بدأ دفء العلاقات الإخوانية الحوثية يطفو على السطح شيئا فشيئا، بعد أن ظل خامدا في دهاليز الظل المشوبة بالريبة والجدل الطويل لعدة سنوات، إلا من بعض المناورات التي ما زالت تظهر هنا أو هناك، مصحوبة إلى حد ما بالصراحة الحوثية والمخاتلة الدؤوبة من الاخوان المسلمين ..
الإصلاح والحوثيون.. لقاءات ، حوارات ، وتفاهمات ، متى بدأت ؟ وإلى أين ستنتهي ؟
علق نائب رئيس الدائرة الإعلامية لدى المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح بالقول؛ أن “ما يجري في بين حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين والحوثيين التابعين لإيران في صنعاء، يؤكد ما سبق طرحه حول التنسيق الخفي بين جماعتي الحوثيين والإخوان المسلمين، ويجب ألا ننسى أن حزب الإصلاح، أول من ذهب إلى كهف مرّان والتقى عبدالملك الحوثي، كما قرر الحزب عدم المقاومة بعد دخول الحوثيين إلى صنعاء، وسُلمت الفرقة الأولى مدرع، ودخلت قيادات الإصلاح في حوار مباشر لطيّ صفحة هادي وقتئذ”.
وقال صالح لـ”الخليج 365″، إن “القوى اليمنية، اليوم، تعمل على ترتيب صفوفها في مواجهة الاستحقاقات الجنوبية، وهذا أمر متوقع، وتدعمه تجربة 9 سنوات من الحرب غير الجادة بين جماعتي الإخوان والحوثيين، التي كان من نتاجها تمكين ميليشيات الحوثيين من فرض سيطرتها على معظم مساحة الشمال”.
أما المحلل السياسي، صلاح السقلدي، فيعتقد أن “العلاقات واللقاءات لم تنقطع بين الحوثيين وقادة حزب الإصلاح منذ بداية الحرب وحتى اللحظة، خاصة بين القيادات الموجودة في صنعاء”.
وأوضح السقلدي لـ”الخليج 365″، أن “قنوات التواصل بين الإصلاح والحوثيين مفتوحة منذ بدء الحرب، وذلك لمصالح مشتركة، فالإصلاح لم يكن مقتنعًا بخوض حرب عسكرية مباشرة مع الحوثيين، وآثر مبدأ السلام، ورفع شعار لن ننجرّ”، مشيرًا إلى أن “الإصلاح يعتقد أن بوسعه استخدام التحالف كجسر عبور للوصول والعودة إلى سدّة الحكم في صنعاء، وظل حتى اللحظة يعتقد بأنه ينوب عنه التحالف والجنوبيون بمعركته للعودة للحكم والسيطرة على صنعاء، أو حتى اقتسام السلطة مع أية جهة، بمن فيها الحوثيون”.
وذكر أن “الحوثيين ظلوا على تواصل مع قيادات الإصلاح لعدة أهداف، أبرزها استمالة قواعد الحزب في الداخل أو تحييدها بالمعركة، وقد نجح الحوثيون بذلك، كما أنهم بحاجة لإبقاء شوكة الإصلاح مغروزة بطريق خصمه الرئيس، حزب المؤتمر الشعبي العام”، منوهًا إلى أن “الأحداث الدامية التي تشهدها غزة كانت فرصة مواتية للحوثيين لإظهار مزيد من التقارب مع الإصلاح، وبعث مزيد من الرسائل السياسية لأطراف محلية وخارجية، مستفيدين من حالة التوجس والخذلان التي يبديها الإصلاح تجاه حلفائه في الشرعية والتحالف”.
وأكد السقلدي أن “حزب الإصلاح يشعر بأنه في عزلة داخلية وخارجية قد تطوي صفحته أو تقلل من دوره بأية تسوية قادمة، وهو يحاول من خلال هذا التقارب مع الحوثيين أن يقولها بصريح العبارة إنني ما زلت رقمًا في الساحة وبوسعي أن أخرب أي تسوية سياسية تقلل من نفوذي، وتحد من هيمنتي على السلطة، وعلى مؤسساتها باسم الشرعية”.
وتأتي حالة التقارب الحوثي الإخواني في اليمن، على وقع انتقادات يوجهها نشطاء في حزب الإصلاح للترتيبات العسكرية الجديدة التي تسحب البساط عما تبقى من نفوذ للحزب في بعض المناطق التي مازال يسيطر عليها ميدانيا، بعد وصول تعزيزات عسكرية تتبع قوات “درع الوطن”، إلى مناطق وادي محافظة حضرموت أخيراً.
في هذا الإطار، قال سيف الحاضري، المستشار الإعلامي لنائب الرئيس اليمني السابق، والقيادي في حزب الإصلاح، علي محسن الأحمر، في منشور على منصة “إكس” إن “هذه القوات أُنشئت من أجل إحلالها بديلًا عن الجيش الوطني في سيئون”، في إشارة إلى قوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية للحزب بمناطق وادي حضرموت، منتقدًا طريقة الانضمام لقوات “درع الوطن” المشكّلة وفق قرار مجلس القيادة الرئاسي، التي قال إنها “تخضع لشروط مناطقية وصلت إلى حد رفض انضمام من يعتقد أن أصولهم ليست حضرمية”. متهمًا التحالف العربي بـ”ملشنة اليمن”.
وفي منتصف أكتوبر الماضي، كشف قيادي بارز حوثي، تفاصيل لقاء جمعه مع قيادات بارزة في حزب التجمع اليمني للإصلاح في صنعاء.
ونشر عضو المكتب السياسي للحوثيين، علي القحوم، صورة على منصّة “إكس”، تجمعه بعضو الأمانة العامة في الحزب، فتحي العزب، وعضو كتلة الحزب البرلمانية، منصور الزنداني في صنعاء.
وأشار “القحوم” في تعليقه على الصورة، إلى “بناء علاقات، وتنسيق مستمر، وحوارات داخلية متواصلة لتعزيز الجبهة الداخلية، ومراعاة الأولويات، ومواجهة التحديات والمخاطر”، مؤكدًا أن “ذلك يهدف للوقوف صفًا واحدًا بإجماع وطني لتحقيق السلام العادل، وبناء الدولة اليمنية، وتعزيز الشراكة الوطنية الحقيقية”.
وسبق أن اعتقلت ميليشيات الحوثيين عقب سيطرتها على صنعاء، في يوليو/تموز من 2014، القيادي في حزب الإصلاح فتحي العزب، مع آخرين، قبل أن تُفرج عنه في العام التالي.
ومع تزايد عودة أعداد القيادات الحزبية لدى “الإصلاح”، إلى صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خلال السنوات الأخيرة، تتصاعد التحذيرات المحلية من عمليات تقارب تجري بين الطرفين.