بعد أيام على تعيينه نائباً للرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، أعلن محمد جواد ظريف، استقالته من منصبه رفضاً لقائمة الوزراء التي تم طرحها من قبل الحكومة. في حين وجهت انتقادات حادة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على خلفية القائمة التي تقدم بها للبرلمان لشغل حقائب وزارية هامة.
وعزا ظريف استقالته إلى أن قائمة الوزراء المقترحة لا تمثل الأقليات والنساء والشباب بإيران، موضحاً أن الوزراء التسعة عشر الذين تم تقديمهم اليوم، ثلاثة منهم مرشحون أوليون، وستة مرشحون ثانويون أو ثالثون، وواحد منهم كان مرشحا خامسا من قِبَل اللجان أو مجلس القيادة.
وقال: “بالطبع، أنا غير راضٍ عن نتائج عملي، وأشعر بالخجل من أنني لم أتمكن من تحقيق رأي اللجان الاستشارية بالشكل اللائق، ولم أتمكن من تحقيق وعدي بشأن تمثيل النساء والشباب والأقليات. لا تزال هناك بعض مناصب نواب الرئيس متاحة، وأتمنى أن تُعالج هذه النواقص”.
وأوضح نائب الرئيس الإيراني في بيان استقالته أن هناك جانب المشكلات الأخرى، التي دفعته الاستقالة والعودة إلى الجامعة، معتذراً للشعب الإيراني الكبير عن عدم قدرته على متابعة الأمور في دهاليز السياسة الداخلية.
تباينت ردود الأفعال في إيران حيال التشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. وظهرت مؤشرات على خلافات عميقة بينه وبين حلفائه الإصلاحيين والمعتدلين، بعدما قام بتسمية 8 من أصل 19 حقيبة وزارية لسياسيين محسوبين على التيار المحافظ.
وضمّت قائمة المرشحين لتولي حقائب حكومته التي أرسلها الرئيس الإيراني إلى البرلمان للتصويت على منحها الثقة الأسبوع المقبل، الدبلوماسي المخضرم عباس عراقجي لوزارة الخارجية، في خطوة متوقعة، وأبقى وزير الاستخبارات إسماعيل خطيب، وأسند حقيبة الدفاع لنائب رئيس الأركان الجنرال عزيز نصير زاده.
وكما شملت التشكيلة أيضاً فرزانه صادق، المرشحة لوزارة الطرق والتنمية الحضرية، وستكون ثاني وزيرة بعد ثورة 1979، إذا حصلت على ثقة البرلمان. لكن بزشكيان واجه انتقادات لتراجعه عن ترشيح وزير من السنة في اللحظات الأخيرة.
وانتقدت رئيسة جبهة الإصلاحات، آذر منصوري، “الإجراءات غير السليمة في استبعاد الكفاءات”، مبدية تحفظاً ضمنياً إزاء التشكيلة المعلنة.
وأوضحت في منشور على صحفتها بمنصة “إكس”: “كنا قلنا في رسالة جبهة الإصلاحات إلى الرئيس: في المرحلة الأولى من تشكيل الحكومة، لا تدع التعيينات الخاصة والإجراءات غير السليمة تؤدي إلى استبعاد الكفاءات وإحباط الناس من اختيارهم، خاصة أولئك الذين كانوا مترددين في التصويت لك حتى يوم الاقتراع”.
فيما النائبة الإصلاحية السابقة بروانة سلحشوري قالت إن “بزشكيان رسب في أول امتحان له، باستثناء حالات نادرة”. وأضافت بحسب ما نشرته وكالة “إيلنا” الإصلاحية: “الحكومة التي تشكلت ليس أساسها الكفاءة والتخصص واستشارة الفرق واللجنة الاستراتيجية، بل على أساس المحاصصة والتدخلات الصريحة من قبل هذا وذاك”. وحذّرت سلحشوري، بزشكيان، قائلة إن “التجربة العالمية أظهرت أن عمر مثل هذه الحكومات قصير، ولا تصل إلى نهايات جيدة”.
على خلاف الانتقادات، قال حسين مرعشي، الأمين العام لحزب “كاركزاران” (كوادر البناء)، فصيل الرئيس الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إن “الحكومة التي قدّمها بزشكيان إلى البرلمان تختلف بنسبة 50 في المائة عن الحكومة التي قدّمتها اللجنة الاستشارية برئاسة ظريف”.
وأضاف: “جزء من هذا الاختلاف يعود إلى استعلامات الأجهزة الأمنية، وهو إجراء قانوني، حيث تم رفض بعض الأفراد. كما أن السيد طبيبيان أخذ في اعتباره توجهات البرلمان في تشكيل جزء من الحكومة”، لافتاً إلى أن الحكومة التي قدمها بزشكيان هي حكومة ممكنة، بينما كانت الحكومة التي اقترحتها اللجنة كانت حكومة مثالية.
وتحت عنوان “حكومة الوعود، التي لم تحقق الآمال”، نصح المحرر السياسي في موقع “بولتون نيوز” بزشكيان بالتحدث إلى الناس، والشفافية.
وأضاف: “عندما قدّم الرئيس خلال فترة الانتخابات وعوداً كثيرة بتشكيل حكومة شابة، متنوعة وشاملة، أصبح كثيرون يأملون أن تكون الحكومة الجديدة ممثلة لكل فئات المجتمع”، ورأى أن “الوعود كانت تشير إلى تغييرات جذرية في هيكل الحكومة، وتعد بمشاركة الشباب، والنساء، وأهل السنة في قيادة الوزارات. ولكن الآن، وبعد نشر قائمة الوزراء المقترحة، يبدو أن هذه الوعود لم تتحقق، ما أثار مخاوف جدية بين أنصار الحكومة ومعارضيها على حد سواء”.