كتب/ صالح شائف حسين
ما دفعنا مجددًا لتناول موضوع الفتنة وخطورتها؛ هو التصعيد غير المسبوق للحملات الإعلامية المنظمة وشراستها؛ وتنوع وسائلها وطرقها التي باتت تستهدف الجنوب وسلمه الأهلي؛ ولخطورة الأوضاع المحيطة بالجنوب وتعاظمها هو ما دفعنا لذلك؛ فقد حذرنا مرارًا من خطورة الفتنة التي يبحث عن إشعال نارها أكثر من طرف معادي للجنوب وقضيته وأمنه وإستقراره ومستقبله؛ ومن خطورة إستخدام الكثير من المواقع وبعض الصحف وشبكة التواصل الإجتماعي؛ كمنصات لبث كل ما يبعث على الإثارة والتهييج والشحن المتعدد الوسائل والعناوين والأغراض؛ وإن أختلفت المنطلقات والأسباب والأهداف من طرف لآخر؛ إلا أن المستهدف هو الجنوب أولًا وأخيرًا وقبل أي شيء آخر.
وهي الوسائل التي تشكل مدخلًا مناسبًا في نظر بعض أبطال التحشيد من الجنوبيين مع الأسف ضد الآخر الجنوبي؛ الذي ( وضع ) كعدو في ذهن المتلقي المنفعل وغير الواعي لخطورة ما تبثه هذه الوسائل مجتمعة على حاضر ومستقبل الجنوب وتهدد نسيجه الوطني والمجتمعي؛ وهذا هدف مشترك لكل القوى والأطراف المعادية للجنوب؛ وإن أختلفت عناوين وأسباب ومبررات حملاتها المضللة.
فمع غياب أو ضعف لغة التفاهم الجدي والحوار الأخوي المجتمعي والوطني والسياسي المسؤول؛ أو لإستبعاده تمامًا من قبل البعض عند البحث عن الحلول لأي مشكلة تحصل؛ فتحضر إلى أذهانهم وسلوكهم العملي؛ البدائل البعيدة عن حضور العقل والحكمة والمنطق؛ وتقفز إلى الواجهة عندهم حالات التعصب والتوتر والتهور التي لا خير منها للجميع؛ بعد أن أصبح تأثير الشبكة كبيرًا وخطيرًا؛ بحكم إتساع نطاقها ووصولها إلى أعداد هائلة من الناس؛ وكثيرون هم الذين لا يتمتعون بالوعي اللازم الذي يحصنهم من الوقوع تحت تأثيرها وتضليلها؛ ويقعون فريسة لها وهم وحدهم ضحاياها الأبرياء.
إننا أمام حالة خطيرة وتتمثل بسلوك وموقف أولئك الذين يستخدمون الإعلام وبكل وسائله لتصفية حساباتهم المختلفة قديمها وجديدها؛ ويجعلوا منها منبرًا لممارسة الحقد والإنتقام؛ وبث روح الكراهية والتنافر والتفرقة بين صفوف أهلنا في الجنوب؛ ويستغلون ودون وازع من ضمير وبتجرد كامل من المسؤولية الوطنية والأخلاقية؛ بعض ما يحدث من أخطاء هنا وهناك؛ أو جرائم مدانة ينبغي أن يكون القانون هو أداة حلها وساحة القضاء هو مجالها؛ كحالة الجعدني المدانة مجتمعيًا ووطنيًا وسياسيًا؛ ليقول كلمته الفصل بحق كل مجرم ثبتت إدانته؛ وبصورة سريعة دون إبطاء أو تسويف أو تستر؛ مهما كان موقعه أو صفته؛ وتنفيذ ما ورد في قرارات إجتماع اللجنة الأمنية العليا يوم الثلاثاء ٩ يوليو الحالي برئاسة وزير الدفاع الفريق محسن الداعري؛ فقد كانت واضحة وحاسمة ومحل تأييد وترحيب كالجميع.
فقد جعل البعض من مصالحهم الخاصة ورغباتهم وأهوائهم منطلقًا لإثارة العصبيات القبلية والمناطقية والجهوية؛ بغية إلحاق الأذى والهزيمة بالآخر الذي أصبح ( عدوًا )؛ ولا مفر من شحذ الهمم للصدام معه ولا تهمهم العواقب التي سيدفعها الجنوب وكل أهله؛ بعد أن يتم ( إختلاق ) المبررات ( المقنعة ) لمن قد تم التضليل بهم عبر كل الوسائل القذرة لتحقيق هذه الغايات الشيطانية؛ وبغباء لا يحسد عليه هؤلاء؛ فهم يعتقدون واهمون بأنهم سيكونوا بمأمن من جحيم الفتنة إذا ما نجحوا بإشعالها.
وهو أمر لا يتمنى حدوثه أي مواطن جنوبي واعي ومخلص لوطنه وقضيته ومستقبل أجياله؛ بل وسيفشلون في مساعيهم الخبيثة والدنيئة هذه؛ لأننا نراهن على وعي شعبنا ونخبه ومثقفيه وعقلائه وعلى أصحاب كل الضمائر الوطنية الحية وعلى إمتداد خارطة الجنوب الوطنية.