الصدارة سكاي: خاص
في مدينة عدن تكثف هيئة التشاور والمصالحة اجتماعاتها شبه اليومية للوصول إلى صيغة توافقية لإعلان وثيقة تأريخية تلخص مبادئ المصالحة، بين مكونات مجلس القيادة الرئاسي، المزمع إعلانها في الأيام القليلة المقبلة، حيث دشنت هذه الهيئة يوم الثلاثاء الفائت، اجتماعات لجان عملها، المكلفة بوضع الإطار العام للرؤية السياسية لعملية السلام الشاملة، ووثيقة مبادئ المصالحة بين القوى والمكونات السياسية “الشرعية” (مكونات مجلس القيادة الرئاسي)، وكذلك اللائحة الداخلية لهيئة التشاور والمصالحة.
هذه الهيئة تشكلت بالتزامن مع إعلان نقل السلطة الذي تم بموجبه تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في إبريل من العام الماضي، وحدد إعلان نقل السلطة مهام هذه الهيئة، والمتمثلة في دعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي، ومقاربة وتوحيد القوى والمكونات السياسية، وتهيئة الظروف المناسبة لوقف الاقتتال والصراعات واستعادة وتفعيل مؤسسات الدولة، وصولاً إلى إحلال السلام الشامل والدائم.
حرب باردة، أم وثيقة مصالحة
من المقرر ان تستمر عمل لجان هيئة التشاور والمصالحة، هذه ايام تمهيداً لمناقشة المخرجات في الاجتماع العام للهيئة خلال الأسبوع القادم – وفقًا لما أفصحت به مصادر قريبة من الهيئة- والذي من المفترض أن يتم فيه إعلان مبادئ المصالحة واللائحة الداخلية المنظمة لعملها.
تأتي هذه التحركات لهيئة التشاور والمصالحة بعد أيام من ” حرب إعلامية” واتهامات، ورغم أن مجلس القيادة الرئاسي قد مَرَّ بأحداث ومنعطفات، باعدت بين أعضائه، وأيقظت نار الخلافات والتوجس بين مكوناته، في أحداث وفترات مختلفة، إلا أن أسوأها على الإطلاق، كانت تلك الأزمة التي فجرتها تصريحات رئيس “مجلس القيادة الرئاسي” اللواء رشاد العليمي، لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية في تقرير نشر يوم الجمعة الفائت، إنَّ قضية الجنوب “عادلة لكنَّ الحديث عنها أو عن حلها في هذه اللحظة قد يكون غير مناسب.” مضيفًا أن “معالجة القضية الجنوبية يجب أن تكون في إطار حلول النظام السياسي، مضمون الدولة، وشكل النظام السياسي المستقبلي.”
أثارت هذه التصريحات حفيضة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي اعتبرها غير دقيقة ولا تشير إلى جدية الشراكة والتوافقات، وبرزت أصوات داخل المجلس تدعو لعقد دورة استثنائية للجمعية الوطنية للمجلس، للرد على تصريحات العليمي، وهدد المجلس الانتقالي عبر أحد أبرز قياداته – د. ناصر الخبجي – صراحةً بفظ الشراكة مع الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي إذا ما استمرت “سياسة ترحيل” القضية الجنوبية.
واتهم الخبجي رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بعرقلة تشكيل الوفد التفاوضي المشترك.
وينص إعلان مخرجات مؤتمر الرياض على “إدراج قضية شعب الجنوب ضمن أجندة مفاوضات وقف الحرب لوضع إطار تفاوضي لها.”
عودة قريبة مرتقبة لقيادات مجلس القيادة الرئاسي
لم تحدد هيئة التشاور والمصالحة تاريخًا محددًا لموعد إعلان وثيقة المصالحة، إلا أن سياسي سعودي تحدث عن أن الهيئة ستعقد “اجتماعًا هامًا” الأسبوع المقبل.
وكشف السياسي السعودي سليمان العقيلي، عن أنه من المتوقع أن يحضر هذا الاجتماع الهام رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، يوم الإثنين المقبل، حيث سيتم “إعلان وثيقة مصالحة عدن التاريخية والتي ستتضمن مبادئ المصالحة بين القوى والمكونات السياسية داخل الشرعية” .
مصادر أخرى تحدثت عن عودة قريبة مرتقبة لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، دونما إفصاح عن مشاركته في هذا الاجتماع أم لا.
جذور المشكلة
لا تنحصر مشكلات مجلس القيادة الرئاسي في عدم الانسجام ووجود تباينات بين أعضائه وحسب، بل في وجود خلافات جوهرية في الكثير من القضايا الجوهرية والمصيرية، فالمجلس الانتقالي الجنوبي هو أحد أبرز مكونات المجلس، ورئيسه أحد أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وتأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في العام 2017 ، وهو امتداد طبيعي لثورة الحراك السلمي الجنوبي التي انطلقت في العام 2017 والمنادية بعودة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي دخلت في وحدة طوعية في عام 1990 قبل أن تتراجع عنها في العام 1994 بعدما أعلن شريك الوحدة برئاسة علي عبدالله صالح الحرب ضد الجنوب وبدأ في اجتياحه عسكريًا.
توالت بعد ذلك حركات مسلحة وأخرى سلمية لمقاومة نتائج ما أفرزته هذه الحرب من تهميش وإقصاء طال الجنوبيين بدء بحركة “حتم” وتيار إصلاح مسار الوحدة واللجان الشعبية، ومن ثم فصائل الحراك الجنوبي الذي انطلق في العام 2007 لتأتي حرب الحوثيين وشريكهم علي صالح على الجنوب في العام 2015 قبل أن تتمكن المقاومة الجنوبية بإسناد من دول التحالف العربي من طردهم، وتحرير كل محافظات الجنوب.
ليأتي بعدها المجلس الانتقالي الجنوبي كامتداد لكل هذه الحركات والمكونات السياسية والعسكرية الجنوبية، ويواصل مشوار السعي لاستعادة دولة “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، الأمر الذي ترفضه كل مكونات الشمال بمن فيها المكونات “الشمالية المتواجدة في مجلس القيادة الرئاسي، حيث يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي، لانتزاع اعتراف سياسي يمكنه من الحضور “بقوة في أي مفاوضات قادمة للحل النهائي للقضية اليمنية، ولا يخفي المجلس الانتقالي رغبته في التعجيل من تحقيق طموحه، بما يرفعه من شعار في “حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم “، مستندًا لنجاحاته في هزيمة الحوثيين، وسيطرته على الأرض، الأمر الذي تسعى مكونات الشمال – المتواجدة في المجلس- للماطلة فيه، وترحيل قضية الجنوب إلى أجل غير مسمى بحسب ما تقوله قيادات المجلس الانتقالي.