هلّا علينا العام الميلادي الجديد 2019م والناس في أرجاء المعموره تستبشر خيراً وتأمل ان يكون افضل من العام الذي سبقه وان يعم السلام والوئام في كل مكان في العالم ،لكن هذا الامل يصطدم بواقع يبشر بغير ذلك ،فالأزمات لم تعد تقتصر على تلك الدول الحديثة العهد او الدول الفقيرة والدول النامية،بل اصبحت تطال دول كبرى عريقة لها دورها المحوري في رسم السياسات الدولية،فهناك ازمه كبرى في فرنسا ،وهذه الازمة ليست وليدة الاسابيع او الاشهر الماضية ،بل هي ازمة قديمة بدأت في السنة الاخيرة لحكم الرئيس الاسبق نيكولا ساركوزي،بعد ذلك صوت الفرنسيين للاشتراكي فرانسوا اولاند آملين ان يعمل على تحسين الحياة المعيشية لكل فئات الشعب الفرنسي ويضع حد لتقلص دور الدولة وبالتالي تقلص حقوق المواطن في الصحة والتعليم والخدمات العامة
لكنه فشل فشلاً ذريعاً ،ولم يحقق اي شيئ يذكر ،فتقلص دور الدولة بشكل اكثر وارتفعت نسبة البطالة وزادت نسبة الضرائب وشهدت احياء ضواحي باريس العديد من الاحتجاجات ،مع مظاهرات واضطرابات عمالية لقطاعات متعددة ،فتم سحب الرئيس فرانسوا اولاند ومنعه من الترشح لولاية ثانية ،وتم اعداد رجل المصارف ايمانويل ماكرون وتسليط الاضواء عليه واظهاره برجل المرحلة القادمة ،بإعتباره خبير مالي ومرشح مستقل ،وهو في الحقيقه يمثل قطاع الشركات الكبرى ورئيس لكبار الاثرياء بحسب وصف متظاهري ،،السترات الصفر،، الذي كان ظهورها بمثابة رفع الغطاء عما هو مخفي من ازمات عديده مستفحله داخل المجتمع الفرنسي،ولهذا دعى الرئيس ماكرون لحوار وطني شامل ،لوضع حلول حقيقيه لهذه الازمات،فهل ينجح في ذلك؟
لا اعتقد ذلك لان الازمه اصبحت في عمق النظام وفي تركيبته وفي مجمل السياسات العامة ولن تحل بإستبدال اشخاص ،فالعلة في السياسات وليس في الاشخاص.
اليوم بدأت ازمة جديدة تعصف ببريطانيا ،وسوف يكون لها انعكاسات كبيرة على كل دول الاتحاد الاوروبي نتيجة لإرتباط الازمة بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بالاضافة لازمات داخليه عديدة داخل المملكة المتحدة وبالذات في ايرلندا الشمالية واسكوتلندا ،وانقسامات داخل المجتمع بين مؤيدي البقاء في الاتحاد الاوروبي وضرورة اعادة الاستفتاء من جديد وبين من يطالبون بالخروج من دون اتفاق بعد رفض مجلس العموم لصيغة ،،البريكست،، التي قدمتها رئيسة الحكومة تريزا ماي وبين من يطالب بتقديم صيغه اخرئ للخروج وضرورة اعادة المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي للحصول علئ شروط افضل ،وغير ذلك من الانقسامات التي تهدد بقاء المملكه المتحده بمكوناتها الحاليه،وبالتالي فان بريطانيا اصبحت امام ازمة حقيقية ومحتاجة لحوار وطني شامل للخروج من هذه الازمة.
كما ان الدوله الكبرى في العالم والمهيمنة على الاقتصاد العالمي اصبحت تعاني من انقسام حاد اصبح ظاهراً وعلنياً ،فالرئيس ترامب في اتجاه وبعض اقطاب ادارته في اتجاه اخر ،اما البنتاجون والكونجرس بمجلسيه اصبح كلاً منهما في وادي واصبحت علاقاتهما في البيت الابيض
علاقات يسودها التوتر والخصام فلازالت الميزانية معطله والادارات التابعة للحكومة الفيدرالية مغلقة وموظفيها بدون رواتب ،وهذا يحصل لاول مره في امريكا .
اما منطقتنا العربيه والشرق الاوسط بشكل عام ،فلازالت الازمات تزداد عاماً بعد عام ،ولم تحل اي ازمه من الازمات السابقة بل اضيف اليها ازمات جديدة ،وهاهو السودان يريد اللحاق بإشقائه في ليبيا واليمن وسوريا والعراق .
بالاضافه للعديد من الازمات في عدة دول امريكية واسيوية.
هل كل هذه الازمات كانت ناتجة عن سياسات داخلية خاطئةانتهجتها هذه الدول ،بما فيها الدول الكبرى؟ ،ام ان هناك ازمة عالمية كبرى؟ ثم من الذي يقف خلف هذه الازمات ومن الصانع الحقيقي لها ،هل النظام الدولي الحالي اصبح قديماً ولم يعد بإستطاعته البقاء والاستمرار إلا من خلال صناعة الازمات؟ وهل النظام الرأسمالي قد شاخ واصبح اكثر توحشاً ولم يعد مقبولاً نهائياً ،وان العالم اليوم بسبب هذه السياسات اصبح على شفير الهاوية وان هناك تشابه كبير بين الاوضاع الحالية واوضاع العالم في ثلاثينيات القرن الماضي ،وان غياب العدالة اصبحت اليوم هي السمة المميزه لكل الانظمة ،ولم يعد هناك
شيئ اسمه قانون دولي او عدالة دولية ،فغياب التوزيع العادل للسلطة والثروة هو جوهر المشكلة وهي الازمة العالمية الكبرى التي تواجه العالم بإكمله ،واذا لم يتم معالجة هذا الخلل الجوهري واعادة انتاج نخب سياسية جديدة تمثل جميع طبقات المجتمع ابتدائاً من الطبقة الاكثر فقراً ثم الطبقة الفقيرة والطبقة المتوسطةوالطبقة الغنية وصولاً لكبار الاثرياء ملاك الشركات الكبرى وإعادة دور الدولة بكل ادواتها كنتاج لتوافق هذه الطبقات تكون فيها الدولة راعية للجميع وتحافظ على حقوق الجميع ،وصولاً لانتاج نظام دولي جديد يرتكز على قانون دولي جديد تكون ابرز سماته العدل والمساواة وحقوق الانسان وبدون اي تمييز بين البشر كافه في جميع انحاء المعمورة ،كضمانة حقيقيه للاستقرار والعيش المشترك