في خضم التحولات المصيرية التي يمر بها الجنوب، وبينما تتصاعد الأصوات هنا وهناك ممن يطرحون أنفسهم كبديل للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإن الحقيقة الثابتة تفرض نفسها بقوة لا يمكن تجاهلها. فهذه الرسالة موجهة إلى أولئك الذين يريدون تشكيل مكون بديل، عليهم أن يفهموا الحقائق التالية التي تشكل جوهر المشروع الجنوبي وضرورة الوحدة في هذه المرحلة الدقيقة.
التمثيل الحقيقي والتفويض الشعبي
أين هو الشعب الذي فوضكم لتمثيله؟ إن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يصل إلى موقعه هذا من فراغ، بل جاء نتيجة إرادة شعبية جارفة تجسدت في المليونيات الشعبية التي خرجت لتؤيده وتفوضه تمثيل تطلعاتها. ففي 21 مايو 2017، خرج عشرات الآلاف من الجنوبيين في مليونية تاريخية أعطت الشرعية والتفويض للمجلس الانتقالي الجنوبي ليكون الممثل الشرعي والوحيد للجنوب. فالمشاريع البديلة تفتقر إلى هذه الشرعية الشعبية التي لا يمكن تعويضها بأي ادعاءات فردية أو أجندات خارجية.
القوة الداعمة والحماية
أين هو الجيش الذي سيحمي مشروعكم؟ إن أي مشروع سياسي لا بد أن يكون له سند يحميه ويحمي مكتسباته. فالمجلس الانتقالي الجنوبي يتمتع بدعم القوات المسلحة الجنوبية التي تشكل درعاً واقياً للمشروع الجنوبي، وهو ما تفتقره المشاريع البديلة التي تفتقد إلى القوة العسكرية المنظمة التي تستطيع حماية مكتسبات النضال الطويل. فبدون هذه القوة الحامية، تبقى المشاريع البديلة مجرد حبر على ورق، عاجزة عن مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجه الجنوب.
الأرض والجغرافيا
أين هو الميدان الذي تمارسون فيه نشاطكم؟ إن الحضور على الأرض هو الفيصل بين المشاريع الواقعية والأوهام. فكيف يمكن لمشروع بديل أن يكون فاعلاً وهو في أرض الشتات، بينما المجلس الانتقالي متجذر في الجغرافيا الجنوبية، ويمتلك حضوراً ميدانياً حقيقياً؟ فالمشاريع التي تدار من خارج الأرض تفتقد إلى الشرطين الأساسيين: المعرفة الدقيقة بالواقع، والقدرة على التأثير المباشر في المجريات اليومية.
الرؤية الاقتصادية
كيف تقدمون رؤية اقتصادية واقعية؟ يتباهى بعضهم بقدرته على تقديم رؤى اقتصادية بديلة، ولكن الحقيقة أن الواقع الاقتصادي سيصدم كل ما يقولون به. فالمجلس الانتقالي يمتلك هياكل مؤسسية قادرة على ترجمة الرؤى إلى واقع، من خلال مركز دعم صنع القرار الذي يضم نخبة من الخبراء والأكاديميين المتخصصين في شتى المجالات، مما يضمن وضع الخطط على أسس علمية ومنهجية واقعية. فادعاءات البدائل تفتقر إلى هذه البنية التحتية الفكرية والمؤسسية، مما يجوعها في معزل عن واقع التعقيدات الاقتصادية التي يحتاجها الجنوب.
أخلاقيات الحوار والخطاب
لماذا تقوم مشاريعكم البديلة على اللغة المسيئة؟ إن اللغة التي تستخدمها هذه المشاريع البديلة لا تعتمد على الحجج الموضوعية أو النقد البناء، بل تقوم على الأساءة الشخصية والتشويه وسب الرئيس عيدروس الزبيدي. فبدلاً من تقديم برامج بديلة وحلول عملية، يلجأ أصحاب هذه المشاريع إلى تمزيق الصف الجنوبي وتفتيت النسيج الاجتماعي عبر خطاب تحريضي يهدف إلى إثارة الفتنة وخلق الانقسامات. إن الرئيس عيدروس الزبيدي، الذي يقف كصوت الجنوب الصادق في المحافل الدولية، يمثل رمزاً للوحدة الجنوبية، والهجوم عليه هو هجوم على فكرة الوحدة ذاتها.
الخلفية والأجندة
ما هو الهدف الحقيقي من وراء هذه المشاريع؟ وراء هذه الدعوات للبديل لا يوجد سوى الرغبة في تمزيق الصف الجنوبي وتفتيت النسيج الاجتماعي، خدمة لأجندات خارجية أو مصالح ضيقة. فالأعداء الذين فشلوا في القضاء على المجلس الانتقالي عسكرياً يحاولون الآن النيل منه عبر حرب الخدمات وإثارة الشعب ضد ممثله الشرعي. وهذه المشاريع البديلة ليست سوى امتداد لهذه الحرب الخبيثة، تهدف إلى إضعاف الجنوب وإعادته إلى زمن الفوضى والاحتلال الذي كان سائداً قبل قيام المجلس الانتقالي.
الخاتمة
في الختام، فإن الدعوات للمشاريع البديلة هي ضرب من الوهم والانتحار السياسي. فالمجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة عيدروس الزبيدي، لم يصبح رقماً صعباً في معادلة السلام ومحاوراً دولياً معترفاً به من فراغ، بل جاء نتيجة نضال طويل وتضحيات جسام. إن الوحدة حول هذا الممثل الشرعي هي الضمانة الحقيقية لتحقيق الاستقلال والكرامة، وبدونها لن يكون هناك سوى الفوضى والضياع. فإلى الذين يتبنون مشروعاً بديلاً، اعلموا أن الشعب قد اختار، والجيش يحمي، والأرض تحتضن، والرؤية تتجسد، واللغة تحترم، والهدف واضح. فإما أن تكونوا مع هذا المشروع الجامع، أو تكونوا ضد إرادة شعب بأكمله.