أصبح الاختصار CRISPR مرادفا لتحرير الحمض النووي في السنوات الأخيرة، حيث احتل مركز الصدارة في مجموعة أدوات عالم الوراثة الجزيئية كوسيلة لتحديد الشفرات الجينية ثم تقطيعها بدقة.
وفي وظيفته الأصلية كوسيلة للمناعة في البكتيريا، يبحث نظام CRISPR/Cas عن الجينات المعروفة للفيروسات الغازية ويجعلها معطلة.
واكتشف علماء من جامعة روتشستر وجامعة كورنيل في إيثاكا في الولايات المتحدة أن أداة تحرير الجينات الشهيرة تفعل أكثر في البكتيريا من مجرد اكتشاف الحمض النووي للتقطيع؛ تنسق مع البروتينات الأخرى لتجميع الدفاعات ضد الفيروسات الغازية أيضا.
ويؤدي تنشيط البروتينات على شكل قمع – المسماة Csx28 – إلى تشويش نفاذية غشاء البكتيريا، ما يجعل من الصعب غزو الحمض النووي الفيروسي لاختطاف آلية الخلية والتكاثر. والنتيجة المنشورة في مجلة Science “غير متوقعة وتثير جميع أنواع الأسئلة الجديدة”، كما يقول عالم الكيمياء الحيوية بجامعة روتشستر، مارك دومون، المتعاون في الدراسة.
ويقول دومون: “على الرغم من عدم وجود صلة طبية فورية أو تطبيق، فإن الأفكار التي تتلخص من هذا يمكن أن تكون قوية للغاية”.
وتضمنت الدراسة سلسلة من التجارب حيث أصيبت بكتيريا Escherichia coli بفيروس يصيب البكتيريا، أو العاثية، تسمى enterobacteria phage λ.
وتلتصق هذه العاثية بسطح خلية البكتيريا وتحقن الحمض النووي الخاص بها في الخلية لتكوين نسخ من نفسها
وتقاوم الإشريكية القولونية، باستخدام تقنية CRISPR لتحديد التهديد عن طريق مطابقة أقسام الحمض النووي المتكررة من العاثيات التي تمت مواجهتها سابقا، ثم استخدام إنزيم يسمى Cas13b لقص الحمض النووي الغازي إلى قطع.
ووجد الباحثون أن الفيروس يتكاثر ببطء عندما كان Csx28 موجودا داخل البكتيريا.
ويعمل هذا البروتين فقط مع Cas13b، ما يشير إلى أن الاثنين كانا ينسقان مع بعضها البعض لنزع سلاح الفيروس.
وعندما كان كل من Cas13b وCsx28 موجودين، انخفضت نسبة البكتيريا المصابة التي أطلقت جزيئات فيروسية معدية من حوالي 19% إلى ما يقرب من 3%، وكان هناك انخفاض كبير في أعداد العاثيات لكل مليلتر. وبعبارة أخرى، لم يكن الفيروس قادرا على التكاثر بالقدر المعتاد.
وقام الباحثون بفحص بنية بروتين Csx28 باستخدام تقنية تسمى المجهر الإلكتروني المبرد ووجدوا أنه يشبه قمعا به ثقب في المركز.
وزاد هذا من احتمال أن يكون البروتين قد شكل مساما غشائيا وأدى إلى تعطيل عملية التمثيل الغذائي للخلية لجعلها بيئة غير مواتية للفيروس.
واختبر الباحثون هذه الفرضية باستخدام تقنية تجعل الخلايا تتألق بعد أن تفقد إمكاناتها الغشائية، وهي شحنة كهربائية صغيرة ناتجة عن الاختلاف في تركيز الأيونات داخل الخلية وخارجها.
ووجدوا أن البروتينين معا تسببا في إزالة الاستقطاب في الغشاء، ما أدى إلى اندفاع الذرات المشحونة التي غيرت بشكل جذري البيئة الداخلية للخلية. وبعد 90 دقيقة، أزال الاستقطاب 40٪ من البكتيريا بهذه الطريقة.