شهدت السفن في البحر الأحمر مؤخراً تراجعاً ملحوظاً في الهجمات التي تشنها مليشيا الحوثي الإرهابية، وذلك بعد أن تعرضت لضربات إسرائيلية استهدفت ميناء الحديدة، مما أدى إلى خسائر بشرية وخسائر في البنية التحتية للميناء.
ورغم ذلك، يُرجح وجود كواليس سياسية من خلف الستار تُدار بتوافق أمريكي إيراني إسرائيلي لزعزعة المنطقة ومد نفوذهم في الدول العربية، في إطار حرب دولية باردة ضد المصالح الروسية والصينية.
هذه المعركة بدأتها إيران بدفع المقاومة الفلسطينية لقصف ومهاجمة مستوطنات ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 قبل أن تتخلى عنها لاحقاً وتكتفي بالتنديد اللفظي، لتسمح للاحتلال الإسرائيلي بالرد بشكل هستيري وتمنحه الحجة لعمل دمار شامل في غزة وسكانها حتى اللحظة.
بعد ذلك وفقاً لمراقبين، دفعت إيران ذراعها الحوثي بالتصعيد على الملاحة البحرية تحت مبرر القضية الفلسطينية، لتعطي الحق الشرعي لأمريكا بمد نفوذها العسكري في البحر الأحمر بحجة حماية الملاحة الدولية.
ويبدو أن أمريكا تسعى لترسيخ وجودها كأمر واقع في المضائق البحرية، خاصة بعد تفاقم الأزمة الغربية الروسية الصينية وما يرتبط بها من تحركات لهذه الدول على مستوى العالم. في الوقت الذي تحتكر فيه روسيا الحضور العسكري في البحر الأسود حتى الآن، وتزداد التصريحات الصينية بأحقية سيادتها في بحر الصين الجنوبي.
والتحركات الأمريكية في البحر الأحمر ليست جديدة، لكن الجديد فيها هو إعلانه بحسب مراقبين، يعود بشكل أساسي إلى ما سمي سابقاً بمحاربة القرصنة الصومالية في العام 2008م.
ويعيد التحرك الأمريكي الجديد إلى الأذهان الاستراتيجية البريطانية في تطويق الوجود العثماني في اليمن حيث جرت السيطرة على ساحل البحر الأحمر بمشاركة بريطانية ودعم “للسيد الإدريسي” الذي كان يقاتل إلى جانب “الإمام يحيى” ضد الأتراك آنذاك، الأمر الذي سهل من هزيمة الأتراك في الربع الأول من القرن العشرين.
ويشير المهتمون بالشأن اليمني إلى أن هناك عدداً من الدوافع وراء التحرك الأمريكي في البحر الأحمر، أبرزها تغيير اتجاه الضغوط الدولية والمحلية المتصاعدة إزاء تعامل بايدن مع القضية الفلسطينية وتخفيف الضغوط الدولية. حيث أظهر دعم بايدن غير المشروط للأعمال العسكرية الإسرائيلية نفاق الولايات المتحدة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وإعادة حشد حلفائها ضمن سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
كما تسعى واشنطن من خلال هذا التحرك إلى تعزيز سيطرتها على الممرات البحرية، التي تعد أولوية قديمة في استراتيجيتها في الشرق الأوسط، بهدف تقويض التجارة بين الصين وشركائها في دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا.