منذ أن تولى معين الماس رئاسة صندوق صيانة الطرق، لم يعرف الصندوق استقرارًا مؤسسيًا ولا أداءً مهنيًا يمكن البناء عليه. وعلى العكس من ذلك، تفاقمت الأزمات، وتعطلت المهام، وتكاثرت الشكاوى، وسط نمط متكرر من الصدامات والانتهاكات التي لم تكن عرضية، بل جزءًا من إدارة متعمدة تدار خارج حدود القانون.
صدام مع الموظفين، وإقصاء ممنهج للكفاءات داخل الصندوق، حول الإدارة إلى سلطة فردية، تخضع لقرارات فوقية دون مشورة أو مؤسسية.
صدام مع وزارة الأشغال العامة والطرق، حيث دخل في خلاف مع الوزير السابق مانع بن يمين، ثم مع الوزير الحالي سالم الحريزي، ورفض الامتثال للإشراف المؤسسي الذي تفرضه القوانين واللوائح المنظمة لعمل الصندوق.
صدام مع وزارة المالية، بعد أن رفض تقديم موازنات سنوية أو حسابات ختامية، وتعامل مع موارد الصندوق وكأنها ملكية خاصة، بعيدة عن الرقابة، في تحدٍ مباشر للقانون المالي للدولة.
الخلافات لم تتوقف عند حدود الوزارات، بل امتدت إلى محافظي عدد من المحافظات، الذين اعترضوا على انتقائيته في تحديد المشاريع ومواقع التنفيذ، ورفضه اعتماد معايير مهنية عادلة، مفضلاً شبكات الولاء والمحسوبية.
وفي خطوة أثارت استياء واسعًا في جميع الاوساط أقصى المؤسسة العامة للطرق والجسور، الجهة الفنية الوطنية المعنية، وعطّل دورها في تنفيذ مشاريع الصيانة، مفسحًا المجال لمقاولين مقربين منه، بعيدًا عن أي تنافسية أو شفافية.
ورغم كل هذا، تجاوز رئيس الصندوق حتى توجيهات رئاسة الوزراء، برفضه الالتزام بخفض النفقات التشغيلية إلى النسبة المحددة بـ10% من موارد الصندوق، ومواصلته الصرف دون وجود موازنة معتمدة للعام 2025.
كل هذه المخالفات، ورغم وضوحها وتعددها، لم تؤدِ إلى أي مساءلة حقيقية أو حتى مراجعة جادة، ما يطرح تساؤلًا أكبر: لماذا يستمر هذا الوضع؟ ومن هي الجهة التي تمنح رئيس الصندوق هذه الحصانة الخارقة؟
مصادر مطلعة كشفت أن هناك منظومة دعم خفية، تساهم بشكل مباشر في بقاء معين الماس بمنصبه، لأسباب تتعلق بمشاريع الصيانة الممولة محليًا ودوليًا، والتي أصبحت قناة لتبادل المصالح واستثمار النفوذ، بدلًا من أن تكون أداة لخدمة الطرق والبنية التحتية في اليمن.
وفي هذا السياق، يُجري فريق صحفي تحقيقًا استقصائيًا لتقصي هوية هذه الجهات النافذة، التي توفر الحماية لرئيس الصندوق، وتمنع أي تحرك جاد لمساءلته أو إزاحته. وسيتم الكشف عن نتائج هذا التحقيق في الأجزاء القادمة من هذه السلسلة.