كلما ترقب المواطنون عودة الحكومة من هجرتها المفتوحة إلى داخل البلاد المنهكة، لإدارة شؤونها من واقع ملموس، على أمل حل الأزمة الاقتصادية التي أنهكتهم، أو تخفيف موجتها، دشّن التجَّار جرعة سعرية جديدة على المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية، وسط صمت الجهات الحكومية المعنية، ما يزيد تفاقم الأوضاع المعيشية.
شهدت أسعار السلع والمواد الغذائية ارتفاعاً جديداً، مع إشراقة شمس صباح اليوم الأربعاء 1 نوفمبر 2023م، في عدن وبقية المناطق المحررة، ما زاد حدّة المعاناة لدى المواطنين.
وأكدت مصادر محلية لوكالة خبر، أن تجَّار المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية دشنوا جرعة سعرية جديدة، اليوم، تزامناً مع تخطي قيمة الدولار الأمريكي حاجز 1500 ريال.
وفي جولة ميدانية على محلات البيع بالجملة لمراسل وكالة خبر، تبيّن حجم الزيادة على أسعار جميع السلع. وأرجع التجار الأسباب إلى استمرار انهيار العملة المحلية، رغم أنها الزيادة التي تتعارض مع فارق الخسارة التي تعرضت لها العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
وبلغت قيمة شراء الدولار الأمريكي والريال السعودي، حتى ظهر اليوم الأربعاء، 1532 و403 ريالات، بحسب تأكيد مصادر مصرفية.
وبالرغم من أن قيمة الدولار استمرت بالتأرجح بين 1300 و1500 ريال، منذ مطلع العام الجاري، إلا أن نسبة الزيادة في أسعار المواد الغذائية تضاربت كثيراً مقارنة بنسبة الزيادة في قيمة العملات الأجنبية، وفقاً لمصادر اقتصادية.
وبلغت نسبة خسارة العملة الوطنية خلال هذه الفترة قرابة 17 في المئة، في حين تجاوزت نسبة الزيادة في أسعار بعض المواد الغذائية 50 بالمئة، حيث ارتفع سعر الكيلوجرام سكر من 900 ريال مع مطلع العام الجاري إلى 1500 ريال (سعر اليوم)، وهي ذات الزيادة التي شملت البقوليات والأجبان وبقية المواد، وإن تفاوتت بنسبة قليلة.
الزيادة في سعر دقيق القمح الذي يحظى بدعم حكومي، “كانت هي الأخرى القشة التي قصمت ظهر المواطن”. فبالرغم من أن البعض يرى أنها قليلة مقارنة ببقية السلع إلا أن المواطن يراها عكس ذلك تماماً، لا سيما وقد استهدفت أهم سلعة يستهلكها بشكل يومي.
ووفقاً للمصادر، ارتفع سعر الكيس 50 كيلوجراماً من 30 ألفاً مع مطلع العام، إلى 37 ألف ريال (بسعر الجملة)، بينما يباع الكيلوجرام الواحد في سوق التجزئة بـ(1100) ريال، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً لذوي الدخل المحدود واليومي، الذين لا يستطيعون الشراء بالكمية.
الزيادة في الأسعار، فاقمت الوضع المعيشي أكثر لدى المواطنين، في ظل ضعف القدرة الشرائية، وفقدان المرتبات الحكومية لقيمتها بأكثر من 80 بالمئة مقارنة بفترة ما قبل انقلاب مليشيا الحوثي في سبتمبر/ أيلول 2014م، وتسببها باندلاع الحرب.
وفي ظل السباق المحموم بين تجار العملات والمواد الغذائية، على من يوصل أولاً إلى جيب المواطن المعدم، يغيب كلياً دور الجهاز الرقابي في مكاتب وزارة الصناعة والتجارة بجميع المناطق المحررة، ما يزيد من شهية الطمع لدى التجار في التلاعب بالأسعار. وهو الغياب الذي يعزوه المواطنون إلى تخادم فيما بين جميع هذه الأطراف مقابل “رشىً تُدفع بصورة هدايا نقدية غير رسمية”.
ويرى مراقبون أن استمرار إدارة الحكومة شؤون البلاد من الخارج لن يوجد حلولاً، ولن يفعّل مؤسساتها، بقدر ما يزيد من بؤر الفساد المتغول في منظومتها، والتخادمات والانقسامات الداخلية التي تصب جميعها في صالح مليشيا الحوثي الإرهابية