قال الصحفي سالم أبو اصبع اننا أمام هذا الانهيار المخيف للعملة والتدهور الاقتصادي المريع وتردي حال المواطن، لا نعرف لمن نوجه الشكوى واللوم. نخبٌ منبتة ومنفصلة تماماً عن الناس وعن واقعهم المزري، نخبٌ غارقة في همومها الخاصة. هل هناك من يلفت انتباه حكومة الفهلوة إلى الحضيض الذي وصل إليه الناس؟ هل هناك من يشير للمجلس السباعي الرئاسي ويفهمه دوره؟ وهل هناك أدنى شعور بالخجل عند الأحزاب والنخب السياسية والثقافية في هذا البلد؟
البلد الذاهب إلى الهاوية من يستلقفه اليوم وقد صار الفساد وانعدام الكفاءة والنزاهة وجهة نظر في هذا البلد الذي يتهاوى في دوامة لانهائية من الفساد والفشل وانعدام النزاهة؟!
لا أحد يسأل عن المواطنين البسطاء ولا عن عائلاتهم التي أصبحت تتكئ على جدار يوشك أن ينهار. الكل منشغل في حجز كرسيه ولو على حساب وطنٍ متهالك، ويمضي عابراً كأنما هذا الانهيار شأنٌ عابر، وكأنّ هؤلاء الجياع الذين يعيشون تحت وطأة الحاجة هم من عالمٍ آخر لا يخصهم.
لم يعد الحديث عن انعدام الكفاءة واستشراء الفساد في المؤسسات هو المشكلة الوحيدة؛ أصبح الأمر يتعدى ذلك إلى خيانة مبادئ أساسية، وتحويل النزاهة إلى مجرد كلمة تُقال دون وزن أو أثر. يتبادل المسؤولون ترف إلقاء مسؤولياتهم على بعضهم البعض في فهلوة سمجة عاجزة تماماً عن وضع حد لانهيار العملة ولحل مشكلة الكهرباء والماء والغذاء والدواء، ويستمر الشعب في الانتظار؛ انتظار قرارات تخرجه من مستنقع الفقر، في حين أن المسؤولين يرون بقاءهم في مناصبهم هو الهدف الأسمى.
المجلس السباعي، الرئاسة، الحكومة، البرلمان، أعضاء هيئة التشاور، الأحزاب، كلٌ منهم يجلس في مقعده ينظر بعيداً، وكأنهم في حالة شلل تام لا يسمعون فيها أنين هذا الشعب ولا يرون صرخاته الصامتة. أين دور هؤلاء في تحسين حياة الناس؟ كيف أصبحت الدولة حكراً على نخبة منقطعة تماماً عن كل معاناة؟
إلى كل النخب الغارقة في أوهامها وفي بياناتها المكررة وتصريحاتها المتكلفة، هل تدركون أن المواطن البسيط لم يعد ينتظر منكم أي وعود؟ بل لم يعد يعوّل عليكم أصلاً! لأنكم ببساطة فقدتم بوصلتكم، وتخليتم عن رسالتكم الأولى والأخيرة، وهي الوقوف بجانب هذا الشعب الصامد.
إن البلد في وضع خطير، يكاد ينزلق إلى نقطة اللاعودة، حيث أصبح المواطن الذي يلهث خلف لقمة عيشه هو من يدفع الثمن دائماً، فيما يتنقل الفهلويوّن والمتسلقون والنشالون والأرزقية (المسؤولون) بين مكاتبهم الوثيرة، يديرون أزماتهم الخاصة في رفاهية وسط أزمة ضمير منقطعة النظير.