استنفرت مليشيا الحوثي كافة طاقتها في المناطق التي تسيطر عليها للاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، وهي المناسبة التي حولتها سلطة الجماعة الى وسيلة لتحقيق أهداف، اقتصادية، أمنية، سياسية، بدلًا من كونها ذكرى دينية، حيث انطلقت الاستعدادات منذ أكثر من شهر، واختتمتها بإقامة فعاليات مركزية في صنعاء وغيرها من المحافظات مساء الأحد.
وقبل هذه الفعالية ألزمت سلطة الميليشيا على المؤسسات الحكومية والخاصة بما فيها المدارس والجامعات والبنوك وغيرها من المؤسسات الواقعة في المناطق الخاضعة لها، بالحضور مع موظفيهم إلى الساحات المخصصة للاحتفال، كما هددت المليشيا من يتخلف بعقوبات صارمة.
تهديد
من بين من تعرضوا للإجبار والتهديد بعقوبات “م.ع.أ”، مدير مرفق صحي في إب، حيث أكد لـ”المصدر أونلاين” أنه أجبر على الحضور مع موظفيه بعد تهديدهم.
وأضاف مدير المرفق الصحي أن الميليشيا أبلغته بضرورة الحضور مع طاقم المرفق الصحي كاملا وإحضار ثلاث سيارات بشكل إجباري فضلا عن اللافتات التي تحمل إسم المركز، في الوقت الذي تم تهديده بالإقالة من عمله وعقوبات أخرى، في حال رفض أو تخلف عن الحضور وإحضار بقية الموظفين، ليقوم بتنفيذ ما عليه من مهام مساء اليوم الأحد، بالرغم من عدم قناعته بالحضور، غير أن القوة التي تستخدمها المليشيا أجبرته للحضور، شأنه شأن الكثير من المدراء والمسؤولين في المرافق والمؤسسات الحكومية التي تم إلزامهم بأعداد من الحضور وأشخاص ولافتات عدة بذكرى المولد.
مدير مستشفى المنار الأهلي بمدينة إب “الشامي”، والذي سطت عليه المليشيا بذريعة الحارس القضائي، أجبر موظفي المستشفى على الحضور وترك أعمالهم بالرغم من أهمية وضرورة بقاء الكادر الطبي في المستشفى نتيجة طبيعة أعمالهم التي تقتضي التواجد وعدم الغياب، غير أن توجيهات المدير الشامي بإلزام الموظفين والكادر الطبي بالحضور لفعالية المليشيا في باحة جامعة إب، جعلت المستشفى شبه فارغا من الأطباء والموظفين، في مشهد يكشف استغلال المليشيا لكل المؤسسات للحشد بقوة السلاح، دون قناعة من يحضر لتلك الفعاليات.
جبايات وزينة
طيلة الأسابيع الفائتة أجبرت مليشيا الحوثي التجار والمؤسسات وأصحاب المحلات في صنعاء وبقية المحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرتها على دفع إتاوات مالية، وفرضت على كل تاجر ومؤسسة تعليق لوحات في الشوارع على نفقتهم الخاصة وزينة ضوئية.
وبدأت المليشيا حملتها على المحلات التجارية والمؤسسات، منذ منتصف أغسطس، وأجبرتها على تعليق زينة خضراء، رغم أن ذكرى المولد كانت لا تزال بعيدة، وعرضت من تأخر في التعليق لعقوبات تصل إلى السجن والغرامة.
وشهدت المدن الخاضعة للمليشيا عمليات تفتيش يومية على المحلات للتأكد من تعليق الزينة، مصحوبة بسيارات بمكبرات صوت تفرض على أصحاب المحلات تعليق اللافتات، كما شملت هذه الاجراءات المناطق الريفية النائية.
وظهر أحد التجار الذين ضاق بهم الحال بسبب هذه الجبايات الحوثية في فيديو متداول خلال الأيام الماضية وهو يقول: “خلاص طفح الكيل.. ماعد نشتي بيع وشراء، ما عد منها، اتقوا الله، اين نسير اين نجي”، داعيا التجار الى الإضراب والإغلاق لمدة شهر”.
ترهيب
مطلع الأسبوع الماضي، اقتحمت مليشيا الحوثي، مدرسة معاذ بن جبل بمنطقة السحول التابعة لمديرية المخادر شمال محافظة إب، واختطف طالبا، بتهمة تمزيق لافتة حوثية استخدمتها بذكرى المولد النبوي، حيث قدمت أطقم المليشيا لمدرسة “معاذ بن جبل” بقيادة القيادي “سلام زياد” وخطفت الطالب في مشهد أثار الرعب في أوساط الطلاب.
مصادر محلية قالت إن زملاء الطالب ومواطنين أكدوا أن الطالب المختطف ليس له علاقة بتمزيق اللافتة التي تعرضت للرياح والأمطار، مؤكدة أن المليشيا تريد إرهاب الطلاب والمواطنين في المنطقة نتيجة عدم تفاعل الأهالي مع فعالية المليشيا بذكرى المولد.
الى ذلك تعرض العديد من النشطاء الى الاختطاف بسبب انتقاد سلطة الحوثيين التي تقوم بفرض وصرف مبالغ كبيرة لهذا المناسبة التي تستغلها كعادتها كل عام، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها السكان، وكان من بين هؤلاء سحر الخولاني.
تعطيل الشوارع واستنفار
صباح الأحد، أغلقت المليشيا معظم الشوارع في المدن الرئيسية، ما أعاق حركة السير وأعاق المواطنين عن قضاء حوائجهم والوصول إلى أعمالهم. وأكد شهود عيان أن إغلاق الطرق شل الحركة في صنعاء وإب و وذمار وغيرها من المحافظات.
كما استنفرت الميليشيا أمنياً واستحدثت عشرات النقاط الأمنية خلال يومي السبت والأحد، في مداخل الشوارع والفرعية في المدن، شملت هذه النقاط الحارات والحارات البعيدة جداً عن ساحات الاحتفال، وفق مار ذكره سكان لـ”المصدر أونلاين”
إنفاق طائل
مساء السبت، أطلقت المليشيا الألعاب النارية بشكل كثيف في المحافظات، في مشهد يناقض معاناة المواطنين الاقتصادية المتواصلة للعام العاشر على التوالي، كان هذا ضمن ما تم الاستعراض به في ميادين ومباني المدن الرئيسية من لوحات عملاقة ولمات ضوئية.
الانفاق الحوثي الكبير على مثل هذه المناسبات، يأتي في ظل استمرار الجماعة المدعومة من إيران، قطع مرتبات موظفي الدولة بمناطق سيطرتها منذ أكتوبر 2016م.