لأكثر من أسبوع، شغلت قصة طالب العلوم السياسية بصنعاء، عبدالله البليلي، الرأي العام باليمن، لا سيما بعد كشفه ملاحقته من قادة الحوثي.
وترك البليلي (29 عاما) صنعاء الخاضعة للحوثيين في 6 مايو/أيار الجاري، وفر باتجاه مدينة مأرب الخاضعة للإخوان عبر طريق صحراء الجوف، لتختفي أخباره عدة أيام، قبل أن يظهر جثة هامدة، وهو ما تسبب بتعدد روايات مقتله.
في حسابه على “فيسبوك” الذي تصفحته “العين الإخبارية”، نشر عبدالله اسم الشركة الناقلة “البراق” ورقم الباص الذي استقله في طريقه إلى مأرب، وموعد وزمن الرحلة، وطلب من أصدقائه تتبع أماكن وجوده من خلال تطبيق “GPS” المرتبط بهاتفه.
عبدالله البليلي
في أحد منشورته، توقع الشاب أن يُقتل أو يُختطف على أقل تقدير وقدم بلاغا للنائب العام في الجمهورية، محملا المسؤولية الكاملة لمليشيات الحوثي، ممثلة بالقيادي النافذ محمد علي الحوثي ورئيس الاستخبارات العسكرية للمليشيات أبوعلي الحاكم، إلى جانب عدد من أقاربه المنخرطين مع الانقلابيين.
ووصف الكثير من زملائه في الدراسة وأفراد من أسرته، عبدالله بـ”الشخصية المثابرة والطموحة”، وأكدوا أن الشاب كان على خلاف عائلي مع أخواله حول قضية ميراث وتعرض على إثره لتهديدات وملاحقة أمنية، بحكم موقع أخواله لدى مليشيات الحوثي، وهو ما دفعه لخوض مغامرة السفر إلى مأرب على أمل الهجرة إلى خارج اليمن.
ورفضت أسرة عبدالله طلبات متكررة، للتعليق عن ظروف مقتله خصوصا بعد أن ضجت وسائل الإعلام المحلية ومواقع للتواصل الاجتماعي بأنه تم العثور على الشاب مقتولًا في الطريق بين محافظتي الجوف ومأرب.
كيف قتل عبدالله؟
في 12 مايو/أيار الجاري، دفن جثمان عبدالله وظلت قصته غامضة، قبل أن تكشف شرطة مأرب الخاضعة للإخوان في بيان صدر في وقت متأخر أمس الخميس، أن الشاب أنهى حياته في أحد المعتقلات، وهو ما شكل صدمة للرأي العام.
البيان الذي يعد اعترافا دامغا بمدى الانتهاكات الإخوانية بحق المسافرين، أقر بتعرض عبدالله خالد عبدالله البليلي، للاعتقال من قبل حاجز أمني على مدخل مدينة مأرب “بعد الاشتباه به وقيامه بتصرفات مريبة، وإجابات متناقضة ومضطربة على أسئلة أحد أفراد الأمن”، بحسب قولهم.
وتابع البيان “نقل البليلي إلى قسم شرطة الروضة في المنطقة الأمنية الثانية في مأرب لاتخاذ الإجراءات القانونية، وتناول هناك وجبة العشاء مع رفاقه الموقوفين”.
عبدالله البليلي
ومضى البيان قائلا “في صباح اليوم التالي الأربعاء 8 مايو/أيار تناول البليلي مع الموقوفين وجبة الإفطار وبعدها ظل كثير التردد على دورة المياه التابعة لغرفة الحجز بحسب إفادات الموقوفين، وكان يقول بأنه يعاني من مغص معوي شديد”.
موضحا: “عقب ذلك، توجه أحد الموقوفين إلى دورة المياه، ووجد عبدالله معلقاً وقد وثق نفسه ببنطاله إلى نافذة غرفة الحجز ولفه حول رقبته، وحينها قام الموقوفون بإبلاغ الحارس”.
وأشارت الشرطة إلى أنه “تم على الفور إبلاغ النيابة العامة بالحادثة، ووصل فريقها، وحقق مع الموقوفين وضابط القسم والحارس، ومن ثم وصل قسم الأدلة الجنائية لتوثيق الحادثة”.
البيان ذكر أيضا، أنه “بعد أن تم استكمال الإجراءات القانونية وتوثيق الحادثة، تم نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى العسكري، وتم التواصل مع أسرته وأقاربه ونزلت أسرته إلى المحافظة وطلبوا نقل الجثمان لدفنه في مثواه الأخير”.
ورغم أن بيان السلطات الإخوانية حاول إظهار عبدالله وكأنه كان يعاني من اضطراب نفسي عند الاشتباه به، إلا أن عددا من أقربائه وزملائه نفوا ذلك، وأكدوا أنه لم يعانِ من أمراض نفسية وأنه كان يشكو من الضغط والتهابات القولون كأبرز مشكلاته الصحية.
عبدالله المولود عام 199٥، درس في كلية الطيران بصنعاء، وتخرج فيها بدرجة امتياز، ثم التحق للدراسة بقسم العلوم السياسية بكلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء، وتخرج فيها عام 2019-2020.
وتلاشت أحلام البليلي تحت وطأة التهديدات الحوثية التي دفعته للهروب على أمل النجاة من قبضة أمنية مشددة. وعند النجاة من المليشيات، اصطدم بواقع إخواني ينتهك حق المسافرين ما أجبره على إنهاء حياته -بحسب الرواية الإخوانية- ولتبقى قصة رحلة موته الأخيرة شاهدة على جرم مشترك.