حنين بنت القطوي.. طفلة صغيرة لم تتجاوز العشر سنوات، عيناها تلمعان بالذكاء، وقلبها يفيض بالطموح، من أسرة مُعدمة، كانت حنين تخوض تنافسًا شريفًا في دراستها مع زميلاتها، محققة المركز الأول دائمًا.
في هذا العام، كانت حنين مصممة على الحفاظ على مركزها، فدرست بجد واجتهاد، وسهرت الليالي تراجع دروسها، وتمنت أن تحقق حلمها بالتفوق.
ولكن، جاءت النتيجة لتقلب موازين أحلام حنين، فقد نقصت درجتين فقط عن المركز الأول، لتأوي إلى البيت يوم امس وهي منكسرة، تشعر وكأن العالم قد انهار عليها.
لماذا لم تحقق المركز الأول؟ هذا السؤال ظل يدور في رأس حنين، يطاردها في يقظتها ومنامها. شعرت بالإحباط واليأس، وفكرت في الهروب من هذا الواقع المؤلم.
نظرت حنين من شرفة غرفتها، إلى الأسفل حيث الشارع المزدحم بالمارة والسيارات. فكرة غريبة راودتها، فكرت في أن تلقي بنفسها من فوق العمارة، وتنهي حياتها التي أصبحت لا تطاق بالنسبة لها.
قبل أن ترمي بنفسها، أطلقت عبارات تقول: “سامحني يا بابا، نقصت علامتين، ولم أحقق المركز الأول ككل عام”.
حنين طفلة صغيرة، ولكنها تحمل في قلبها طموحًا كبيرًا، كانت تظن أن العالم مرتبط بتحقيقها للمركز الأول، وكان قرار نهايتها أكثر مأساوية ووجعًا علينا جميعًا. لماذا لم تخطر ببالها فكرة أن الفشل هو جزء من النجاح؟ لماذا لم تتذكر والديها اللذان يحبانها كثيرًا؟ لماذا استسلمت لليأس ولم تقرر أن تستمر وتبدأ من جديد؟
يا له من قرار وياله من وجع! حنين إلى دار الخُلد وجنات عرضها السماوات والأرض إن شاء الله. وعظيم تعازينا لوالديك وأهلك وكل محبيك بهذا الرحيل الموجع الذي أدمى قلوبنا وجف لها حبر مأقينا.