وسط تعقيدات المشهد السياسي في المنطقة، تتسارع الأحداث بشكل يجعلنا نطرح أسئلة حول مآلات هذه التحالفات الغامضة وتداعياتها على الواقع العربي،إسرائيل، التي لم تخفِ يومًا طموحاتها التوسعية من النيل إلى الفرات، تواصل نهجها الاستراتيجي لتحقيق هذا الهدف، بينما يبدو المشهد العربي أكثر ضبابية وانشغالًا بصراعاته الداخلية،ومن خلف إسرائيل، تقف القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، في دعم هذا المشروع.
ما يثير التساؤل في هذا السياق هو الدور الذي تلعبه إيران في هذه المعادلة،هل يعقل أن هناك توافقًا غير معلن بين إسرائيل وإيران حول إعادة رسم خريطة المنطقة؟ استهداف قادة مثل حسن نصر الله، الذي طالما كان رمزًا لمقاومة إسرائيل في لبنان، قد لا يكون مجرد ضربة لحزب الله، بل خطوة ضمن خطة أوسع لتصفية كل من يقف في وجه المخطط الإسرائيلي،هل نحن كعرب ندرك أبعاد هذا الأمر؟ أم أننا لا نزال نتخبط في خلافاتنا، غير واعين لحقيقة المخاطر التي تهدد مستقبلنا.
ليس المقصود هنا الدفاع عن حسن نصر الله كشخص، فهو في النهاية جزء من تحالفات إقليمية، ولكن السؤال الأكبر: ماذا يعني استهدافه؟ هل هذا يعني أننا أمام مرحلة جديدة من تقاسم النفوذ في المنطقة بين إيران وإسرائيل واروبا؟ وهل نحن كعرب ندرك أن الخطر لا يتوقف عند شخص واحد أو تنظيم بعينه، بل يتعدى ذلك إلى استهداف وجودنا وأرضنا؟
غزة التي تشهد صراعًا مستمرًا هي أيضًا جزء من هذه الخريطة، الحصار والقصف الذي تتعرض له هو نتيجة للتخاذل العربي والصمت الدولي،ومثلما يحدث في غزة ولبنان، هناك أمثلة أخرى، والعراق خير شاهد على التقاسم الأمريكي-الإسرائيلي-الإيراني الذي دفع ثمنه الشعب العراقي،هذا التقاسم لا يستهدف إلا شيئًا واحدًا: إضعاف العرب وتفتيت قواهم.
ومع ذلك، يبقى السؤال: لماذا تواصل الولايات المتحدة دعمها المطلق لإسرائيل بينما لا تقدم ذات الدعم لأي دولة عربية؟ الجواب يكمن في أن إسرائيل هي الحليف الذي يخدم الأجندة الأمريكية في المنطقة، بينما يتم توريط العرب في صراعات داخلية لا تنتهي،هذه الصراعات تُضعف العرب من قدرتهم على مواجهة المخططات الكبرى التي تُرسم على حسابهم.
المسألة لم تعد مجرد خلافات سياسية بين الأطراف المتصارعة، بل هي جزء من مشروع أوسع يستهدف العرب،وما لم يتحرك العرب لتدارك هذا الخطر، فإنهم سيصبحون جزءًا من هذا المخطط،استهداف قادة المقاومة، سواء كانوا محبوبين أو مثيرين للجدل، هو إشارة واضحة لما سيحدث في المستقبل،إذا استمر العرب في تجاهل هذا الواقع، فإننا سنرى مزيدًا من التنازلات التي تضعف موقفهم وتزيد من تغلغل الأطراف الأجنبية في شؤونهم.
في النهاية، ليس الأمر دفاعًا عن شخصيات بعينها بقدر ما هو دعوة للعرب للتفكير بواقعية حول مصيرهم..
على العرب أن يدركوا أن ما يحدث اليوم هو جزء من مخطط أكبر يهدف إلى تفكيك العالم العربي وتفتيت قواه،وإن لم يدركون الخطر الذي يهددهم، فسنجد أنفسنا مستسلمين لهذه الأجندات التي لا تخدم سوى مصالح القوى الكبرى.