هل اقتربت الحرب اليمنية من نهايتها وباتت الهدنة الدائمة وشيكة؟ ما صحة الانباء التي تتحدث عن ابلاغ السعودية رئيس مجلس القيادة اليمني بتفاصيل “التفاهمات” بين الرياض وحكومة صنعاء؟ وهل نشهد مؤتمر مصالحة يمني موسع في الرياض قريبا؟
إذا صحت الأنباء التي تقول بأن السلطات السعودية قررت انهاء الحرب في اليمن، وهي تبدو صحيحة في ظل تسارع التقارب السعودي الإيراني، فان هذا يعني نقطة تحول رئيسية في المنطقة، يمكن ان تنقل العلاقات بين اكبر قوتين في الجزيرة العربية (السعودية اليمن) من المواجهة الى التعاون، وإغلاق صفحة الصراع بينهما لعقود قادمة.
قناة “الميادين” المقربة من حركة “انصار الله” الحوثية، اكدت نقلا عن مصادر يمنية “ان الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع (وولي ولي العهد غير المتوج) وحامل ملف اليمن دعا السيد رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني والعديد من أعضائه (أي المجلس) الى الرياض واطلعهم على صورة التفاهمات التي جرى التوصل اليها مؤخرا مع حكومة صنعاء حول تمديد الهدنة التي دخلت عامها الثاني، وتخفيف حدة الحصار، وبعض الحلول المقترحة للازمة اليمنية”.
القيادة السعودية أدركت ان هذه الحرب التي دخلت عامها التاسع قبل أيام، واستنزفت الأطراف المشاركة فيها ماديا وبشريا، لا يمكن حسمها عسكريا، من قبل أي من المعسكرين المتورطين فيها، وأقصر الطرق لأنهائها هو الحوار، والتفاوض مع الخصم، وهذا ما حدث تحت الطاولة أولا، سواء عبر الوسطاء، او بشكل مباشر لاحقا.
القيادة السعودية، وفي ظل “انقلاب” سياسي مدروس بعناية، اتخذت خطوات استراتيجية فاجأت الجميع سواء على الساحة الإقليمية او الدولية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
أولا: فك الارتباط بشكل تدريجي مع الولايات المتحدة بعد فشلها في توفير “الحماية” لها، وسحب صواريخها من قواعدها الامريكية في اللحظة الحرجة، والمقصود هنا صواريخ “الباتريوت” و”ثاد”، والتوجه الى الشرق، أي الصين، والشمال، أي روسيا، قائدتي النظام العالمي الجديد.
ثانيا: الدخول في حوار مع الخصم الإيراني الداعم الأكبر لحركة “انصار الله” الحوثية في جولات سرية تحولت الى علنية (في بغداد ومسقط) برعاية صينية تكللت بإتفاق تاريخي جرى توقيعه في بكين بحضور الرئيس شي جين بينغ من ابرز نصوصه تبادل السفراء، ووقف التدخل في الشؤون الداخلية.
ثالثا: اختراع سعودي “ذكي” كمقدمة تمهيدية للتسوية الشاملة للحرب اليمنية يتمثل في “منظومة الهدن” المتدرجة، والمتجددة، برعاية اممية “شكلية”، فهذه الهدن نجحت في تخفيف حدة العداء، وارتخاء العضلات العسكرية، والتمتع بإغراءات وقف اطلاق النار، وحقن العداء والدماء، خاصة انها جاءت متوازية مع بعض التنازلات المهمة حياتيا للشعب اليمني مثل زيادة عدد الرحلات الجوية في مطار صنعاء، وتخفيف حدة الحصار على ميناء الحديدة، ودفع جزء كبير من الرواتب للموظفين اليمنيين.
الجانب المسكوت عنه، وما زال طي الكتمان حتى الآن، هو ملامح التسوية النهائية للازمة اليمنية التي ربما جرى التوصل اليها في الحوارات السعودية الإيرانية التي أدت الى استئناف العلاقات بين البلدين، فهناك من يتحدث عن خطوة قادمة للمصالحة اليمنية على وجه الخصوص، تتجسد في اجتماع موسع في العاصمة السعودية الرياض في غضون أسابيع او اشهر، قد يتم خلالها وضع الخطوط الرئيسية لمبادرة تقوم على الشراكة في الحكم.
من المؤكد ان هناك جهات عديدة متضررة من هذه التفاهمات السعودية مع حكومة صنعاء ستعمل على عرقلتها، وهذا أمر متوقع، لكن قطار التسوية قد انطلق بسرعة، وبات من الصعب وضع العصي في عجلاته، لان البدائل مرعبة، ومرفوضة من غالبية الشعب اليمني، ان لم يكن كله.. والله اعلم.