الصدارة سكاي: متابعات
اتفقت إيران والسعودية الجمعة على استئناف العلاقات بعد قطيعة دبلوماسية استمرت سبع سنوات، لكن لا يُعرف إن كان الاتفاق الذي تم بوساطة صينية قد نص على حل القضايا الخلافية بشكل واضح، أم أن الهدف كان التوصل إلى تهدئة مرحلية بانتظار حسم عناصر الخلاف بين البلدين من خلال الحوار المباشر.
يأتي هذا في الوقت الذي يقول فيه متابعون لمسار الحوار السعودي – الإيراني إن اتفاقا لا يضع بنودا واضحة للحد من نشاط أذرع إيران في منطقة الشرق الأوسط سيكون محكوما بالفشل.
ويقول المتابعون إن أول اختبار لهذا الاتفاق هو الملف الحوثي (انظر تقريرنا “التهدئة بين الرياض وطهران تساعد على هدنة في اليمن وليس حلا نهائيا” في الصفحة) لكن الموقف أوسع بحكم تشابك وضع الميليشيات في أكثر من بلد وهو السبب في تعثر وساطة العراقيين خلال السنتين الماضيتين.
الملف الحوثي أول اختبار لهذا الاتفاق لكن الموقف أوسع بحكم تشابك وضع الميليشيات ما سبب تعثر وساطة العراقيين
ويعرف السعوديون أن إيران تتقن المناورة بالإعلان عن رغبتها في الحوار بشكل مستمر، لكنها في نفس الوقت تواصل خططها لاستهداف أمن المنطقة، ما يجعل الاتفاق الجديد محاطا بالشكوك، خاصة أن الخطر الإيراني لا يقف عند استهداف الحوثيين في اليمن لتهديد أمن المملكة، لكنه يطال أمن المنطقة ككل بما فيها السعودية من خلال استهداف البحرين والسيطرة على العراق وسوريا ولبنان، وهي مناطق حيوية لأمن السعودية ومصالحها في المنطقة.
ويحذر مراقبون للشأن الخليجي من أن التهدئة الدبلوماسية والإعلامية مع السعودية ستوفر لإيران الوقت الكافي للاستمرار في دعم ميليشياتها في المنطقة وتسليحها بشكل يجعل خطرها أكبر في المستقبل، خاصة أن الوساطة الصينية لم تتحدث عن الضمانات التي قدمتها إيران لإنجاح الاتفاق الجديد، في حين يرجّح البعض أن يكون الهدف من هذه الوساطة هو عودة السفراء وتبادل الزيارات بين البلدين ليس أكثر.
وذكر بيان صادر عن إيران والسعودية والصين، بعد محادثات غير معلنة استمرت أربعة أيام، أن طهران والرياض اتفقتا “على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران”. وأضاف “الاتفاق يتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
وتجنبت هذه الصياغة الفضفاضة تحديد المسؤوليات بشكل مباشر والإشارة إلى إيران كونها الجهة التي تُتّهم بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول مثلما يجري في البحرين والعراق ولبنان، وهي التي لا تحترم سيادة الدول من خلال إيعازها لأذرعها في اليمن لاستهداف منشآت نفط في السعودية.
ولا شك أن اتفاقا لا يقدم ضمانات واضحة للسعودية بشأن أنشطة إيران ضد المملكة وأمنها الإقليمي لن يستمر طويلا مهما كانت الجهة الوسيطة، خاصة أن وساطة الصين يتم التعامل معها على أنها نصر لإيران أكثر منها اتفاقا يحدد التزامات واضحة.
وضغطت السعودية وحلفاؤها الإقليميون لفترة طويلة على القوى العالمية لمعالجة مخاوفهم بشأن برامج إيران للصواريخ والطائرات المسيّرة في إطار مساعيها لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع طهران.
وقالت سينزيا بيانكو الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن الرياض كانت تسعى للحصول على ضمانات أمنية من الإيرانيين، وهو ما قد يكون توفر من خلال إعادة تفعيل الاتفاقية الأمنية لعام 2001.
وأضافت أن إيران ربما استجابت أيضا بشكل إيجابي لدعوات الرياض لها “لدفع الحوثيين لتوقيع اتفاقية سلام مع السعودية تحرر السعوديين من حرب اليمن التي صارت خاسرة بالنسبة إليهم”. وتابعت “إذا تمت تسوية هاتين المسألتين فأنا على ثقة في الاتفاق ومشاعري إيجابية تجاهه”.
ولم تخف الولايات المتحدة شكها في نجاح هذا الاتفاق واحترام طهران للالتزامات التي يضعها عليها الاتفاق الجديد.
وأوضح الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي “نحن نرحب” بالاتفاق الدبلوماسي مضيفا أنه ينبغي رؤية “ما إذا كانت إيران ستفي بالتزاماتها”. وتابع “سوف نرى (…) ما إذا كان الإيرانيون سيحترمون جانبهم من الاتفاق. فهذا ليس نظاما يحترم كلمته عادة”.
ووقع الاتفاق علي شمخاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ومساعد بن محمد العيبان مستشار الأمن الوطني السعودي، واتفق خلاله البلدان على تفعيل اتفاقية للتعاون الأمني تعود إلى عام 2001، بالإضافة إلى اتفاقية أخرى سابقة للتجارة والاقتصاد والاستثمار.
ووصف وانغ يي كبير الدبلوماسيين الصينيين الاتفاق بأنه انتصار للحوار والسلام، مضيفا أن بكين ستواصل لعب دور بنّاء في تسوية القضايا العالمية الصعبة.
وقطعت السعودية العلاقات مع إيران في 2016 بعد اقتحام سفارتها في طهران أثناء خلاف بين البلدين بشأن إعدام الرياض رجل دين شيعيا.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مساء الجمعة إن إبرام بلاده اتفاقية لاستئناف العلاقات مع إيران “تفضيل للحل السياسي والحوار”. وأضاف وزير الخارجية السعودي في تغريدة له على تويتر “يجمع دول المنطقة مصير واحد، وقواسم مشتركة تجعل من الضرورة أن نتشارك سويا لبناء أنموذج للازدهار والاستقرار لتنعم به شعوبنا”.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن تطبيع العلاقات يوفر آفاقا كبيرة لكلا البلدين وللشرق الأوسط، مشيرا إلى إمكانية اتخاذ خطوات أخرى.
وكتب أمير عبداللهيان على تويتر “السياسة مع دول الجوار، كونها المحور الرئيسي للسياسة الخارجية للحكومة الإيرانية، تتحرك بقوة في الاتجاه الصحيح والجهاز الدبلوماسي يعمل بنشاط للتحضير للمزيد من الخطوات على الصعيد الإقليمي”.
وعبر أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات عن ترحيبه باتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية.
وكتب على تويتر “الإمارات مؤمنة بأهمية التواصل الإيجابي والحوار بين دول المنطقة نحو ترسيخ مفاهيم حسن الجوار والانطلاق من أرضية مشتركة لبناء مستقبل أكثر استقرارا للجميع”.
11 مارس 2023
المصدر :المركز العربي للأنباء| العرب