نشرت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية للقيادة العامة في تنظيم القاعدة، إصداراً جديداً من مجلة “أمة واحدة”، وذلك في الذكرى الـ22 لهجمات الحادي عشر من سبتمبر في العام 2001، وبخلاف -توقعات عدد كبير من الخبراء- الذين توقعوا الإعلان عن زعيم تنظيم القاعدة الجديد، خُصص العدد لنشر سيرة اثنين من منفذي الهجمات، الأول العقل المنفذ لتلك الهجمات وهو محمد عطا، والذي قاد الطائرة التي هدمت البرج الشمالي في نيويورك، والثاني هو هاني حنجور الذي قاد الطائرة التي هاجمت وزارة الدفاع (البنتاغون).
وبعد أكثر من عام على مقتل أيمن الظواهري – الذي قتل في غارة أمريكية في يوليو من العام 2022، يجد تنظيم القاعدة، وزعيمه الفعلي سيف العدل؛ في مأزق كبير نتيجة وجود “العدل” في إيران، وهو الأمر الذي لا يتقبله أنصار التنظيم.
إلى متى يمكن أن تستمر منظمة متشددة كالقاعدة بدون إعلان قائد لها؟ ما زال سيف العدل عاجزًا عن الإجابة على هذا التساؤل.
ومع فشله في التغلب على إصابته متلازمة طهران، قرر سيف العدل اللجوء لحيل مختلفة كي لا يفلت منه زمام قيادة التنظيم، وبدأ في بحث الخطط البديلة، لكن مع انقسام طالبان حول دعم القاعدة، تظل أفغانستان أرضًا محفوفة بالمخاطر بالنسبة لقادة التنظيم، لذا يركز اهتمامه على اليمن لتكون البديل والمنطلق، ويتضح ذلك من خلال متابعة تحركاته العام الماضي التي تكشف بوضوح أن اليمن هو مسرح الخطة البديلة -على الأقل- لدى الأمير الفعلي للقاعدة.
ويسعى سيف العدل (محمد صلاح الدين زيدان)، الزعيم الفعلي لتنظيم القاعدة، لشرعنة قيادته من خلال تمكين نجله خالد (ابن المدني) من التحكم في قرار فرع اليمن، أحد أهم وأبرز أفرع القاعدة حول العالم، ليحكم التنظيم الدولي من خلاله وفق رؤيته المتوافقة مع المشروع الإيراني.
وبذلك تصبح اليمن عاصمة التنظيم المركزي للقاعدة إما عن طريق ابن المدني أو بانتقال والده إليها وفق صفقة جديدة مع الحرس الثوري الإيراني، ليستطيع بذلك تخطي عقبة عدم الاعتراف بشرعية إمارته لكونه مقيم في طهران في حكم الأسير، وهو ما يمنعه حتى اليوم من طلب البيعة له ليترأس التنظيم رسميًا.
ويسابق سيف العدل ونجله الزمن لإنهاء هذا الوضع الحرج الذي تسبب في إبقاء القاعدة بلا زعيم لأكثر من عام منذ اغتيال أيمن الظواهري في نهاية يوليو 2022، ويسعى نجله لحرق المراحل للوصول إلى قيادة فرع اليمن وفقًا لهذا المخطط المحكم الذي تم إعداده في إيران.
وقد نجحت”أخبار الآن” في فبراير الماضي في فضح هوية خالد محمد صلاح الدين زيدان، المكنى بـ”ابن المدني“، وكشفت كيف أن ضعف القيادة والفتن الداخلية التي حلت على تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وفرت لسيف العدل الكثير من الفرص لاختطاف قرار التنظيم، وزرع ابنه بين قادته، يحاول الرجل اليوم التمهيد لتصعيد ابنه ليتخطى باقي القادة الأقدم والأكبر منه.
وتعمقت ورطة القاعدة بعد تزايد الانتقادات لها مؤخرا من الجهاديين كأبي ماريا القحطاني، القيادي في هيئة تحرير الشام، الذي كرر اتهاماته لها بالعمالة لإيران في 21 يوليو الماضي، كاشفًا عن عقدها اجتماعات مع الحرس الثوري اجتماعات في طهران وبيروت.
وأزعجت هذه الاتهامات سيف العدل خاصةً وأنها تزامنت مع تقرير حصري لـ”أخبار الآن” صدر في نفس اليوم (21 يوليو) كشف عن سعي التنظيم لإبرام صفقة مع ميليشيات الحوثي المدعومة من طهران، للحصول على أسلحة ودعم لصناعة العبوات الناسفة ليواصل هجماته ضد خصوم إيران في جنوب اليمن.
يأتي هذا في وقت تجتهد فيه الأذرع الإعلامية للتنظيم بغرض تلميع صورة سيف العدل وتضخيم مكانته لشرعنة استيلائه على القيادة، وفي هذا السياق نشرت مؤسسة الملاحم، الذراع الإعلامية لفرع القاعدة في اليمن طبعة جديدة من كتاب “شذرات من تاريخ القاعدة” أصدرها القيادي خبيب السوداني/ إبراهيم القوصي في 19 يونيو الماضي، ظهرت وكأنها تم تحريرها خصيصًا لتلميع سيف العدل، وإعادة صياغة الأحداث لإبراز دوره في التنظيم عبر إقحام أجزاء في النسخة الجديدة تتحدث عنه، ولا عجب في ذلك فأقوال وكتابات سيف العدل وصهره مصطفى حامد من أهم مراجع الكتاب.