في بلاد الأحمدي بمديرية الأزارق، يسطّر أبناء قرى الحقل وجبل عواس أروع صور العزيمة والإصرار والتكاتف المجتمعي، ليبرهنوا أن الإرادة الصادقة المستمدة من إرادة الله تعالى قادرة على تحقيق الطموح حتى في أقسى الظروف. فهؤلاء الرجال، الذين عُرفوا بالشهامة والوفاء والتضحية، لم تثنِهم صعوبة الحياة ولا قسوة التضاريس عن خدمة قراهم الجبلية ذات الطرق الوعرة، بل حولوا التحدي إلى إنجاز، والعزلة إلى طريق مفتوح نحو الأمل. وبجهود ذاتية خالصة وتعاون مجتمعي واسع، يمضي العمل بخطى ثابتة في مشروع طريق الحقل– جبل بن عواس، الطريق الذي سيخدم عشرات الآلاف من سكان القرى الجبلية ويربطها بعاصمة المديرية بعد سنوات طويلة من المعاناة مع الطرق القديمة الوعرة والمنقطعة. إنه الحلم الذي ظل يراود الآباء والأجداد لسنوات طويلة، وها هو اليوم ملامحة بدأت تتحقق بجهود الأبناء والأحفاد الذين آمنوا بأن خدمة الأرض والناس واجب ديني ووطني وإنساني. انطلقت المبادرة من اللجنة المجتمعية وأهالي القريتين، بإشراف مباشر من الشيخ أحمد محمود، ومشاركة فاعلة من مختلف فئات المجتمع. وقد تحولت خيمة “مكلّس” التي نصبتها اللجنة المجتمعية في احد المنحدرات الجبلية إلى مركز لإدارة المشروع، ونموذج ملهم للعمل التطوعي المنظّم، حيث يتابع الأهالي مراحل الإنجاز ليل ونهار، ويشقون المنعطفات بأيديهم رغم شحّ الإمكانات وغياب الدعم الرسمي حتى اليوم. إن هذا الطريق ليس مجرد شق جبلي، بل شريان حياة جديد يعيد الروح لتلك القرى، ويفتح آفاق التنمية والخدمات أمام أهلها. ومن هنا، نوجه نداءنا إلى الجهات الرسمية في محافظة الضالع ووزارة الأشغال العامة والطرق، وإلى المنظمات الداعمة ورجال الخير من أصحاب الأيادي البيضاء، بأن يساندوا هذا الجهد الشعبي المبارك لاستكمال المشروع، لما له من أثر تنموي وإنساني عظيم يعكس روح التكافل الاجتماعي الأصيل بين ابناء المجتمع الجنوبي.