تتطورات الحرب في فلسطين دخلت اليوم في منحنى خطير جداً،حيث قررت الحكومة الاسرائيلية في اجتماعها الليلة،الدخول البري إلى غزة.
ووزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن يسعى لدى الدول العربية بالقبول بالخطة الامريكية لتهجير سكان غزة،ويريد اعادة الهيبة للجيش ( الذي لا يقهر) ويحقق له نصراً يستحيل ان يحققه على ارض الميدان، وتتلخص الخطة الأمريكية بمايلي:
نقل مليون مواطن من سكان قطاع غزة إلى مصر.
توزيع بقية سكان القطاع على كلاً من ، السعودية وقطر والأردن والامارات.
تتكفل السعودية بتوطين نصف مليون فلسطيني ،وتتكفل باقي البلدان بالبقية الباقية من سكان القطاع.
وحتى الآن ترفض إسرائيل مجرد مناقشة أي مقترح آخر بديل عن إخلاء قطاع غزة بالكامل من سكانها،وتنتظر نتيجة مسعى الوزير الامريكي انتوني بلينكن،لدى الحكام العرب ، وإقناعهم بهذه الخطة.
ويجري حالياً وزير الخارجية الأمريكي اتصالات مكثفة بالمسؤولين العرب وفي مقدمتهم قادة المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والأردن ، بالاضافة للعديد من قيادات الاجهزة الامنية وأجهزة الإستخبارات في العديد من دول المنطقة في ومحاولة لإقناعهم باستضافة سكان قطاع غزة قبل قيام الجيش الاسرائيلي بالاجتياح البري للقطاع.
وزير خارجية السعودية الامير فيصل بن فرحان في مؤتمره الصحفي المشترك مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الرياض أكد أن :
المملكة السعودية ترفض رفضاً قاطعاً التهجير القسري لسكان قطاع غزة،وتدعوا للوقف الفوري لاطلاق النار ، وتدعو المجتمع الدولي ان يقوم بدوره لوقف العنف والعودة لمسار السلام.
وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان،عقد اجتماعاً مع وفدي حركة حماس والجهاد ومع قيادات من حزب الله ، أكد فيه أن الإعلان عن ساعة الصفر تقرره قيادة المقاومة وفقاً لتتطورات الموقف على الأرض في قطاع غزة ، كما اكد في المؤتمر الصحفي الذي عقده في السفارة الإيرانية في بيروت حيث أن أي رد للمقاومة سيجعل كيان الإحتلال والجميع يندمون وسيغير خريطة الاراضي المحتلة في فلسطين بالكامل.
الغريب في الأمر أن التحركات الدبلوماسية في المنطقة قد انحصرت بين وزيري خارجية إيران والولايات المتحدة الامريكية، في ظل غياب وصمت رسمي من الجانب العربي ، الذي أصبح يستقبل هذا الطرف او ذاك،متناسين أن الإحتلال الإسرائيلي هو جوهر المشكلة، وان هناك قرارات للشرعية الدولية تدعو إسرائيل للانسحاب الكامل من جميع الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967م بدون قيداً أو شرط ،والضفة الغربية وقطاع غزة هي من ضمن تلك الاراضي .
بقرار الحكومة الاسرائيلية الخطير المدعوم أمريكياً واوروبياً ، اجتياح قطاع غزة ، فإن الوضع في فلسطين ولبنان والمنطقة بشكل عام قد أصبحت تحت نيران طوفان اكبر بدأ يجتاح المنطقة، وإن هذا الطوفان قد تم التخطيط له من قبل أطراف عديدة ،اقليمية ودولية، ولم تكن عملية (طوفان الاقصى) الا القشة التي قصمت ظهر البعير ،بحيث تكون هذه الحرب متصلة بحرب أوكرانيا ،بعد أن أصبحت تلك الحرب تشكل عبئاً ثقيلاً على دول اوروبا الغربية والاتحاد الاوروبي وعلى كل دول حلف الناتو،بعد ان عجزوا عن هزيمة روسيا أو اضعافها وبالذات بعد اخفاق الهجوم الأوكراني المضاد من تحقيق ماكان مرجواً منه،رغم الدعم الكبير من قبل حلف الناتو للجانب الاوكراني، لذلك فإن امريكا وحلفائها في حلف الناتو يسعوا اليوم لاشعال حرباً كبرى في منطقة الشرق الأوسط ، فقد بدأ توسع الانتشار العسكري الامريكي في المنطقة منذ منتصف شهر اغسطس الماضي، حيث تم تعزيز وتكثيف هذا التواجد العسكري في المنطقة وتعزيزه بقوات عسكرية اضافية،حيث انتشر داخل العراق عشرات الآلاف من الجنود الامريكين من الجنوب الى الشمال ،ليظهر ماكان مخفياً على الرأي العام في العراق وخارجة ، كما تم تعزيز التواجد العسكري الامريكي في قاعدة التنف في سوريا وفي بقية القواعد الثلاث المتواجدة شمال وشمال شرق سوريا بثلاثة الف جندي، وتم تعزيز قوات الاسطول الخامس الامريكي في البحرين بثلاثة جندي من رجال المارينز ،وتم نشر ثلاثة الف وخمسمائة جندي في الضفة الشرقية لسواحل البحر الأحمر ابتداءً من جزيرة الشيخ سعيد بالقرب من جزيرة ميون وحتى خليج عدن وبحر العرب حتى سواحل سقطرى، بالاضافة لنشر بضع مئات في محافظة حضرموت ،رافق ذلك انتشار عسكري بريطاني في محافظة المهرة وفرنسي في محافظة شبوة ، وفي الاسبوع الماضي وصلت إلى سواحل شرق البحر المتوسط حاملة الطائرات جيرالد فورد وعلى متنها اكثر من خمسة الف جندي واكثر من ثلاثين طائرة قتالية ، كل هذه التعزيزات والانتشار العسكري الامريكي -الغربي ، بدأت تتضح اهدافه القريبة والبعيدة ، وأهم هذه الاهداف هي السيطرة على مصادر الطاقة وعلى أهم الممرات والمضيقات المائية والجزر القريبة منها والتي تتحكم في نقل مصادر الطاقة إلى اوروبا وجنوب شرق اسيا،وفي حركة التجارة بين شرق العالم وغربه وشمال العالم وجنوبه ،وضرب كل من يقف في وجه هذا المخطط ، ولايمكن فصل ذلك عما يحدث ايضاً في شمال غرب أفريقيا ووسطها من تنافس وتسابق بين الاقطاب الدولية الكبرى للسيطرة على أهم المواقع الاستراتيجية العالمية ، قبل أن يتم تقاسم المصالح ورسم الخطوط الحمراء ووفقاً لمصالح امريكا وحلفائها الغربيين بالدرجة الرئيسية،وهذا يؤكد أن ماهو جاري في المنطقة حالياً ليس صدفة ، بل تم الاعداد له منذ وقت مبكر ، ويأتي هذا الانتشار العسكري الأمريكي الغربي الكثيف ، بهدف اشعال حرباً خاطفة وقصيرة في فترتها الزمنية ، بحيث يتم هزيمة حلفاء روسيا في المنطقة قبل أن يتقوى هذا المحور ويخرج عن السيطرة ، ويتم حسم الوضع في المنطقة بالكامل تمهيداً لحسم الاوضاع في أوروبا وتضع حد لطموح القيصر الروسي فلاديمير بوتين ، ويبقى القرن الحالي قرناً أمريكاً بامتياز ، وهذا ما تسعى اليه أمريكا بكل تأكيد ، لكن الصعوبة هي التحكم بهذه الحرب في حال اندلاعها ، فمن السهل تحديد بدايتها ، لكن من المستحيل التحكم بفترتها الزمنية وبنتائجها ، وهذا ما يدركه المحور الاخر بشكل جيد فهو لم يكن بغافل عن كل ذلك،فقد اعد نفسه بشكل جيد ، وهذا المحور يعد نفسه للمواجهة العسكرية منذ أكثر من أربعة عشر عاماً ، وظهر ذلك بوضوح منذ العام 2014م على الاقل ، حيث اقدمت روسيا على استعادة جزيرة القرم بالقوة العسكرية وأمام مرأى ومسمع من أوروبا الغربية وحلف الناتو ، وأصبح قادر اليوم على فرض واقعاً جديداً ينهي الهيمنة الأمريكية على العالم ويعلن عن ميلاد عالم متعدد الاقطاب ، يقوم على أساس القانون الدولي واحترام سيادة الدول وتبادل المصالح المشتركة.
نتابع ونراقب سير المعارك الإحتمالات واردة ولايمكن أن نستثني اي احتمال، فالاحتقان في المنطقة قد بلغ الذروة ، وخطأ واحد من قبل طرف من أطراف النزاع، يكفي لإشعال المنطقة برمًتها. .
لم تعد فلسطين والدول المجاورة لها أمام طوفان الاقصى، بل أصبح الشرق الأوسط اليوم امام طوفان حرب كبرى ، شراراتها الأولى قد اشتعلت بالفعل، ولا احد يستطيع التكهن كيف سيتم ايقافها ،وعما سيسفر هذا الطوفان؟!!