أصبحت عملية النصب الأوقح في التاريخ التي حدثت أمس وأمس الأول حديث الناس في العاصمة عدن، تطلع باص تسمع كل الركاب يتحدثون عنها، تروح مجلس قات لا حديث غير حديث عملية النصب هذه وأنت في السوق أو في مكان العمل، لا حديث يعلو على حديث هذه المهزلة.
قبل قليل مررت بالقرب من سوق القات في خور مكسر ورأيت الكثيرين يتجمعون أمام إحدى الصرافات فيما يشبه الوقفة الاحتجاجية مطالبين بإعادة أموالهم التي يقولون أن شركات الصرافة سرقتها منهم في تلك المضاربة الوقحة.
صباح اليوم أقسم لي أحد الأخوة بقلب يملؤه القهر والأسى، أنه استدان قبل يومين من صديقه مبلغ ٢٠٠٠ ريال سعودي ليغطي به تكاليف علاج وجرع والده المصاب بالسرطان، وحينما بدأت المهزلة تلك، هرول إلى الصرافة ووجد نفسه أمام طابور طويل، وصرف المبلغ بسعر صرف 270.
يتحدث الرجل بلغة القهر أنه خسر من هذا المبلغ الذي استدانه ما يقارب 310 ألف ريال يمني دون أن يشتري لوالده حبة دواء واحدة، ويضيف أنه ما كان ليتسرع في الصرف لولا أنه شاهد منشورات من أناس يثق بمصادرهم، “طابرت وزاحمت وداحشت عشان أخسر 320 ألف” ختم الرجل كلامه معي مصحوبًا بقهقهة ساخرة.
ما حدث مهزلة ومسخرة، وجريـ.ـمة مكتملة الأركان، دفع ثمنها في الغالب أناس عاديون، وليسو مضاربين ولا أرباب أموال، وبرأيي أن البنك المركزي يتحمل جزء مما حصل من عبث، أما الصرافات فقد مارست النصب والاحتيال القذر ويجب أن تعوض الضحايا فيكفيهم عشر سنوات من العبث.
بعض الصحفيين المؤثرين على السوشيال ميديا أيضًا لعبوا دورًا في هذه المهزلة وإن بحسن نية، وإن كان رأس مال الصحفي هي المعلومة، فإن ثروته هي المصداقية، ولا يشفع لهم القول بأن الكلام من قبلهم كان موجه للصرافين والمضاربين أو غيره، فهؤلاء لهم مصادرهم التي يتفوقون بها على مصادر هؤلاء الصحفيين، فالضحـ.ـايا هم بسطاء على الغالب (مغتربين عساكر وأصحاب حاجة وقليل من التجار والمضاربين المبتدئين).
في الختام هل وقعت انا ضحية لهذه المهزلة، يعلم الله أني ما كتبت هذا الكلام لسبب خاص ولم أقع ضحية هذه المهزلة، وحدث أني صرفت بالصدفة 500 سعودي قبل بدء هذه المهزلة بساعات وبسعر الصرف المعتمد من البنك، أقول هذا الكلام حتى لا يظن البعض أن المسألة شخصية.