تناولت مجلّة “مودرن بوليسي” الإلكترونية الأوروبية موضوع التحوّلات السياسية فيما أطلقت عليه “عصر مساعدة الذات في ما بعد شرق أوسط أميركي”، مؤّكدةً أنّ الدول الخليجية ستسعى إلى تشكيل تحالفاتها الخارجية بناءً على مصالحها في المنطقة.
وبدأت المجلّة مقالها لافتةً إلى “غياب كرم الضيافة السعودي المعروف”، والذي بدا واضحاً أثناء الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى السعودية، والتي جاءت أصلاً بهدف “إصلاح العلاقات المتوترة”.
وأوضحت المجلّة أنّ علاقات الولايات المتحدة في المنطقة ليست فقط مع السعودية، ولكنّها أيضاً مع جميع الدول العربية في الخليج، مُشيرةً إلى أنّ هذه العلاقات اليوم تُعتبر “بعيدة كل البعد عن سنواتها الذهبية”.
المجلة أكّدت أنّه إذا لم تستطع دول المنطقة أن ترى دوراً للولايات المتحدة في الاستقرار والحفاظ عليه، وإذا لم تتمكن من الحصول على مساهمة أميركية حقيقية في أمنها، فسيتعين عليها بالطبع البحث عن شركاء محتملين آخرين.
وأضاءت المجلّة على أنّ أنظمة عدّة دول عربية “كثيراً ما تعرّضت لانتقاداتٍ بسبب كونها دمىً في يد الولايات المتحدة، أو بسبب حفاظها على سلطتها من خلال علاقتها بواشنطن”، مُشيرةً إلى أنّ الدول المذكورة كانت ضعيفة من نواحٍ كثيرة، وبالتالي أُجبرت على مثل هذا النوع من العلاقات.
ولفتت إلى أنّ عزلة الولايات المتحدة الجديدة انعكست بعواقب وخيمة على القيادة الأميركية في الشرق الأوسط، مما أدى إلى فراغٍ كبير في سلطتها التي حاولت ضمان بسطها في المنطقة.
وتحدّثت المجلّة عن سعي روسي لملء هذا الفراغ في بلدان مثل سوريا وليبيا، إضافة إلى سعي القوى الإقليمية مثل إيران والسعودية والإمارات وتركيا إلى ممارسة نفوذ أكبر داخل مناطق نفوذها.
وتدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة بشكل شبه عالمي، نتيجةً لتجاهل الولايات المتحدة تأثير القوى المحلية،لفترة من الزمن، إضافةً إلى فشلها في إدراك الحاجة إلى تدخلٍ عاجل لإصلاح هذه العلاقات.
وتطرّقت المجلّة إلى تصريح الرئيس الأميركي، جو بايدن، قبل قرابة الثلاث سنوات، بأنّه سيجعل من السعودية “دولةً منبوذة”، مؤكّدةً أنّه كان عليه أن يتراجع ويزور السعودية، وأن “يطلب من العرب المساعدة في خفض أسعار النفط” بدلاً من تصريحاته.
كما شدّدت على أنّه لم يتم استقبال بايدن كرئيس للولايات المتحدة أثناء زيارته الرياض، بل “كرئيسٍ عادي، وربما رئيس دولة منبوذ”.
وتُظهر عدّة أمثلة، بحسب “مودرن بوليسي”، أنّه من حرب العراق حتى الوقت الحاضر، لم تعد الولايات المتحدة قادرةً على إنهاء الحروب وإقامة السلام، والأهم من ذلك، إقامة نظام لها في الشرق الأوسط.
كما أنّ عمل الصين في المنطقة كوسيط، يأتي على حساب الدور الأميركي فيها، خصوصاً وأنّ بكين تنجح في التوفيق بين الخصوم في المنطقة، وفي وضع حدٍ فعالٍ للنزاعات فيها، وذلك على عكس الولايات المتحدة، بحسب المجلة، خصوصاً وأنّها تمتنع عن فرض شروطٍ سياسية على دول الشرق الأوسط أثناء جهود المصالحة.
وذكّرت المجلّة بأنّه “لطالما أهملت الولايات المتحدة الشرق الأوسط”، لافتةً إلى أنّه فقط عندما “دخلت الصين بشكلٍ لامع إلى المنطقة”، ربما أدركت الولايات المتحدة خطورة خطئها القديم.
وتواجه واشنطن الآن مهمة أكثر صعوبة، فهي لم تعد “تغرس مستوى الخوف نفسه في دول المنطقة كما فعلت من قبل”، كما أصبحت قدرتها على تقديم مساهمات إلى المنطقة محدودة للغاية، الأمر الذي سينعكس على علاقات خليجية أوضح مع الصين وروسيا وغيرها من الدول “غير المرحّب بها أميركياً”. (الميادين)