فضل مانع الصولاني، واحد من أولئك الذين لا تنصفهم الكلمات مهما حاولنا أن نصف شجاعتهم وصمودهم،هذا الرجل الذي عايش تفاصيل النضال الجنوبي منذ انطلاق الحراك في العام 2007، لم يكن مجرد شاهد على الأحداث، بل كان جزءاً من ملاحمها، مقاوماً صلباً حمل السلاح وواجه مليشيا الحوثي في أصعب الظروف، ودفع أغلى الأثمان من جسده في سبيل الدفاع عن الأرض والكرامة.
في معركة تحرير الضالع، عندما كانت المدينة تعيش تحت وطأة الحوثيين، شهد فضل لحظة لن تُمحى من ذاكرته وذاكرة كل من كان هناك،كان الشهيد القائد عمر ناجي الهدياني يقود معركة اقتحام موقع الخزان المطل على معسكر الجرباء وأجزاء من مدينة الضالع،قبل بدء الهجوم، قال الهدياني للمقاومين الذين كانوا يستعدون للتقدم: “إذا رأيتموني أسقط أرضاً جريحاً أو شهيداً، مروا فوقي وواصلوا القتال حتى تحرير مدينة الضالع.” كلمات خرجت من قلب قائد يعرف معنى التضحية، وكانت بمثابة عهدٍ قطعه المقاومون على أنفسهم، ومن بينهم فضل، الذي لم يكن مجرد مقاتل في تلك اللحظة، بل شاهد على إحدى أنبل المواقف في تاريخ المقاومة الجنوبية.
لاحقاً، وفي معركة الدفاع عن عدن في العام 2015، أصيب فضل إصابة بليغة عندما انفجر به لغم أرضي أثناء مروره في طريق العريش،تلك الحادثة كانت فاصلة في حياته، حيث بُترت إحدى قدميه وأصيب بجروح متفرقة في جسده،لكنها لم تكن نهاية القصة، بل بداية لحكاية صمود لا مثيل لها.
يتذكر الصحفي بشير الهدياني، الذي أصيب قبل فضل بيوم، تلك اللحظة التي رآه فيها لأول مرة،كان فضل جالساً على عربة ذات عجلات يدفعها شخص آخر، مبتور القدم، لكنه يتحدث بروح معنوية عالية وكأنه لم يخرج للتو من غرفة العمليات. كان يمزح مع الجرحى ويحثهم على التحلي بالصبر والقوة، غير مبالٍ بجراحه وآلامه. تلك اللحظة، كما يرويها بشير، كانت درساً للجميع في كيف يكون الإنسان قوياً حتى وهو في أشد حالات ضعفه.
فضل مانع لم يكن يوماً مجرد جريح، بل نموذجاً حيّاً للإرادة التي لا تنكسر. رغم إصابته، لم يتخلَ عن موقعه في المقاومة، ولا يزال حتى اليوم يقاتل على جبهات الضالع، يلقّن الحوثيين دروساً في الشجاعة والتضحية،رجلٌ كهذا لا يحتاج إلى كلمات تمدحه، لأن أفعاله وحدها تتحدث عنه وتخلد اسمه في ذاكرة كل من يعرفه.
مثل فضل، نعرف أن الجنوب مليء برجال صنعوا الفارق وأثبتوا أن الوطن يُبنى بالتضحيات،هو ليس مجرد اسمٍ في قائمة الجرحى، بل قصة ملهمة تُذكرنا دائماً أن الإرادة هي السلاح الأقوى، وأن من يضحي من أجل الأرض والكرامة لا يموت أبداً.