تسع سنوات من عدم الإستقرار العام والشامل؛ وما يصاحب ذلك من خوف وقلق وضياع فرص العيش بحرية وكرامة تليق بالجنوب وتاريخه وتضحياته الممتدة؛ ناهيك عن إنعدام الخدمات وانقطاع المرتباب وتوقف التنمية؛ وتواصل مسلسل الفساد السياسي الممنهج ( للشرعية) وعبثها الذي تجاوز كل حدود القانون والأخلاق والتنصل من المسؤولية وبأقبح صورة في كل محافظات الجنوب؛ الأمر الذي جعل من عدن عاصمته الحبيبة ورمز سيادته وكبريائه؛ تعيش في الظلام وتبحث عن قطرة الماء النظيفة؛ وجعلوا أهلها الشرفاء يبحثون عن لقمة عيش كريمة ولا يجدونها بسهولة ويسر؛ وألبسوها عنوة ثوب الحزن الدائم؛ وهي التي كانت مدينة للنور والأنوار والتعايش المدني والمحبة؛ وتصدح في جنبات أحيائها وشوارعها أغاني الفرح والطرب؛ وترفرف في سمائها أجنحة السعادة والسكينة والأمن والآمان. تسع سنوات والدم الطاهر الجنوبي يتدفق كالشلالات دون توقف أملاً بيوم الخلاص؛ لذلك لم يعد هناك الكثير من الوقت أمام الجنوب وقواه الوطنية المخلصة حقاً للشعب وقضيته؛ حتى تحسم أمرها وتقدم على الخطوات الوطنية المدروسة والمنظمة لإنقاذ الجنوب من جحيم العذاب الذي يعيشه؛ فالضرورة والمسؤولية التاريخية والوطنية والأخلاقية يفرض عليها ذلك؛ حتى تتمكن من الحفاظ على مسار قضية الشعب ومدها بزخم وطني جديد ومكاسب نوعية جديدة؛ وصولاً لإنتزاع الحق الجنوبي الذي لا مكان فيه للمساومات والصفقات والمقايضات؛ وإستثمار هذه اللحظة التاريخية الإستثنائية في المنطقة؛ والتي نراها من وجهة نظرنا على الأقل؛ متاحة ومناسبة لتحقيق أهدافنا الوطنية والتي قد لا تتكرر. فمحطات التاريخ الفاصلة لا تأتي طوعاً أو صدفة لمن يريدون الذهاب إلى المستقبل الذي ينشدونه ويقدمون التضحيات العظيمة من أجله؛ فالإقتحام للأسوار المانعة التي تحول دون ذلك؛ والقائم على الوعي والإرادة الوطنية؛ يمثل أحد أوجه وأشكال صناعة الأحداث التاريخية الكبرى والفاصلة في حياة الشعوب؛ فإرادة الفعل الذي يستمد قوته وصلابته من مشروعية الحق والتاريخ وعدالة القضية؛ لهو المنتصر حتماً والأبلغ تعبيراً من أي شيء آخر؛ فالوطنية الحقة لا تختزل في الخطابات والبيانات وعقد الإجتماعات الروتينية وترديد الشعارات على أهمية كل ذلك؛ ولكنها تبقى في كل الحالات وسائل لتحقيق ما هو أعظم وأنبل.