدول المجاورة لها ويرفع من مستوى التبادل التجاري لسهولة التواصل بمختلف وسائل النقل مع الانخفاظ الكبير في تكاليف النقل،وتخفيظ نسبة الضرائب،وهذا يجعل دول المجموعة تعتمد على نفسها في تصدير واستيراد منتجاتها وفي في ايجاد سوق مشتركة للتبادل التجاري لمنتجاتها في مختلف المجالات.
*7-تكامل القوة العسكري بين روسيا الاتحادية بإعتبارها البلد الثاني عالمياً في صناعة وانتاج الاسلحة المتطورة بمختلف انواعها بما فيها اسلحة الردع ،مع القوة العسكرية الصينية التي لايستهان بها،واهم مافيها العامل البشري الذي يكون العامل الاساسي في حسم اي معركة تقليدية،حيث ان عدد الدفعة الواحدة من مجندي الخدمة العسكرية في الصين يبلغ (200)مليون مجند بالاضافة لملايين الجيش الشعبي الصيني النظامي،وهذه القوة العسكرية المشتركة بين روسيا والصين والى جانبهما الهند كدولة نووية،وايران كدولة لها تجربتها في الصناعة العسكرية واعتمادها على التسليح الذاتي للجيش والقوات الشعبية الايرانية(الباسيج) سوف يعزز من قوة الردع العسكرية لدول المجموعة ويجعلها قادرة على حماية مصالحها ومصالح جيرانها وحلفائها في اسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية،وهذا يجعل العديد من الدول تتقدم للانظمام الى مجموعة البريكس هروباً من الهيمنة الامريكية ،طالما وجدت ظهراً وسنداً لها يحميها ويحمي قراراتها السيادية.
*8-سيطرة الدولة على اهم القطاعات الانتاجية والخدمية،في اهم واكبر الدول لهذه المجموعة ،وهذا يجعل الدولة قادرة على التحكم في توفير متطلبات الحياة الاساسية للسكان وفتح الاسواق الخارجية للمنتجات الخاصة والعامة وتعزيز التبادل التجاري مع العالم الخارجي وتكون الدولة هي الضامن لكل ذلك،وهذا يؤدي لتعزيز الثقة بين الحاكم والمحكوم وينعكس على زيادة الانتاج وعلى الامن والاستقرار الذي يعتبر من اهم عوامل التنمية .
اما عوامل الضعف لدول المجموعة فهي ايضاً عديدة واهمها:
* 1-الجمع بين انظمة متضادة ومختلفةمع اختلاف كبير في النمط السياسي والاقتصادي لدول المجموعة ،فالصين لها نظامها السياسي الخاص بها كدولة مسيطرة على كل قطاعات الانتاج وبنمط الاشتراكية الصينية مع نظام حكم الحزب الواحد،وهذا النمط يختلف مع النظام في جمهورية روسيا الاتحادية،حيث توجد تعددية سياسية مع سيطرة الدولة على بعض القطاعات الانتاجية الاساسية مثل قطاع الطاقة وقطاع النقل الثقيل بما فيها السكك الحديدية والنقل البحري وقطاع الصناعات العسكرية بشكل كامل،مع مشاركة القطاع الخاص في كل القطاعات الاقتصادية الاخرى ،الخدمية والانتاجية،وهذا النمط يختلف عن نماط النظام في الهند وفي البرازيل وجنوب افريقيا،ومع الانماط السياسية والاقتصادية في الدول الست التي تم قبول عضويتها في المجموعة منذ بداية العام القادم 2024م وهذا ينعكس على ثبات العلاقات السياسية والاقتصادية ويجعلها غير مستقرة،على عكس النمط السياسي والاقتصادي لمجموعة السبع الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها من الدول الغربية في حلف ،،الناتو،، التي تتمتع بنظام سياسي مستقر ونمط واقتصادي موحد ،وهو نظام الشركات الرأسمالية في ثوبها الجديد الليبرالية الجديدة (NEW LIBRATION)
*2- الخلافات الحدودية بين دول المجموعة وحلفائها ومنها الخلاف الحدودي بين العملاقين الصيني والهندي والتي وصلت الى حد الاشتباك بين الجيشين والذي يتطلب تدخلاً عاجلاً من بقية اعضاء المجموعة لحل هذا الخلاف وفي مقدمتهم روسيا والبرازيل وجنوب افريقيا لحل هذا الخلاف واحتوائه،او ترحيله الى مرحلة لاحقة وابقاء الوضع على ماهو عليه حالياً.
*3-تعدد الطوائف والقوميات العرقية والمذاهب والدينية لدول المجموعة ،حيث تصل عدد القوميات في الصين وفي الهند وفي روسيا وايران الى مئات القوميات وبعضها يتجاوز الالف،وهذا يجعل الاوضاع الداخلية غير مستقرة بسبب سهولة الاختراق الغربي لهذه القوميات واستغلالها لايجاد بيئة غير مستقرة
*4-تخلف الصناعات الثقيلة والصناعات التقنية لدول المجموعة بشكل عام عن نظيراتها في امريكا واوروبا الغربية ،بحيث لاتستطيع هذه التقنية الموجودة حالياً من استغلال اهم الثروات المعدنية واهم مصادر الطاقة ،ويجعلها في حاجة مستمرة لتقنية دول اوروبا الغربية والولايات المتحدة الامريكية وكندا ،وهذا يعتبر واحداً من اهم التحديات التي تواجه دول المجموعة.
* 5-عدم استقرار انظمة الحكم لبعض دول المجموعة مثل اثيوبيا وتقلب انظمة الحكم لدى دول اخرى،يجعل من الصعوبة الالتزام والوفاء بكل الاتفاقيات والمعاهدات،البرازيل نموذجاً في عهد الرئيس اليميني في السابق جايير بولسونارو ،الذي عزز علاقات بلاده مع الولايات المتحدة واوروبا الغربية على حساب دول المجموعة.
*6-عدم استقلالية القرار السياسي والاقتصادي لبعض دول المجموعة وهيمنة امريكا ودول اوروبا الغربيةعلى انظمة الحكم فيها ،يجعل من الصعوبة الوثوق بها وفي ثباتها في التقييد والتنفيذ الكامل لمتطلبات دول المجموعة،ومنها تلك الدول المنطوية في منظمة ( اوبك)
*7-ضعف المنظومة الاعلامية بشكل عام لدى جميع دول المجموعة،وهذا التخلف والضعف في الجانب الاعلامي يحتاج لإيجاد منظومة اعلامية جديدة لمجموعة بريكس مع ايجاد منظومة اعلامية اكثر فعالية للدول الاعضاء وبالذات روسيا والصين ،اللتين تواجها هجوماً شرساً لآلة الاعلام الغربية،بيحث تستطيع هذه المنظومة ان تواجه آلة الاعلام الغربية الرهيبة التي لازالت المتحكم والصانع الرئيسي لكل وسائل الاعلام وتقنية المعلومات و في كل المجالات الايدلوجية والتوعوية والمتحكم في توجيهها وسرعة ايصالها للمتلقي بالطريقة التي تناسبها وتناسب توجهاتها دون اي عوائق تذكر،وهذا ميدان تحدي اخر امام دول المجموعة.