كتب اللواء ركن طيار/قاسم عبدالرب العفيف
الحرب ليست نزهه يمكن لأي قائد سياسي أوعسكري يفكر فيها وأن يعملها ويعملها ولكنها عملية تدميريه واستنزاف لكل الموارد ولكل شيء جميل في البلد وتمنح شيك على بياض لامراء حرب لكي يسيطروا على مقدرات البلاد شرقا وغربا وهذا ما حدث في السابق ويحدث الان ومع الاسف كانت البداية في حرب 94 م عندما قرر قادة صنعاء استبدال الحوار السلمي بين الجنوب والشمال الى شن حرب ضد الجنوب ولانه من كان يقود المعركة لا يفكر كما يدعي باستعادة الوحدة وضرب الانفصاليين الذي حددهم بعدد ستة عشر قائد جنوبي ويمكنهم اضافة مثلهم بعشره اضعاف وتنتهي المعركة ولكنهم اعتبروا شعب الجنوب كله انفصاليين حتى من كان يقف معهم او من كان يقف على الحياد تجنبا للمشاكل او انه غير مستفيد لا من هولاء ولا من اولئك واصبح الجنوب ميدان للنهب والسلب والاستيلاء على مقدرات الشعب من مصانع وموانىء وحقول نفط وثروات ومساكن شخصية للقادة الستة عشر ومثلهم العشرات واراضي وبحور وجزر وشواطىء وكل مقدرات دولة الجنوب من بنية تحتيه في التعليم والصحة والزراعه والاسماك والصناعه وكل شيىء على ظهر الارض وكل شيىء في باطن الارض قد تم بيعه وحتى السماء لم يسلم فقد بيع الى دوله مجاوره واصبح المواطن الجنوبي في اليوم التالي من انتهاء الحرب لا يعرف في اي دوله هو عايش لان اسماء الشوارع والمدارس قد تغيرت ولم يرى جندي المرور المتعود على مشاهدته في تقاطع الطرق لتنظيم السير ولم تاتي الباصات لنقل اطفاله الى المدارس مجانا ولم يستطع الوصول الى المستشفيات لانها قد نهبت من تجهيزاتها ولم يسمع اذاعة عدن في الصباح ولم ولم وكانه يعيش في دوله اخرى لا علاقه له بها على الاطلاق ولهذا كانت الحرب في 94 ليس من اجل الوحده ولكن من اجل نهب الجنوب وتجريفه من ابناءه وهذه هي الحقيقة التي لا تريد نخب الشمال ان تعترف حتى الان ولاحتى احد من الخارج ان يقول كلمة حق لا من الاقليم ولا من العالم لان كل منهم اخذ نصيبه من الكعكه ويحاول ان يتكي على شيء اسمه الدولة والشرعية فاذا كانت الأعمال التي تعرض لها الجنوب هي أعمال دولة أو شرعية في نظرهم فهي الكارثة التي حلت على شعب الجنوب ولكن هل من المعقول أن أهل الإقليم يقروا بمبدأ السلب والنهب وتجريف أصحاب الأرض من أرضهم وهم يمالؤون الظالم ويشجعوه على ظلمهم هذا الذي لابد من إعادة النظر فيه حتى لا يكون مستقبل المنطقة على كف عفريت.
ودارت الأيام وكان لابد لابد لليل أن ينجلي وإن الظالم ستكون نهايته وخيمة حتى وصلت أزمة الحكم في صنعاء إلى مرحلة حرجة لا تستطيع السير حتى النهاية وهي غارقه في الأزمات التي هي من صنعها وكانت في مراحل سابقة تستطيع السيطرة على تلك الأزمات وتحويلها إلى مكاسب لصالحها بهدف الاستمرار في حكم البلاد بالحديد والنار وضرب المعارضين لها عبر أدواتها البوليسية، ولكن الصراع على السلطة أصبح واقع فلابد من خروج المغلوب وكان لهم ما أرادوا بأن خرج أحد أجنحة الصراع وترك الملعب ليغادر إلى الخارج ويستنجد بالجيران بعد أن شكلوا البديل الذي يستطيع ان يخوف فيه جيران اليمن بأن أحضروا طائفة لا تشكل إلا نسبة 2% من سكان اليمن وتم تسليمها مقاليد الحكم وهم يعروفون أن تلك الطائفة قد اعتنقت المذهب الاثنى عشري الذي هو اساس نظام الحكم في ايران وكانت تلك هي القشه التي قسمت ظهر بعير المنطقة بأكملها والتي كانت البوابة لدخول الاقليم المجاور للدفاع عن امنه وعدم تمكين تلك الفئة لتصبح قوة تستطيع ان تهدد امن المنطقة باكملها وخاصة بعد اعطائها الضوء الأخضر للوصول الى عدن باستخدام قوة الجيش اليمني الذي تحول اتوماتيكيا الى قوة ضاربه بيدها ومحاولة اعادة السيطرة على الجنوب لانه من غير الممكن ان تقوم تلك الطائفة بغزو الجنوب بامكانياتها الذاتية ولكن كان الحيش اليمني هو الذي يتقدم الصفوف لإعادة السيطرة على الجنوب بمباركة أمريكية واضحة بدعوى مطاردة الدواعش أي قرروا ان الجنوب داعشي ويحق لهم غزوه من جديد.
أظهر الإقليم بأنه غير موحد الرؤى فلدى كل دولة من دوله رؤيتها الخاصة تجاه خطورة تواجد طائفة صغيره في صنعاء تابعة لإيران فمنهم من سهل لهذه الطائفة منفذ تطل فيه على العالم وممر آمن لنقل الأسلحة من إيران لها عبر قوات ادعت انها مواليه للشرعية ولكنها كانت تحت إمرة صنعاء ومنهم من قدم الدعم المالي والمعنوي والسياسي ومنهم من كان يدعم حزبيا الشرعية التي حولت الحرب الى صراع حزبي بين الاصلاح الذي سيطر على الشرعية وبين الموتمر الشعبي العام برئاسة الزعيم صالح الموالي لتلك الطائفة في صنعاء ولكن ظهرت الشرعية خلال مسار الحرب بأن اجنداتها ليس العودة الى صنعاء ولكن الوصول إلى عدن و ضربت في ذلك التحالف في مقتل لان دعمه العسكري والسياسي واللوجستي لهم ذهب ادراج الرياح وتتالت الهزائم لقواتها بالانسحابات غير المبررة وتسليم المعسكرات للحوثي وبالأخير تسليم ثلاث مديريات مِن محافظة شبوه المحررة دون قتال يذكر مما اضطر التحالف لإرسال قوات العمالقة الجنوبية لتحريرها
ضاعت الدولة وأصبحت صنعاء تمثل انموذج لنظام ايران واصبح امر واقع واصبحت كل القوى اليمنية تعمل ليل نهار لكي يتمكنوا من حكم الجنوب لمقايضة الحوثي سياسيا عند الحلول النهائية ولاتهمهم مصالح الجنوب وشعب الجنوب فهم من يسيطر على القرار السياسي وفق القرارات الدولية التي اصبحت تلك القرارات في خبر كان حتى العالم غير متمسك بها ويريد انهاء الحرب باي ثمن بما في ذلك الاعتراف بالحوثي حاكما على صنعاء وهم من يقوموا بمفاوضته والاعتراف به كأمر واقع ولكن من لا زال يتمسك بتلك القرارات ويشجع الشرعية على احكام الحصار الجائر على شعب الجنوب. لديه اجنداته التي يعتقد انه سيحققها عبر هذه الشرعية الهزيلة والتي لا تملك حاضنة جنوبية على الإطلاق.
تحولت الحرب من إعادة الشرعية ومناصرة اليمن في هزيمة المشروع الإيراني إلى البحث عن مكاسب ومصالح خاصة بتلك الدول التي تتصارع في اليمن ومن حق كل دولة أن تبحث عن مصالحها، ولكن ليس على حساب مصالح الآخرين وهناك طرق لتبادل المصالح باحترام بعضها البعض فإيران حققت مصلحتها في السيطرة على صنعاء ليس بقوة الحوثي ولكن بانحياز صالح ودعمه للحوثي بتسليم الدولة في صنعاء وكذا بتخاذل الشرعية التي سيطر عليها حزب الإخوان المسلمين، وكذا بدعم بعض دول الإقليم وأميركا على وجه الخصوص، لكن إيران حلمها بالسيطرة والوصول إلى بحر العرب وباب المندب تحطم بسبب مقاومة الجنوب الباسلة ومع ذلك فإيران تتواجد في إريتيريا وفق اتفاقيات ثنائية بينهما …. والآخرون من حقهم تحقيق مصالحهم ويحلمون الوصول إلى بحر العرب وعدن ولكنهم جميعا اخطأوا بالوسائل وهو تجاهل مصالح شعب الجنوب الذي أهدى بعضهم نصر مجاني خلال ثلاثة شهور وبعدها قدم انتصارات متلاحقة ولم يوقفها إلا خذلان الشرعية والمجتمع الدولي وخاصة عند أسوار ميناء الحديدة.
لا تنفع الضغوطات على الجنوب ولا بإحكام الحصار ولا بتشجيع وإنشاء قوى جنوبية لخلق بؤر صراعات جنوبية بينية وكل ذلك لن يكون في صالح تلك الدول لأنها لا تستطيع أن تحقق مصالحها عبر هذه السياسية فرق تسد بين الجنوبيين لأنها ببساطة لن تنعم بالأمن والاستقرار لأنها دخلت من البوابة الخطأ، واصبحت إعادة النظر في تلك السياسة الفاشلة والتي لم تنفع مِن سبقوهم من المستعمرين السابقين الذين ذهبوا مع الريح ويبدو أنهم لا يعرفون سيكولوجية شعب الجنوب الذي لا يقبل الضيم ولا الظلم ولكنه وفِي مع الذي يقدم له الوفاء، ومستعد ان يكون سند له في الأوقات الصعبة وقد أثبت ذلك عملياً.
من يعلق الحرس في هذه الأزمة الخطيرة للخروج الآمن منها وإرساء منظومة سياسية وأمنية توافقية متصالحة يسودها الأمن والاستقرار وتبادل المصالح هي أفضل الطرق لاستقرار دائم في المنطقة، أما تجاهل مصالح شعب الجنوب فهو الطريق الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار وسيولد أزمات تضر بمصالح الإقليم والعالم.