حذّر أحد كبار علماء المناخ في العالم من أن تدمير الإنسان للطبيعة يدفع الكوكب إلى “نقطة اللاعودة”، وأنه حتى التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري لن يمنع الانهيار المناخي ما لم نحمِ البيئة الطبيعية أيضاً.
وقال يوهان روكستروم، مدير “معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ”، المموّل من الحكومة الألمانية في تصريحات لصحيفة “جارديان” البريطانية: “حتى لو تخلصنا تدريجياً من جميع أنواع الوقود الأحفوري، إذا لم نتدخل في الطبيعة، فإن تدمير المواقع الطبيعية والموائل يمكن أن يجعلنا نفقد ما اتفقنا عليه جميعاً بشأن المستقبل الآمن للبشرية على الأرض، أي عدم تجاوز حد 1.5 درجة مئوية. استيعاب هذا الأمر بشأن الطبيعة مسألة حاسمة بالفعل”.
وأضاف أن جميع النماذج العلمية التي تظهر مساراً للعالم للبقاء ضمن عتبة درجة الحرارة الحاسمة البالغة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل حقبة الصناعة، تضع افتراضات كبيرة بشأن الاحتفاظ بأحواض الكربون الطبيعية، مثل الغابات والأراضي الرطبة وأراضي الخث (المستنقعات). بدون أحواض الكربون هذه، سيزداد ثاني أكسيد الكربون الزائد في الغلاف الجوي بشكل أسرع”.
وفي حديثه على هامش قمة للأمم المتحدة المناخ “Cop 28” في دبي، أشار إلى منطقة الأمازون، حيث تتعرض الغابات المطيرة لتهديد غير مسبوق بسبب الجمع بين قطع الأشجار وارتفاع درجات الحرارة والجفاف الإقليمي.ويخشى العديد من العلماء من أن الغابات المطيرة ربما تقترب من “مرحلة حرجة”، حيث يمكن للسافانا أن تحل محل الغابات.
وقال روكستروم إن الأبحاث أشارت إلى أن الأمازون يمكن أن تتحمل احترار يبلغ 3 درجات مئوية قبل أن تتحول إلى منطقة شبيه بحالة (غابات حشائش) السافانا، لكن ذلك لا يأخذ في الاعتبار تأثير إزالة الغابات.
وأوضح أنه عند استغلال الغابات، فإن إزالتها لبناء نمط من شبكة الطرق على شكل “هيكل سمكة”، والتي تتعدى على الأشجار يخلق تدفقاً تبخرياً يجفف الغابة. ويثير هذا احتمالات أنه عندما تصل إزالة الغابات إلى نحو 20% إلى 25% من المنطقة، فإنها تتحد مع درجات الحرارة المرتفعة لجعل النظام قريب من نقطة التحوّل إلى السافانا.
وأشار إلى أن إزالة الغابات تقدر حالياً بنحو 17%، محذراً “لذلك نحن قريبون للغاية من نقطة التحول البيئية. لدينا الكثير من الأدلة لنقول إن الجمع بين إزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي، وارتفاع درجة الحرارة يمثل مساراً خطيراً للغاية يفترض تجنبه”.
ومضى قائلاً: “بمجرد تجاوز هذه النقطة، لا يمكن العودة؛ لا يمكن العودة من حالة السافانا، لا يمكن نوعاً ما الحفاظ على الرطوبة بشكل سحري فجأة. هذا ما ينبغي للبشر أن يدركوه: أن تجاوز نقاط التحول، يعني نقاط اللاعودة. ولا يمكننا السماح بحدوث ذلك”.
وأكد أوستروم أن علم المناخ يدعم الحاجة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، إذا لم يتجاوز العالم حد 1.5 درجة مئوية من الاحترار فوق مستويات حقبة ما قبل الثورة الصناعية، داعياً الحكومات إلى الموافقة على حماية الطبيعة في نفس الوقت، من أجل منح العالم فرصة لعدم تجاوز الحد.
ومضى قائلاً: “سيتعين علينا بطريقة ما رسم خط هنا والقول إنه لا يمكننا المخاطرة بهذه الأنظمة (الطبيعية) بعد الآن. والخطوة الأولى التي تحدثنا عنها هي التوقف عن تدميرها وحمايتها. يجب أن نتوصل إلى اتفاق بشأن الحفاظ على الطبيعة السليمة على حالتها”.