قال تحليل نشرته “مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي” إن “المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ورغم معارضتهما الطويلة للانتفاضات الشعبية وتغيير الأنظمة غيّرتا نهجهما في سوريا، حيث بدأتا، إلى جانب قطر، في احتضان القيادة الجديدة والواقع السياسي المستجد في البلاد.”
وأضاف التحليل أن “الأحداث الأخيرة في سوريا دفعت الرياض وأبوظبي إلى إعادة النظر في استراتيجيتهما. فقد بدأتا في احتضان الحكومة التي تقودها هيئة تحرير الشام، وهو تحول جذري عن مواقفهما السابقة.”
معتبراً أن “ذلك يتجلى في دعوة المملكة العربية السعودية لعقد اجتماع إقليمي حول سوريا، وزيارة وزير الخارجية السوري الجديد إلى الرياض وأبوظبي، فضلًا عن تصريحات سعودية وإماراتية مشجعة تجاه سوريا الجديدة.”
وأشار التحليل إلى أن تغيّر الموقف السعودي والإماراتي كان لعدة أسباب أبرزها:
1- إضعاف النفوذ الإيراني، حيث ترى الرياض وأبوظبي أن سقوط الأسد يمثل فرصة استراتيجية لتقويض النفوذ الإيراني في بلاد الشام. وقد أكدت الحكومة الجديدة في دمشق هذا التوجه بحظر دخول الإيرانيين إلى سوريا وتعزيز علاقاتها مع تركيا ودول الخليج.
2- تفادي أخطاء الماضي، حيث تعلمت السعودية والإمارات من أخطائهما في العراق واليمن، فقد أدى غيابهما عن المشهد في البداية إلى تعزيز نفوذ إيران. وهما الآن تتدخلان مبكرًا في سوريا لمنع تكرار السيناريو نفسه.
3- التحولات الجيوسياسية بعد حرب غزة، حيث أدى تراجع النفوذ الإيراني، مقابل تعزيز الدور الإسرائيلي، إلى إعادة رسم خريطة القوى في المنطقة، مما دفع الرياض وأبوظبي إلى التكيف مع الواقع الجديد في سوريا.
ولفت التحليل إلى أن “المعادلات في سوريا تغيرت، ومعها تغيّرت حسابات القوى الإقليمية، ليشهد الخليج تحولًا استراتيجيًا في تعاطيه مع “سوريا الجديدة”.
وخلُص التحليل إلى أن “دول الخليج لم تعد تتمسك بمواقفها السابقة تجاه تغيير الأنظمة، بل أصبحت أكثر براغماتية في تعاملها مع الوقائع على الأرض. فبعد سنوات من دعم المعارضة ثم إعادة التطبيع مع الأسد، ها هي اليوم تحتضن (سوريا الجديدة) كأمر واقع.”