أثارت عملية اصطياد السلاحف البحرية في منطقة خور عميرة الساحلية بمديرية المضاربة والعارة، غربي محافظة لحج، جدلاً واسعاً بين أوساط المهتمين بالقطاع السمكي في البلاد، وهو ما اعتبره صيادون تهديداً حقيقياً وإهداراً للبيئة البحرية.
تعد منطقة “خور عُميرة”، من المواقع البحرية الهامة التي تمثل مصدرا غذائيا للأحياء البحرية خصوصا السلاحف التي أصبحت اليوم مهددة بالانقراض. كما أن المنطقة اعتمدت كموقع هام وحيوي ورئيس لتغذية السلاحف البحرية كونها تمتلك نباتات وشعاباً مرجانية نادرة، إلى جانب أن المنطقة موائل للكثير من الطيور المهاجرة.
تمتلك لحج شريطاً ساحلياً يقدر بتسعين كيلومتراً، وهو ما جعلها ملاذاً آمناً لتكاثر العديد من الأحياء البحرية، بينها السلاحف التي تواجه اليوم صعوبة في الاستمرار في الحياة بسبب عمليات الاصطياد الجائرة خصوصا في محمية خور عميرة التي تتخذها موطنا لها لتعيش بسلام. أصبحت هذه الأحياء البحرية مهددة بالانقراض في ظل استمرار عملية التجريف والاصطياد الجائرة.
ورغم إصدار السلطة المحلية في المحافظة والمديرية قرارات متكررة بمنع اصطياد السلاحف البحرية في محمية خور العميرة الساحلية والشريط الساحلي في راس العارة والصدف والكورد والسقيه، إلا أن عمليات الاصطياد والتجريف لهذه الأحياء البحرية مستمرة من قبل بعض ضعاف النفوس من سكان المنطقة أو الصيادين أو الزائرين الذين يصلون لهذه المنطقة لهذا الغرض.
أرقام كبيرة.. وتحركات جادة
وخلال الفترة من أكتوبر – ديسمبر من العام 2022م تم توثيق إبادة 364 سلحفاة بحرية في المنطقة من قبل صيادين وقراصنة مخالفين لقرار منع الاصطياد. وهو ما خلق موجة من الغضب بين أوساط الصيادين في المنطقة قبل أن تشهد العملية انحسارا خلال شهري يناير وفبراير بعد نجاح قوات خفر السواحل في ضبط عدد من المعتدين على البيئة البحرية في المنطقة.
مؤخراً شهدت منطقة خور العميرة الساحلية بلحج تأسيس جمعية الحفاظ على الحياة الفطرية وحماية السلاحف البحرية، وهي خطوة في الطريق الصحيح، بحسب خبراء القطاع السمكي، للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الأحياء البحرية النادرة.
اجتماع تأسيس الجمعية حضره مدير الهيئة العامة لحماية البيئة فتحي الصعو ومدير إدارة المحميات الطبيعية بلحج صادق باعلوي، وعدد من صيادي المنطقة، وجاء عقب تحرك مجتمعي ورسمي للحفاظ على البيئة البحرية لمنع الاعتداءات في المحمية ومناطق ساحل لحج الأخرى.
خطر الانقراض
يقول فتحي سويد أمين جمعية الحفاظ على البيئة البحرية وحماية السلاحف البحرية لـ”نيوزيمن”: إن محمية خور العميرة تتواجد فيها أربعة أنواع من السلاحف: كبيرة الرأس والخضراء والزيتونة وصقرية المنقار، وهذه الأربعة الأنواع تم توثيقها في المحمية، بينما هناك أنواع أخرى تتواجد وبأعداد قليلة كالسلحفاة جلدية الظهر التي لم يتم توثيقها بعد حتى يتم العثور عليها.
وأشار سويد إلى أن هذه العملية التدميرية للبيئة البحرية والتي برزت خلال العام المنصرم تأتي من خلال تجار أو قراصنة في المساء يقومون باصطياد السلاحف وبيع العضو الذكري وبعض شحومها، ومؤخرا بدأ بيع لحم السلاحف على المطاعم، وهو ما يعدها تعديا سافرا على البيئة البحرية في المحمية.
شحة الأسماك
وفي السياق، يقول فتحي الصعو مدير الهيئة العامة لحماية البيئة في لحج، إن عملية صيد السلاحف لم تنتشر مؤخرا بل هي قديمة وإنما ازدادت في الوقت الراهن، وهذا يرجع الى شحة الاسماك في المنطقة وانتهاء موسم اصطيادها تزامنا مع هجرة السلاحف إلى خور عميرة مما يجعلها هدفا سهلا.
وأشار الصعو أن من يقوم بعملية الصيد الجائر هم من أهالي وصيادي المنطقة وبعض اللاجئين الافارقة، لكن بعد التحري اتضح أن الافارقة كانوا يصطادونها بحرافة قبل نقل حرفتهم للأهالي، مضيفا: بعد رفع مذكرة للمفوضية السامية من الهيئة العامة لحماية البيئة توقف الأفارقة عن اصطيادها واصبحت عملية اصطياد السلاحف مقتصرة على أهالي المنطقة، وهذا يعود لقلة الوعي وغياب الرقابة الأمنية.
وأوضح أنه تم رصد رمي السلحفاة وأخذ العضو الذكري فقط لبيعه وبات بعض الصيادين محترفين لصيد السلاحف لدرجة أنهم يعرفون الانثى أو الذكر وهي في البحر وعند شحة تواجد الاسماك يتم استهداف اناث وذكور السلاحف لبيع لحومها على المطاعم أو من قبل الأهالي.
الحل في التوعية
ونوه أن الهيئة العامة لحماية البيئة البحرية فرع لحج بذلت كل الجهود الممكنة من أجل إيقاف الاعتداءات على السلاحف البحرية في المحمية التي أدرجت كمحمية طبيعية ساحلية بقرار رئيس مجلس الوزراء في 10 أكتوبر 2021م ورفعت الرسائل والمذكرات ورصدت وأعدت التقارير إلى كافة الجهات المسؤولة والمختصة وتم إصدار قرار من المحافظ بعدم الاصطياد والمتاجرة بالسلاحف البحرية ويقتصر دور الهيئة في المقام الأول كجهة إشرافية ورقابية واستشارية وتكثيف الحملات التوعوية لكن المشكلة قائمة في ظل مجتمع يسوده الفقر وتدني الوضع المعيشي والخدمات وغياب الاستقرار المعيشي والأمني.
وأكد أن الحل الناجع لحماية المحمية بشكل نهائي يتمثل في رفع الوعي لدى كافة شرائح المجتمع وإشعارهم بالمسؤولية تجاه المحمية وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب ورفع البطالة عن شباب المنطقة وإقامة مشاريع تنموية ومتابعة الجهات الأمنية والرسمية لسير تطبيق القوانين.
ويؤكد كثير من الباحثين العاملين في مجال حماية البيئة على ضرورة التحرك لحماية محمية “خور عميرة” لمنع عمليات التدمير الممنهج للتنوع البحري الفريد الذي تمتلكه هذه المنطقة، من خلال تفعيل دور الجمعيات التعاونية السمكية وتطوير آليات الرقابة والمتابعة لتنفيذ القوانين خصوصا قانون حماية البيئة رقم (26) لعام 1995، لحماية البيئة البحرية والأحياء المتواجدة فيها.
المصدر نيوز يمن