كشفت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير موسّع للصحفية فرناز فصيحي، أن القيادة الإيرانية العليا ارتكبت خطأ استراتيجيًا فادحًا عندما لم تتوقع أن تبدأ إسرائيل هجومها قبل الجولة الجديدة من المفاوضات النووية المقررة يوم الأحد في سلطنة عمان. هذا التقدير الخاطئ – الذي وصفه التقرير بأنه “شعور زائف بالأمان” – دفع إيران إلى تجاهل تدابير احترازية كانت مقررة مسبقًا، وترك قادتها عرضة للضربة.
وبحسب مقابلات أجرتها الصحيفة مع ستة مسؤولين إيرانيين رفيعين وعضوين من الحرس الثوري – اشترطوا جميعًا عدم كشف هوياتهم – فإن الضربة الإسرائيلية التي نُفّذت فجر الجمعة واستهدفت 15 موقعًا في مختلف أنحاء البلاد، شلّت قدرات الدفاع الجوي، وأعاقت منظومة الصواريخ الباليستية، وأسفرت عن مقتل قيادات عليا، بينها اللواء أمير علي حاجي زاده وطاقمه.
أوضحت الصحيفة أن إسرائيل استهدفت منشآت في مدن من بينها أصفهان، تبريز، قم، أراك، شيراز، كرمانشاه، وهمدان، وأورمية، إضافة إلى تدمير كبير في الجزء العلوي من منشأة تخصيب نطنز النووية. وساد الذهول صفوف المسؤولين، حيث تبادل بعضهم رسائل نصية غاضبة تساءلت: “أين دفاعاتنا الجوية؟ وكيف دخلت إسرائيل وضربت كل ما أرادت؟”.
وفي خضم الضربة، عقد المرشد الأعلى علي خامنئي اجتماعًا طارئًا لمجلس الأمن القومي الإيراني، عبّر فيه عن رغبته بالانتقام، لكنه طالب بعدم التسرع. ووفقًا لمصادر الصحيفة، انقسمت آراء القادة الإيرانيين بين ضرورة الرد السريع والقلق من الدخول في حرب طويلة قد تجر الولايات المتحدة، خصوصًا في ظل تضرر بنى الدفاع الأساسية.
أحد أعضاء الحرس الثوري وصف الموقف بأنه لحظة حاسمة في قيادة خامنئي التي امتدت قرابة أربعة عقود، قائلًا: “هو بين خيارين أحلاهما مر: إما التصعيد والمخاطرة بانهيار النظام، أو التراجع وقبول هزيمة علنية”.
وبالرغم من أن الخطة الإيرانية الأصلية كانت إطلاق 1000 صاروخ باليستي لإغراق الدفاعات الإسرائيلية، فإن الضربات الجوية الإسرائيلية سببت دمارًا واسعًا في القواعد الصاروخية، مما أجبر طهران على تقليص ردها إلى نحو 100 صاروخ فقط، أسفرت عن سقوط قتيل وعشرات الجرحى في تل أبيب.
واختتمت نيويورك تايمز تحليلها بالإشارة إلى أن الضربة الإسرائيلية تمثل نقلة نوعية في طبيعة الحرب “الخفية” بين البلدين، وتُبرز مدى الاختراق الإسرائيلي للأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية، ما دفع خامنئي للإقرار بأن إسرائيل “أعلنت الحرب”، مع تعهد بردّ قاسٍ لم تتضح ملامحه الكاملة بعد.