العرب وإسرائيل من العداء والحروب إلى الاعتراف والتطبيع اولاً:المواجهات العسكرية كثر الحديث في الاونة الأخيرة حول تطبيع العلاقات السعودية- الإسرائيلية وأصبحت حديث الساعة خلال الايام القليلة الماضية ولازالت تتفاعل في كثير من القنوات الاعلامية ،متخذةً من تحركات الادارة الامريكية وتصريحات مسؤوليها ومن زيارات الوفود الرسمية الاسرائيلية المتكررة والمعلنة ،واخرها كانت زيارة وزير السياحة الاسرائيلي حاييم كاتس،وقبلها بإيام زيارة وزير الاثار الاسرائيلي الى الرياض للمشاركة في اجتماع المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (UNSCO) التي انعقدت في الرياض ،سبق ذلك زيارة لبعض الوفود الفنية ومسؤولي بعض الشركات الاسرائيلية،كما تم فتح الاجواء السعودية امام حركة الطيران الاسرائيلي منذ مطلع العام الحالي،ولم يبق الا اعلان التبادل الدبلوماسي وفتح السفارات بين البلدين،والذي اصبح تحصيل حاصل لكل الخطوات السابقة،وهذا في تقديري لن يتأخر كثيراً،وبذلك تحذو المملكة حذو دولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية السودان والمملكة المغربية،التي طبعت علاقاتها مع اسرائيل خلال السنوات الثلاث الماضية،و من كل هذه الخطوات التطبيعية مع اسرائيل مدخلاً لذلك ،حيث تصدرت نشرات الأخبار ومعظم البرامج الحوارية ،السياسية والاقتصادية والثقافية ،هذا الموضوع ومخاطرة وأثاره السلبية على القضية الفلسطينية وعلى العرب أجمعين ،وكأنها أول سابقة من نوعها تحدث بين دولة عربية وإسرائيل منذ تأسيس الدولة العبرية في مايو 1948م ، وكان هذا التناول ليس من باب الحرص على القضية الفلسطينية،بل نكاية بقيادة المملكة وقيادات الدول المطبعة مع اسرائيل ،حيث تم تحميل قيادات هذه الدول المسؤولية الكاملة عن إخفاق وفشل النظام الرسمي العربي في التعاطي مع القضية الفلسطينية منذ نشأتها ،وكأن قضية الشرق الأوسط وليدة لبضع سنوات ،وليست لأكثر من سبعة عقود ،حيث بدأت بذور المشكله بصدور قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود من قبل مجلس الأمن ،فقد أصدر مجلس الأمن في 29 نوفمبر 1947م القرار رقم(181) والذي قضى بمنح اليهود (52%) من أرض فلسطين التاريخية ومنح العرب( 48%) ،وقد رفض العرب هذا القرار الذي كان السند الأساسي لقيام دولة إسرائيل ،وكان لنتيجة ذلك الرفض اسبابه وتداعياته حيث: 1*- إندلاع الحرب العربية – الإسرائيلة الأولى ،والتي سميت فيما بعد بحرب ،،نكبة فلسطين،، والتي أفضت لسيطرة اليهود على أجزاء واسعة من فلسطين ( أرض48 ) خلافاً لقرار الاممي رقم(181)وتأسيس دولة إسرائيل ،ونزوح مئات الآلاف من الفلسطينين إلى الدول العربية المجاورة ،ومئات الآلاف الأخرى إلى الداخل الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأقاموا مخيمات في مواقع الشتات في الداخل والخارج ،عرفت بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين والتي لازالت قائمة حتى اليوم ،وقد تقدم العرب بشكاوي عديدة لمجلس الأمن وخاضوا معارك دبلوماسية عديدة ،أسفرت عن صدور القرار الأممي رقم( 194 )والخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ،وتضمن القرار إنشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) التي كان يتم تمويل نشاطها من قبل الامم المتحدة حتى العام2020م . 2*-في عام 1956م شاركت إسرائيل بفعالية في العدوان الثلاثي على مصر إلى جانب بريطانيا وفرنسا ،ونتيجة لهذا العدوان عقد العرب قمة عربية في بيروت في تاريخ 13 نوفمبر 1956 م ،أكدوا فيها مناصرتهم لمصر في حربها ضد العدوان ،مطالبين دول العدوان بالإنسحاب الفوري من جميع الأراضي المصرية ، وهذه هي الحرب الثانية التي تشنها إسرائيل على العرب،وهذه كانت الحرب الثانية بين العرب واسرائيل. 3*-في يونيو 1967م إندلعت الحرب الثالثة بين العرب وإسرائيل ،حيث شنت إسرائيل صبيحة يوم 05 يونيو 1967م هجوماً جوياً على مصر وسوريا وأعلنت الأردن بعد ذلك دخولها الحرب إلى جانب أشقائها في مصر وسوريا ،وهي ماعرفت بإسم ،،حرب الأيام الستة،، حيث خسروا العرب القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وغور الاردن ومرتفعات الجولان السورية وصحراء سيناء حتى الضفة الشرقية لقناة السويس من جنوبها الى شمالها ،وأرض الغجر ومزارع شبعة في جنوب لبنان،وقد صدرت عدة قرارات دولية ،أبرزها القرار الأممي (242)الذي طالب بالوقف الفوري للحرب وبالإنسحاب الفوري لإسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة دون قيد أو شرط وعودتها إلى خط الرابع من يونيو 1967م ،وبعد هذه الهزيمة القاسية للعرب ،عقدت قمة عربية في الخرطوم يوم 20 أغسطس 1967 لمناقشة تداعيات تلك الحرب ،وخرجت بقراراتها الثلاثه المعروفه : * لا صلح مع إسرائيل *لا تفاوض *لا إعتراف وهي ماعرفت بقمة اللائات الثلاثة . 4*-في 21مارس 1968م اندلعت اشتباكات عنيفة في الضفة الشرقية لنهر الاردن ،بين الجيش الاردني والجيش الاسرائيلي ،وهي ماعرفت ب(معركة الكرامة) حيث كانت اول رد عملي على الارض ضد اسرائيل منذ هزيمة يونيو 1967م،حيث تكبد الجيش الاسرائيلي وفقاً للرواية الرسمية الاردنية (300)قتيل واكثر من(100)جريح ،بالاضافة لتدمير (45)دبابة و(25)عربة مجنزرة و(27)آلية عسكرية مختلفةو(5)طائرات عسكرية،وقد عرض الاردن معظم هذه الخسائر الاسرائيلية امام الملا في الساحة الهاشمية ،بالاضافة الى انسحاب اسرائيلي حتى غور الاردن،وهذه كانت الحرب الرابعة بين العرب واسرائيل. 5*-في أكتوبر 1973م إندلعت الحرب الخامسة بين العرب وإسرائيل ،حيث شن الجيش المصري بعد ظهر يوم 06 اكتوبر 1973م هجوماً جوياً وبرياً كاسحاً على مواقع الجيش الإسرائيلي في سيناء وعلى طول خط المواجهة في شرق قناة السويس ،حيث شاركت مايقارب 223 طائرة قتالية في الضربة الأولى بالاضافة لتمهيد ناري مكثف على كل المواقع في شرق القناة ،حيث نجح الجيش المصري في إجتياز خط بارليف بكل تحصيناته المنيعة خلال ست ساعات فقط ،ونجح الجيش السوري في إحراز تقدم مهماً في القنطيرة والمناطق المحاذية لها ، وكان ذلك نصراً مهماً للعرب ،لكنه يعتبر نصراً جزئياً ،وكان يجب أن يستكمل عسكرياً وسياسياً ،لكن الضغط الأمريكي وتوجهات بعض القادة العرب غيرت سير الأحداث في إتجاه آخر ، وقد عقد مجلس الأمن إجتماعاً طارئاً يوم 22 اكتوبر 1973م وأصدر القرار الأممي رقم(338)الذي دعا جميع الأطراف لوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار رقم(242) الصادر عن مجلس الأمن في يونيو1967م. وبعد عام من إيقاف الحرب ،عقد العرب يوم 26 نوفمبر 1974م القمة العربية الثامنة في الرباط ،حيث أقرت القمة بالإجماع إعتماد منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني . 6*-في مارس1978م إندلعت الحرب السادسة بين العرب وإسرائيل ،حيث أعلنت إسرائيل عن عملية عسكرية جنوب لبنان تحت مسمى ،،عملية الليطاني،، بهدف القضاء على قواعد منظمة التحرير جنوب نهر الليطاني ،بعد العملية الشهيره بقيادة دلال المغربي على مشارف تل أبيب والتي أدت لمقتل (37) إسرائيلي وجرح( 76)اخرين وقد اجتمع مجلس الأمن الدولي وتبنى القرار رقم( 425) والذي دعا إلى انسحاب إسرائيلي كامل من جنوب لبنان وإقامة مؤقته لقوة تابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان تسمى ،،قوات اليونيفيل،،وقد صدر القرار المذكور يوم 19 مارس 1978م ، لكن وجود قوات اليونيفيل أصبح دائماً ويجدد لها كل عام من قبل مجلس الأمن وآخر تجديد كان قبل ثلاثة اسابيع فقط،مع توسيع صلاحياتها في منطقة الخط الازرق الفاصل بين جنوب لبنان وشمال اسرائيل . 7*-في عام 1982م ،اندلعت الحرب السابعة بين العرب واسرائيل ،حيث شنت إسرائيل في يونيو 1982م هجوماً جوياً وبرياً وبحرياً على لبنان ،وتم اجتياح جنوب لبنان بالكامل وصولاً للعاصمة بيروت التي تم السيطرة عليها بالكامل من قبل الجيش الإسرائيلي ،وكان الهدف من هذه الحرب هو القضاء على التواجد العسكري الفلسطيني في لبنان ،وإنهاء التواجد السياسي لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت ،وقد نجحت إسرائيل في ذلك وحققت ماتريد ،حيث تم ترحيل زعيم منظمة التحرير الفلسطينية الرئيس ياسر عرفات ومجموعة من قيادة حركة فتح إلى تونس ،بينما تم ترحيل بعض القيادات الأخرى إلى العراق وليبيا وسوريا ،أما قوات منظمة التحرير الفلسطينية فقد تم نقلها إلى عدة دول عربية بعيدة خارج دول المواجهة مع إسرائيل ،وتم نقلها إلى اليمن والجزائر وليبيا وغيرها من الدول البعيدة عن حدود فلسطين ،وقد اكتفوا العرب بالشجب والتنديد والاستنكار ،رغم المجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين في مخيم صبرا وشاتيلا ، وبعد عدة أيام انسحبت إسرائيل إلى جنوب الليطاني وأقامت حزام أمني لها على طول الحدود الجنوبية للبنان و أسست قوة عسكرية تابعة لها بقيادة الجنرال سعد حداد ثم الجنرال أنطوان لحد لمساعدتها في الاحتفاظ بالشريط الحدودي وحماية أراضي مثلث الجليل الأعلى والمناطق المجاورة من أي هجمات فدائية ،ولم تنسحب إسرائيل من هذا الشريط الحدودي إلا في عام 2000م بعد اشتداد ضربات المقاومة اللبنانية . 8*-في عام 2006م اندلعت الحرب الثامنة بين العرب وإسرائيل ،حيث أقدمت قوات من حزب الله على قتل ثلاثة جنود وأسر آخرين من الجيش الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية ،بهدف تبادل أسرى المقاومه اللبنانية الموجودين في السجون الإسرائيلية منذ سنوات عديدة ،وأدى هذا الحادث لاشتعال شرارة الحرب بين لبنان وإسرائيل في مطلع الأسبوع الأول لشهر تموز 2006م واستمرت لأكثر من ثلاثة وثلاثين يوماً ،ونتج عن هذه الحرب صدور القرار الأممي رقم(1701) والخاص بتحديد تموضع قوات الطرفين وفض الاشتباك بواسطة قوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني ،ومنع قوات حزب الله من التقدم خارج جنوب نهر الليطاني وحصر السلاح في لبنان بيد الدولة اللبنانية ،ولم تحقق إسرائيل الأهداف المعلنة لتلك الحرب ،واعترفت القيادة العسكرية الإسرائيلية بفشل تلك الحرب ،بحسب تقرير لجنة ،،فينورد،، التي شكلها الجيش الإسرائيلي ،ونجحت المقاومة اللبنانية في تحقيق صفقة تبادل الأسرى بوساطة المانية حيث تم تبادل الاسرى ورفات الشهداء اللبنانين والعرب وفي مقدمتهم الشهيدة دلال المغربي 9*-كما شنت إسرائيل أربعة حروب متتالية على قطاع غزة تحت مسميات مختلفه في ديسمبر2008م وفي نوفمبر2012 م،وفي يوليو2014م ،وفي يونيو2018م ،بالإضافة لاربعة حروب اخرى خلال الاربع السنوات الماضية،كانت قصيرة في فترتها الزمنية ولاهداف محدودة، ولازالت إسرائيل مستمرة حتى يومنا هذا في شن غارات جويةبمختلف انواع الطيران القتالي والمسير وفي القصف البحري بين الفينة والأخرى على قطاع غزة ولبنان وعلى مواقع مختلفة داخل سوريا وفي بعض المناطق داخل العراق وعلى الحدود السورية العراقية الاردنية . *#ثانيا:مسيرة_الاعتراف_والتطبيع* * كانت الجمهورية التركية أول دولة إسلامية تعترف بدولة إسرائيل ،حيث أعلنت في مارس 1949م عن تبادل السفراء بين الدولتين وتطبيع العلاقات في شتى المجالات ،حيث تم توقيع أول إتفاقية تجارية بين الدولتين في عام 1950م وأول إتفاقية عسكرية بين جيشي البلدين في عام 1956م . * وفي يوم 09 نوفمبر 1977م ألقى الرئيس المصري محمد أنور السادات خطاباً هاماً أمام مجلس الشعب المصري وبحضور رجال السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى مصر وبحضور رئيس منظمة التحرير الفلسطينية السيد ياسر عرفات قال فيه: ( إنني ذاهب من أجل السلام إلى أبعد مدى ،حيث لايتوقعوه الإسرائيليون أنفسهم ،بل إني ذاهب إلى بيتهم ،إلى الكنيسة ذاته) ،ولم يكن السادات يهذي بهذه الكلمات ،بل كان صادقاً فيما قاله ،فلم تمر سوى أيام قليلة حتى أقدم السادات على تنفيذ ما قاله ،حيث قام يوم 21 نوفمبر 1977 م بأول زيارة لزعيم عربي إلى إسرائيل وألقى خطاباً هاماً أمام الكنيسة الإسرائيلية ،تلى ذلك عدة زيارات متبادلة ومحادثات بين الجانبين أسفرت توقيع إتفاق مبادئ للسلام بين مصر وإسرائيل وتم التوقيع في البيت الأبيض يوم 17 سبتمبر 1978م بين الرئيس السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيجن وبحضور الرئيس الأمريكي جيمي كارتر والعديد من الشخصيات السياسية البارزة في العالم الغربي والذي أدى فيما بعد لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل والتي تم التوقيع عليها بشكل نهائي في شهر مارس 1979 م والتي قضت بإنسحاب إسرائيلي كامل من مناطق ( أ،ب،ج) في سيناء وتحديد القوات فيها مع إبقاء قوات دولية ،،أمريكية ،، عند الحدود الفاصلة ،مع اعتراف مصري بدولة إسرائيل وتبادل السفراء ،لتكون مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل وتطبع العلاقات معها ،وكان من نتيجة تلك المعاهده هو إخراج أهم دولة عربية عن الصراع ،وبداية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1967م . * في 30 اكتوبر 1991م وعقب إنتهاء حرب الخليج الأولى وتحرير الكويت وإخراج الجيش العراقي منها ،عقد مؤتمر مدريد للسلام بين العرب وإسرائيل ،حيث حضرت جميع الدول العربية بما فيها دول المواجهة ،سوريا ، لبنان ،الاردن بالإضافة لمنظمة التحرير الفلسطينية ،وبحضور إسرائيل ،وهو أول مؤتمر يلتقي فيه العرب وإسرائيل وجهاً لوجه ،حيث تم تبادل الكلمات بين كل الوفود المعنية . * وفي عام 1993م وبعد محادثات سرية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في العاصمة النرويجية اوسلو استمرت لأكثر من عام تم التوقيع في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض من قبل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية السيد ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل إسحاق رابين وبحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ،وكان ذلك يوم 13 سبتمبر 1993م والذي عرف فيما بعد باتفاقية (اوسلو 1) والتي قضت بقيام حكم ذاتي في غزة واريحا والسماح لعودة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لهاتين المدينتين ،كمرحلة أولى للحكم الذاتي الفلسطيني ،ثم تلى ذلك عدة إتفاقيات منها (واي بلانتشن)و(كامب ديفيد) وغيرها ،وتوجت بإتفاقية (اوسلو2)التي تم التوقيع عليها قي 28 سبتمبر 1995م وكانت حصيلة إتفاقيات اوسلو: الإعتراف بدولة إسرائيل على أراضي 48 إلغاء ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية . القبول بمبدأ تبادل الأراضي وغير ذلك من البنود المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية وصولاً للتنسيق الأمني ، وقد كان لاتفاقات اوسلوا وملحقاتها الأثر الأكبر في تغيير جوهر الصراع وتحويله من صراع وجودي إلى نزاع حدودي وخلاف على أراضي متنازع عليها وتم التضحية بكل الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وبكل نضالاتهم ومكتسباتهم التي حققوها في سنوات عديدة وتقديمهم كلقمة سائغة للإسرائيليين وهدية مجانية دون مقابل. *وفي 26 أكتوبر 1994م تم توقيع إتفاقية السلام بين المملكة الاردنية الهاشمية وإسرائيل ،حيث تم التوقيع عند نقطة الحدود الاردنية – الاسرائيلية في منطقة وادي عربه من قبل العاهل الأردني الحسين بن طلال ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين وبحضور الرئيس الأمريكي بيل كلينتون على معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية ،والتي عرفت بإتفاقية (وادي عربه) وبذلك أصبح الاردن الطرف الرابع المطبع مع إسرائيل بعد تركيا و مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية. *وفي مارس 2002م تبنى العرب مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي ،والتي نصت أهم بنودها على اعتراف عربي بدولة إسرائيل والتطبيع الكامل معها ،مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً دون الإشارة لقرار مجلس الأمن رقم (194)و الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين . وقد تمت المصادقة على مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في القمة العربية التي انعقدت في بيروت في 27 مارس 2002م والتي وافقت عليها جميع الدول العربية بما فيها السلطة الفلسطينية ولم تعترض عليها سوى ثلاث أو أربع دول عربية فقط ،وكان الاعتراض على فقرة ،،التطبيع الكامل،، مع إسرائيل ،حيث اعتبرت الدول المعترضة إن التطبيع ليس الزامياً ويخص كل دولة على حده بحسب مصالحها وتم تبني المبادرة من قبل القادة العرب وسميت(بالمبادرة العربية للسلام) ووفقاً لهذه المبادرة فقد اعترف العرب بدولة إسرائيل وأصبحت دولة طبيعية في المنطقة ومسألة التطبيع من قبل هذه الدولة أو تلك هي تحصيل حاصل لهذا الإعتراف ، وبعد إقرار القمة العربية لمبادرة السلام العربية فتح الباب على مصراعية أمام التطبيع مع إسرائيل في مختلف المجالات ،وما كان يجري تحت الطاولة بين بعض الحكام العرب وإسرائيل ظهر إلى العلن ،فقد تم إفتتاح مكاتب إسرائيلية في الدوحة ومسقط و المنامة و بعض دول المغرب العربي ،و بدأ تبادل زيارات الوفود الرياضية والثقافية والتجارية السماح بحضور الوفود الإسرائيلية لبعض المعارض التجارية الدولية والمؤتمرات الاقتصادية في العديد من العواصم العربية ،أعقب ذلك زيارات سرية وعلنية لبعض الوفود السياسية الإسرائيلية لدول الخليج على مختلف المستويات ،رافق ذلك تطبيع إعلامي كامل مع إسرائيل ،حيث كان لقناة الجزيرة الدور الريادي في ذلك ،فقد كانت أول قناة عربية تطبع علاقاتها مع إسرائيل منذ افتتاحها في نوفمبر 1996م ،حيث إستضافة العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية والأمنية ،منهم على سبيل المثال وليس الحصر ،الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ،ونائب وزير الخارجية شلومو بن عامي ومساعد وزير الخارجية عيديد عيران والمتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي وغيرهم من المسؤولين ومراسلي التلفزيون الإسرائيلي والمحللين العسكريين والأمنيين والخبراء الاستراتيجيين في القناة العاشرة الإسرائيلية وغيرها من القنوات العبرية . كل ما أشرنا إليه أعلاه ،ليس تحليلاً أو استنتاجاً أو وجهة نظر شخصية ،بل سرداً لأهم الأحداث التي حصلت في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي ،تم سردها وفقاً لتسلسلها الزمني ، والتي عبرت عن فشل النظام الرسمي العربي في التعاطي مع كل القضايا العربية ،سوى كان ذلك في قضية العرب الأولى أو في الخلافات البينية التي نشأت بين العديد من الأقطار العربية ، ليأتي اليوم من كانوا سبباً من أسباب هذا الفشل ومن أوائل المعترفين والمطبعين سراً وعلانية بدولة إسرائيل ، ليحملوا المملكة العربية السعودية والدول الخليجية الاخرى التي طبعت مع اسرائيل وزر ماقاموا به ووزر وفشل النظام الرسمي العربي برمته. لقد سبق السعودية والامارات وبعص الدول الخليجية الاخرى في خطوتها عدة دول و مؤسسات وهيئات ومنظمات واتحادات وجمعيات و منذ سنوات عديدة ، ومنهم من أصحاب القضية نفسها ، وحملتهم الإعلامية اليوم ليس حرصاً على فلسطين وليس حباً بإهلها ،بل نكاية بقيادات الدول الخليجية المطبعة لخلافهم معها حول بعض القضايا الإقليمية والدولية . إن التطبيع السعودي والخليجي لن يكون الأخير بكل تأكيد. لقد كان الأمل يحذوا القيادة الفلسطينية بإن الإعتراف بمن يحتل أرضهم واعتبار وجوده شرعياً في (ارض 48) يمنحهم الفرصة لإقامة دولتهم على ( أرض 67) ،لكن إطالة الحوارات وكثر المؤتمرات والدخول في إتفاقيات تلو الاتفاقيات في ظل إستمرار الاستيطان ،جعل من المستحيل إقامة الدولة الفلسطينية ،لعدم وجود أرض تقام عليها هذه الدولة ،وعلى كل القيادات الجنوبية السياسية والعسكرية وكل المؤمنين بمبدأ تحرير الأرض الجنوبية إستعادة الدولة المستقلة،أخذ الدروس والعبر مما حدث ،وعلى الاخوة في قيادة المجلس الإنتقالي الجنوبي إعادة التفكير ملياً ، فالاعتراف بمن يحتل أرضنا واعتبار وجوده شرعي و الإشتراك مع المحتل في حكومة واحدة يسقط بالضرورة أهم ثوابت القضية الجنوبية ويدخلنا في مراحل انتقالية عديدة طويلة الأجل ،يجعل من الصعب و ربما من المستحيل إقامة الدولة الجنوبية لعدم وجود أرض تقام عليها هذه الدولة . اللهم إني بلغت دمتم سالمين. عقيد/ركن م.مقبل ناجي مسعد المنصوره – عدن سبتمبر 2023م