الصدارة سكاي – متابعات خاصة
التقى بالرئيس رشاد العليمي والناطق الحوثي عبدالملك العجري والمسؤولين السعوديين.
هذا الصحفي، حصل على دكتوراه من جامعة برينستون الأمريكية المرموقة وكان يأتي إلى اليمن منذ ٢٠٠٨ ليكتب للنيويورك تايمز ويعرف اليمنيين.
سأعرض اليوم تقريره المطول في مجلة أتلانتيك Atlantic عن اليمن.
هذا نموذج ممتاز للصحافة الإستقصائية.
وهذا عرض للمقالة.
قائد الحوثيين
*
عمره حوالي ٤٠ سنة، وجهه شبابيا ولحيته خفيفة وتبدو عيونه الغامقة اللون مهددة وخالية من اللطافة عندما يخطب مرتديا معطفا ويلتحف بشال.
لا يُعرف أي شيئ عن طفولته وكأنه شبح. بلا شهادة ميلاد ولا جواز سفر ويقال أن مرابع طفولته التي شكلت شخصيته كانت بين الكهوف.
لم يقابله أي دبلوماسي أجنبي على الإطلاق.
وهو بترأس على شعب جائع مقهور في شمال اليمن وقد ألقى بجحافل من الأطفال المجندين إلى الموت.
شعبية الحوثي في الشرق الأوسط
*
ومع هذا فإن عبدالملك الحوثي يعتبر الآن أكثر الشخصيات شعبية في الشرق الأوسط منذ لحظة ابتداء قصفه للسفن في البحر الأحمر في نوفمبر ٢٠٢٣ مساندة للفلسطينيين في حرب اسرائيل على غزة.
يعتبرونه الآن آخر موديل لشي چيڤارا.
ويعلقون صورة وينشرون خطاباته في الوسائط الاجتماعية في خمس قارات.
ويعتبر بطلا في البلاد العربية والإسلامية اللذين يتعاطفون مع الفلسطينيين.
وحتى قد وصلت شعبيته إلى أوروبا وأمريكا بين أوساط الشباب والتقدميين وهم يتلقون بترحيب ما ينشر عن الحوثي في التيك توك.
أمريكا وأزمة البحر الأحمر
*
لا أحد قد قرر حتى الآن ماهي عواقب أزمة البحر الأحمر هذه.
بين أمسية وضحاها، أصبحت حركة ميليشيا في مجاهل وقفار اليمن الجرداء شيئا مرعبا نبت من اللاشيئ.
وخنق الحوثيون ١٥ في المائة من التجارة العالمية.
وقد قصفتهم أمريكا، كما لم تقصف أي أحد في هذا الربع الأول من القرن ال٢١.
القادة العرب والحوثي
*
من معالم بروز قوة الحوثيين الجديدة، هي عدم تجرؤ أي من الرؤساء والملوك العرب اللذين يكرهون الحوثيين على انتقادهم.
يخافون من لفت انتباه الشعوب إلى الفجوة بين بياناتهم وتصريحاتهم الباردة المؤيدة للفلسطينيين والتحدي الجريئ من قبل الحوثيين.
دائما كان القادة العرب ما يقولون بأن الحوثيين ما هم إلا مجرد دمى خطرة تتلاعب بهم إيران، ولكن البعض قد أصبح يقول الآن أنهم متعصبون أسوأ بكثير من الإيرانيين ولا يسمعون كلام أي أحد.
حيرة السعودية مع الحوثي
*
الدبلوماسيون السعوديون يعيشون الآن حيرة مؤلمة.
هؤلاء الدبلوماسيون السعوديون- اللذين من وراء الستار- كانوا قد اجتهدوا وثابروا لعدة سنين لإعداد خطة سلام طموحة للتخفيف من العزلة السياسية والاقتصادية للحوثيين ولتصالحهم مع حكومة اليمن “الشرعية ” والجنوبيين.
لكن الآن مع هذا الدليل الطارئ الدرامي على تهور الحوثيين، فإن السعودية تواجه إحتمال أن تكون جهودهم ستزود عبدالملك الحوثي بقوة أكبر وتجعله أكثر خطورة.
لقاء مع عبدالملك العجري
*
اللقاء كان في مقهى راقي في العاصمة العمانية مسقط-حيث يقيم العجري مع الطقم المسؤول عن السياسة الحوثية الخارجية.
الصحفي روبرت وورث يقول أنه سأل العجري:
“هل سيقبل الحوثي مشاركة باقي مكونات اليمن في الحكم؟”
ثم يقول أنه اندهش من عجرفة الإجابة.
“I was amazed again by the brashness of his answer”
هكذا أجاب العجري:
“عبدالملك الحوثي، سيبقى هو السلطة السياسية الأعلى في اليمن في ظل أي حكومة في المستقبل، لأن سلطته تأتي مباشرة من الشعب وعلى هذا لا مجال للتساؤل عن هذا”
هذا هو ما قاله عبدالملك العجري للصحفي الأمريكي روبرت وورث، ويجب أن يقرأه كل من يريد “خريطة الطريق”
الحوثي مبسوط جدا
*
لكن العجري جعلني أعرف بوضوح أن الحوثيين:
“مبسوطين جدا جدا (مرتين جدا) من مكانتهم الجديدة على مستوى العالم”
“ومبسوطين لأن العالم يراهم الآن أنهم هم من يمثلون اليمن”
“ومبسوطين لأنهم اكتسبوا شعبية حتى على مستوى اليمن وبين خصومهم بسبب مساندتهم للفلسطينيين.”
“ومبسوطين لأنهم اكتسبوا ثقة أكبر بأنفسهم.”
أحلام العظمة الحوثية
*
وأضاف العجري:
“الحوثيون سيصبحون أقوى وأكبر من حزب الله في لبنان وذلك لأنهم سيصبحون اللاعب الرئيسي والحامل الأكبر لكل الأسهم والأوراق وعوامل الضغط”
بمعنى آخر، سيصبح الحوثي نظيرا أو ندا أو نسخة طبق الأصل counterpart للمرشد الأعلى في إيران وهو صاحب الكلمة العليا والأولى والأخيرة في كل شؤون الدولة.
(نعم هذا مكتوب بالحرف)
جوانب وفقرات في التقرير لم أعرضها
*
{{ في وسط التقرير هناك جوانب لم أتطرق إليها لأنها تتكرر في كل التقارير، وأيضا لكي لا أطيل على القارئ.}}
{{ جوانب عرض لبدايات الحوثيين، تصنع الحوثيين التواضع والحياء، بغرض إغواء بقية اليمنيين في البداية، التقية ومبدأ “تمسكن حتى تمكن”، والإنضمام إلى ساحات اعتصامات ١١ فبراير }}
{{ جوانب لإدخال السعودية للمذهب السلفي والوهابي إلى صعدة لمناوءة الحوثيين، والصحوة الزيدية ضد السعودية }}
{{ جوانب ذهاب حسين الحوثي إلى إيران والسودان،، ولتمرد حسين الحوثي ولمقتل حسين الحوثي، ولتمجيد الحوثيين لحسين الحوثي ورفعه لمقام الأولياء والقديسين، ولحروب صالح الستة ضد الحوثيين، ولفساد النظام السابق الذي خدم الفكر الحوثي }}
{{ جوانب إدعاء الحوثيين بأنهم عرق أسمى وأنبل وأرقى من بقية اليمنيين، وأن حكم اليمن حق طبيعي وسماوي لهم }}
{{ جوانب الإتفاق الحوثي الإيراني على وصول ١٤ رحلة جوية أسبوعيا بين طهران وصنعاء، وجوانب عاصفة الحزم السعودية، وموافقة الرئيس الأميركي أوباما على مضض على مساندة السعودية }}
{{ جوانب فشل التحالف والحملة الجوية في الحرب }}
{{ جوانب ضرب الحوثيين للمطارات والمنشآت النفطية السعودية }}
{{ جوانب دور مقتل خاشقجي في تحول أمريكا ضد السعودية والذي أدى إلى إتفاق ستوكهولم الذي أجهض تحرير الحديدة وانسحاب “الإماراتيين” و “الجنوبيين” من الحديدة }}
الملازم الحوثية
*
حسين الحوثي هو الذي كتب الملازم الحوثية، وهي مفروضة غصبا على طلبة المدارس وكل من يتبع الحوثي أو يقع تحت حكمه.
يقول الحوثي أن على القائد الأعلى مهمة كبرى لأن يصحح الزيدية واليمنيين والعرب والمسلمين وحتى كل العالم
Hussein proclaimed the need for a supreme leader who embodies a “cosmic revolutionary ethos” and will act as a “guide for the community and the world.”
هذا الكلام، هو نوع من “الدكتاتورية الدينية “
وهذا الكلام غريب على كل المسلمين وحتى على الزيود.
من قتل حسن زيد؟
*
يقول الصحفي روبرت وورث أنه كان يعرف حسين زيد منذ بدايات زياراته لليمن في ٢٠٠٨ وأنه كان يناقشه بشأن الحركة الحوثية التي كان له على علاقة بمؤسسها حسين الحوثي.
وأنه قابله بعد ١٠ سنين خلال زيارته الأخيرة في صنعاء في ٢٠١٨ بعد اقتحام الحوثيين لصنعاء وبعد تمكنهم من السلطة،
سأل روبرت زيدا:
“هل توجد عند الحوثي رؤية سياسية؟”
فأجاب زيد بسرعة:
“لا. لا شيئ “
ولأنه كان حينها قد أصبح وزيرا للشباب والرياضة الحوثية، فإني شعرت بالمباغتة من هذا الرد.
ثم أضاف حسن زيد:
“المشكلة عند الحوثيين هي أنهم مجرد ردود أفعال لسوء تصرفات الآخرين”.
(يقصد حسن زيد أن الحركة الحوثية هي رد فعل سيئ لفشل نظام الرئيس صالح السيئ)
(ويقصد أن الحركة الحوثية هي رد فعل سيئ لتصرفات السعودية السيئة عندما أدخلوا معهد السلفية السني في دماج – صعدة)
حسين زيد كان على خلاف في المبادئ مع الحوثيين doctrinal differences مع الحوثيين اللذين قد انحرفت عقيدتهم بعيدا عن المذهب الزيدي التقليدي.
“عندما تم اغتيال حسن زيد في ٢٠٢٠، شعرت بالحزن لأني أحببته دائما ولكني لم أشعر بالدهشة.
العديدون من أتباع المذهب الزيدي المرموقين اللذين كانوا قد انتقدوا الحوثيين كان قد تم قتلهم في ظروف مشابهة.
الحوثيون- بالطبع- ألقوا باللوم على السعودية.
*فشل السعودية
ضرب أعماق السعودية يرغمها على الإنسحاب
*
في بداية ٢٠٢٢، قصفت قذيفة حوثية منشأة نفطية كبرى داخل مدينة جدة أثناء سباق السيارات العالمي السعودي الذي كان يتابع من جميع أنحاء العالمي ويرى سحابة الدخان العملاقة التي اعتلت سماء المدينة.
يقول الكاتب الأمريكي بأن ولي العهد السعودي قرر حينها:
“إلى هنا يكفي، ويكفي يعني يكفي”.
“Enough Is Enough “
وهذه كانت هي نقطة البداية التي أدت للإتفاق على “خريطة الطريق ” بين السعودية والحوثيين.
خريطة الطريق
*
يقولون أنها ستنهي الحرب، وستحل السعادة على مستقبل اليمنيين، وستدفع السعودية مرتبات كل الموظفين والجنود في كل أنحاء اليمن لمدة ٦ شهور (١٥٠ مليون دولار شهريا)،
ويقول الصحفي الأمريكي أن معظم هذه المبالغ ستذهب إلى الحوثيين، وجزء كبير منها سيذهب إلى المجهود الحربي الحوثي الذي قد أصبحت عندهم مهارات كبيرة بجذب المساعدات الإنسانية وتحويل أجزاء كبرى منها لمقاتليهم وللآلة العسكرية الحوثية.
وسترفع القيود على مطارات وموانئ الحوثيين، وإعادة الإعمار، ورحيل كل القوات الأجنبية، وبعدها سيبدأ الحوار السياسي الشامل بين الحوثيين وكل خصومهم في الشرعية والجنوب.
مصيبة خريطة الطريق
*
يقول الصحفي الأمريكي روبرت وورث:
“باستعمال كلمات أخرى، فإن خريطة الطريق ستحول الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة”
“ستسمح خريطة الطريق لإيران أن ترسل السلاح للحوثيين برحلات جوية مباشرة بدلا من التهريب الذي قد برعت فيه طوال ال ١٥ سنة الماضية.
“ولي العهد السعودي قد رضي بقبول هذه المخاطر لأنه لا يريد لأي شيئ أن يعكر ‘رؤية ٢٠٣٠’ للتغيرات الكبرى في اقتصاد ومجتمع السعودية “
السعودية تخاف من الحوثيين
*
خريطة الطريق، أيضا تزود الحوثيين بإمكانية العودة للحرب وقهر كل باقي مناطق اليمن التي ليست تحت سيطرتهم.
والحوثيون لا يخفون رغبتهم في بسط سيادتهم على كل أنحاء اليمن.
ولا أحد يستطيع أن يخمن إن كانوا سيتوقفون عند الحدود.
تهديدات الحوثي الدعائية تشمل التوغل في أعماق السعودية والإستيلاء على مكة.
يقول الصحفي الأمريكي روبرت وورث:
“هناك حالة قلق عصبية شديدة بهذا الشأن عند المسؤولين السعوديين اللذين قابلتهم في الرحلة التي قمت بها مؤخرا للرياض، ولكنهم طلبوا مني ألا أذكر أسماءهم”
عبدالملك الحوثي فاوض السعوديين وأرغمهم
*
مفاوضات خريطة الطريق كانت طويلة وصعبة.
الإستماع إليهم جعلني أشعر بالشفقة على الناس اللذين كان على المفاوضين السعودي أن يجلسوا مقابل الحوثيين على الطاولة.
تحدثت مع العديد منهم ووصفوا سلسلة من الجلسات المضنية مع ناس- أي الحوثيون – اللذين هم أساتذة في رفع سقف الطلبات والأثمان- Upping The Ante- ثم العودة إلى رفع السعر مرة أخرى وإلا سينسحبون من الطاولة.
على سبيل المثال، في البداية كان المفروض أن يتم دفع مرتبات موظفي الحكومة جزئيا من موارد الضرائب والجمارك من الميناء الذي يسيطر عليه الحوثيون والجزء الآخر من موارد الغاز والنفط الذي في أراضي الحكومة الشرعية.
في النهاية وافقت السعودية على أن تدفعها كلها.
عبدالملك الحوثي، كان يتابع المفاوضات لحظة بلحظة، وكان من الواضح أنه هو الذي يقودها.
دبلوماسي سعودي شارك في هذه المفاوضات قال لي:
” The buck stops with him”
(هذا بعني حرفيا أن صاحب القرار الأول والأخير هو عبدالملك الحوثي وأن الذي يتحمل مسؤولية إتخاذ القرار هو عبدالملك الحوثي)
وأضاف الدبلوماسي السعودي:
“عنده قدرة على الإلمام بالتفاصيل، وليس فقط في الرؤية العامة”
في حالات نادرة جديدة يتعامل مباشرة مع الأجانب، والروتين يكون هو نفسه دائما.
يتم إحضارهم إلى غرفة بها طاولة وعليها شاشة كومبيوتر ويتحدث إليهم الحوثي عبر رابط من مكان اختبائه في مدينة صعدة على بعد ١١٠ ميل.
الحوثي يزهو بانتصاره على السعودية
*
في النهاية حصل الحوثيون على كل ما كانوا يريدون، لأن السعوديين كانوا في حالة يأس ونفاذ صبر ويريدون إنجاز الإتفاق بأي طريقة.
قال الدبلوماسي السعودي:
“حالتهم، كانت حالة المنتصرين”
“أي واحد يريد مشاركتهم في الحكم فيجب أن يتم هذا بالرضوخ لشروطهم”.
“Their attitude is, We won,”
the Saudi diplomat told me.
“Anyone who wants to share power must do so under their terms.”
الرواية السعودية الرسمية
*
السعوديون يقولون انهم قاموا فقط بتسهيل المناقشات حول خريطة الطريق، التي توصف رسميا بأنها إتفاق بين الحوثيين وخصومهم في الحكومة اليمنية “المعترف بها دوليا” القائمة في الجنوب. الإسم المختلق للشرعية.
الحكومة الشرعية
*
مجرد دمية، تعتمد على ما تجود عليها السعودية من عطايا لمجرد أن تطفو على السطح ولا تغرق.
شيئ واحد يتفقون عليه وهي كراهيتهم لخريطة الطريق.
إنهم يرونها- ومعهم بعض الحق- استسلام لكل طلبات الحوثي.
ولكنهم لا يستطيعون أن يقولوا هذا لأن هذا سيوقف الشيكات والفلوس التي تعطيها لهم الرياض.
كان هذا واضحا بطريقة مؤلمة عندما ذهبت لمقابلة الرئيس رشاد العليمي في الرياض.
الرئيس رشاد العليمي مكتئب لكنه سيوقع
*
بالرغم من أن حكومته موجودة في اليمن إلا أنه يمارس مهماته واجتماعاته من فندق الريتز-كارلتون في الرياض.
لن نغرق في تفاصيل فخامة الفندق ولا تفاصيل أخرى حدثت بداخله.
العليمي، ليس سجينا ولكنه ليس حرا بالتأكيد.
رحب بي بمجاملات تصدر مع التألم مثل تلك التي تأتي من طبيب يتردد أو يتباطأ بإعطاء الأخبار السيئة.
تحدث عن سيئات وموبقات الحوثيين.
عندما سألته عن خريطة الطريق، لم يستطع العليمي إجبار نفسه على مدحها.
“أنا أؤمن أن السلام هو الأولوية الأولى في اليمن”
قال العليمي هذا وعلى وجهه حزن واكتئاب.
وبعدها بقليل قال:
“الحوثي سوف يأتي للسلام فقط إذا تمت هزيمته”
وترك لي الأمر لأستنتج ما هواضح للغاية.
سيوقع العليمي على إتفاقية خريطة الطريق لكنه يعتبرها خطأ.
التضاد بين حالة العليمي المتجهمة ومعنوياته وحالة الثقة المتوهجة للحوثيين كانت ظاهرة لدرجة تجعل الواحد يستحي.
عندما ذكرت إسم رشاد العليمي لعبدالملك العجري في عُمان، امتلأ وجهه بابتسامة ساخرة، وقال:
“نحن نرفض ولا نسمح للسعوديين أن يعاملوننا بالطريقة التي يتعاملون بها مع ما يسمونه بحكومة الشرعية”
ووصف العليمي بأنه رئيس صوري بدون سلطة حقيقية، وفضيلته الوحيدة هي أنه سوف يوقع خريطة الطريق إذا طلب منه السعوديون ذلك.
هل يمكن قهر الحوثيين؟
*
مواقف الحوثيين وقطع الملاحة في البحر ألأحمر وتجنيدهم لعشرات الألوف من المقاتلين الجدد تحت إسم مساندة غزة، تجعلهم يبدون وكأنهم لن يقهروا.
دعايات الحوثيين في كل مكان.
لكن الناس في مناطق سيطرتهم يخافونهم.
الحوثي يضيق على الناس في كل ما يقولونه وفي حرياتهم الشخصية.
أحد أصدقائي اليمنيين الذي يراسلني من صنعاء يحذف رسائله معي أول بأول خشية بأن يقع هاتفه في أيدي الحوثيين.
الحوثيين لا يمكن أن يعيشوا بدون الحرب
*
قوة الحوثيين، خطرة وقد يسيطرون على بقية البلاد أو يعبروا الحدود إلى أعماق السعودية.
وحتى ضعف الحوثيين، هو مصدر للخطر أيضا.
الحكومة الحوثية فاشلة وفاسدة.
أسعار المواد الغذائية مرتفعة.
وقدرة اليمن على تصدير العمالة والإغتراب قد تناقصت بسبب انهيار التعليم والتدريب المهني.
وأحوال الشعب اليمني تتدهور من سيئ إلى أسوأ.
سوء التغذية ونقص النمو البدني والعقلي للأطفال يتزايد.
هذا كله قد يدفع بالحوثيين إلى الإندفاع بإشعال المعارك والحروب هربا من سوء الأحوال وانكشاف عورة نظام الحكم الحوثي.
مواصفات الحرب الأهلية الجديدة
*
لو اندلعت الحرب الأهلية من جديد، فهذه هي الإحتمالات:
١- في أمريكا، جناح الصقور المتشدد ضد إيران قد يطالب بتسليح القوى المناهضة للحوثيين
٢- في السعودية، قد ترى في هذا وسيلة جيدة لإضعاف الحوثيين بشرط أن يكونوا بعيدين.
٣- قد تتفاقم العداوات المذهبية والمناطقية والطائفية بين اليمنيين.
٤- قد تظهر أشكال جديدة من القاعدة.
هل حقا، هناك من يريد العودة إلى هذا الطريق من جديد؟
الإحتمالات
*
لسوء الحظ، هناك مخاطر في كل الإحتمالات.
القضاء على الحوثيين قد يبدو مستحيلا، لكنهم لا ينحنون بسهولة أيضا (أي لا يمكن التفاهم معهم).
هل تستطيع السعودية إعادة مراكز القوى التي كانت قبل أيام وأثناء أيام الرئيس السابق صالح؟ (كلام سمعه الصحفي الأمريكي من هنا ومن هناك ويردده بدون اقتناع).
إنشاء كانتونات ناجحة (يقولها الصحفي وهو غير مقتنع)
قلق أمريكا من الحوثيين
*
العالم كله، يعرف الآن ما يستطيع الحوثيون أن يقوموا به في البحر الأحمر.
ولن يعدموا سببا في المستقبل لتكرار نفس العمل لتحقيق أغراض جديدة.
إعادة كتابة خريطة الطريق
*
الدبلوماسيون السعوديون اللذين كتبوا خريطة الطريق الحالية يقولون بأنه يجب إعادة كتابة خريطة الطريق بعد الأخذ بالإعتبار لكل هذه المخاطر.
قال لي أحد الدبلوماسيين الأمريكيين:
“لا يمكن أن نقول فقط عفى الله عما سلف وما فات مات”
“العملية السلمية يجب أن تضمن احتواء التهديد الحوثي، وتضمن عدم تمتع الحوثي بمزيد من الجرأة وتمنع حصوله على مزيد من القوة”
كيف تستطيع إحتواء قوة سريعة الإشتعال ومتهورة مثل الحوثيين؟
خريطة الطريق الجديدة هي التي ستعطي الإجابة وإلافإنها سوف تقود اليمن والمنطقة إلى نهاية مظلمة ومميتة !